عربي ودولي

لقاء نتنياهو وترامب ... بداية محسوبة لحملة رئيس الوزراء الإسرائيلي الانتخابية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عندما يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا يبدو المشهد مجرد محطة ديبلوماسية، بل بداية محسوبة لمعركة سياسية مقبلة. فالعلاقة الخاصة مع ترامب تتحول مجدداً إلى رافعة أساسية في حسابات نتنياهو الانتخابية.

بالنسبة لنتنياهو، يمثل اللقاء مع ترامب في مارالاغو الخطوة الأولى في حملته لإعادة انتخابه في عام 2026، والتي من المقرر أن يلعب فيها الرئيس الأميركي دوراً رئيسياً. من المقرر رسمياً أن تجري إسرائيل انتخابات في تشرين الأول/أكتوبر 2026، برغم أن هذا الجدول الزمني قد يتغير ويحصل في وقت أقرب، إذ إن هناك تهديدين مباشرين يلوحان في الأفق على تحالف نتنياهو: أزمة التجنيد الإجباري للأرثوذكس المتشددين وموعد انتهاء الموازنة في آذار/مارس المقبل. وكلاهما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة.

ويقول الباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع، لـ"النهار"، إن "الزيارة تُقدِّم لنتنياهو مشهد القائد العالمي القادر على النفاذ إلى مركز القرار الأميركي في لحظة حسّاسة، وهو ما يحتاجه في ظل هشاشة وضعه الداخلي، وتراكم أزماته القضائية والسياسية".

ويضيف أن "اللقاء في المقرّ الخاص لترامب وليس في البيت الأبيض يوظَّف رمزياً لإظهار علاقة شخصية مباشرة، تُترجَم داخلياً إلى رصيد شرعية وقيادة لدى جمهور اليمين. كما أنّ جدول الأعمال المُعلن (غزة/المرحلة الثانية/القوة الدولية/إيران/سوريا) يسمح لنتنياهو بإعادة تقديم نفسه كصانع مسارات لا كمدير أزمة، حتى وإن كان مضطراً لتنازلات. إذ يجري تسويقها كتفاهمات كبرى بوساطة أميركية، لا كإملاءات".

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور نبيل خوري لـ"النهار": "بالطبع، يمكن لنتنياهو توظيف زيارته الولايات المتحدة واللقاء مع ترامب، في معركته الانتخابية، لكن موضوع الزيارة يتعلق بمسائل جوهرية، مثل مسألة غزة وكذلك الضفة الغربية وملفي إيران وحزب الله وجنوب لبنان. ذلك أن نتنياهو يريد، على ما يبدو، أن يحصل على مصادقة أميركية لسياسة الأمر الواقع في غزة، وما تعنيه من احتمال تكريس التوسع الحدودي داخل القطاع تحت ذريعة المنطقة الأمنية... ويريد غطاءً ولو ضمنياً للسياسة الإسرائيلية في منطقة القرن الأفريقي، لا سيما بعد الاعتراف الأحادي الجانب بدولة 'أرض الصومال'، وكذلك للانتهاكات المستمرة في الضفة أو في لبنان، وصولاً إلى فتح مسار تهجير الفلسطينيين".

ويشير خوري إلى أن "ثمة تباينات بين نتنياهو وإدارة ترامب"، ويضيف: "على الرغم من أن أكثر ما يهم نتنياهو يتمثل في مدى تأييد الناخبين الإسرائيليين لتوجهاته وتطلعاته، إلا أنه يحتاج أيضاً للتفاهم مع ترامب. وعليه، إذا نجح نتنياهو في إدارة الخلافات مع الرئيس الأميركي، يمكنه بالتالي خوض المعركة الانتخابية بأريحية أكبر. لهذا، يجد نتنياهو نفسه أمام الحاجة لتجنب إثارة غضب ترامب الذي هو مجبر على التوفيق بين دعم إسرائيل من جهة، ومراعاة المصالح الأميركية مع بقية الحلفاء في المنطقة، مثل مصر والسعودية وقطر وتركيا، ما يحول دون مصادقته على كامل أجندة نتنياهو الإقليمية".

ويتابع: "كلما نجح نتنياهو في السير المتوازي في مسارين: أولاً، مراعاة حساسيات ترامب من خلال عدم تجاوز بعض الخطوط الحمر،؛ ثانياً، في الحفاظ على سياسته العدوانية والمتطرفة، كلما حافظ على توازن ملائم له في الانتخابات".

لقد نجحت حكومة نتنياهو السادسة في تجاوز اضطرابات غير عادية، بدءاً من الإصلاح القضائي عام 2023 الذي دفع مئات الآلاف إلى النزول إلى الشوارع، مروراً بهجوم "حماس" في 7 أكتوبر 2023 الذي أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وصولاً إلى الحرب الطاحنة التي تلت ذلك، والتي تركت إسرائيل معزولة ديبلوماسياً ومنقسمة بشدة.

ومع ذلك، صمد نتنياهو. فقد استمر ائتلافه لفترة أطول من أي حكومة إسرائيلية أخرى خلال السنوات الست الماضية، ما منحه الوقت لاستعادة قوة إسرائيل الرادعة في المنطقة، مع تفادي إجراء تحقيق جدي في عملية صنع القرار التي سبقت الإخفاق الأمني غير المسبوق في 7 أكتوبر.

وتظهر استطلاعات الرأي أن ائتلافه لا يصل إلى الأغلبية المطلوبة في الكنيست للحكم. يبدو أن استراتيجيته لإعادة انتخابه تعتمد على حساب بسيط: الابتعاد قدر الإمكان عن فشل 7 أكتوبر، والاعتماد على ترامب للمساعدة في صناديق الاقتراع.

يقول محللون إسرائيليون إن ترامب محورياً في استراتيجية إعادة انتخاب نتنياهو، إذ إن هناك سوابق لهذا التحالف. خلال الدورات الانتخابية المضطربة في إسرائيل في 2019-2020، ملأ حزب الليكود شوارع إسرائيل بلوحات إعلانية تظهر ترامب ونتنياهو يتصافحان. وقام ترامب بإيماءات رمزية في منعطفات حاسمة من الحملة: الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في 2019، والكشف عن خطة سلام فلسطينية سابقة في 2020، وقيادة اتفاقيات أبراهام.

وفي الآونة الأخيرة، دافع ترامب عن حملة العفو عن نتنياهو، وناشد علناً الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بشأنه خلال خطاب ألقاه في الكنيست في تشرين الأول/أكتوبر.

يقول مصدر مطلع في حزب الليكود إن نتنياهو ناقش استضافة ترامب خلال حملته الانتخابية، مستنداً إلى شعبية الرئيس الأميركي العالية لدى الإسرائيليين. فقد أظهر استطلاع لـ"غالوب” أن تأييد القيادة الأميركية يبلغ 76% مقابل 40% فقط للحكومة الإسرائيلية، فيما عزز وقف إطلاق النار في غزة صورة ترامب في البلاد.

وبحسب تقديرات إسرائيلية، ستركز حملة نتنياهو على إنجازات ديبلوماسية محتملة مثل توسيع اتفاقيات أبراهام والتطبيع مع السعودية وإعادة تشكيل الشرق الأوسط، برغم أن هذه الأهداف لا تزال بعيدة المنال. فوقف النار في غزة هش، ولا ترتيبات واضحة لحكم القطاع أو لنزع سلاح "حماس"، كما تبقى مسارات التطبيع الإقليمي متعثرة.

إقليمياً، تتفاقم التناقضات في سوريا ولبنان، فيما تظل إيران مصدر القلق الأبرز لإسرائيل. ففي سوريا، يتناقض تقبل ترامب لنظام الشرع مع عزم إسرائيل على الحفاظ على منطقة عازلة. وفي لبنان، تضغط واشنطن من أجل الديبلوماسية، بينما تشك تل أبيب في قدرة بيروت على كبح جماح "حزب الله" من دون عملية عسكرية.

لا تزال غزة هي الساحة الأكثر توتراً من الناحية السياسية، حيث يسعى ترامب إلى إحراز تقدم في المرحلة التالية، بينما يواجه نتنياهو قيوداً من تحالفه اليميني الذي يقاوم أي انسحاب إضافي.

يسعى نتنياهو إلى توظيف صورة التحالف مع ترامب، ما قد يمنحه زخماً سياسياً إضافياً، لكن الاختبار الحقيقي سيبقى داخلياً، صناديق الاقتراع ستبقى رهناً بذاكرة الإسرائيليين وصوتهم، وحدها القادرة على حسم النتائج.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا