جابر يلتقي بدران ويؤكد حرصه على دعم الجامعة اللبنانية وتطويرها
وثيقة سرية لحماس... كُتبت قبل أقل من شهر من 7 أكتوبر!
كشف تقرير عُرض ضمن "النشرة المركزية" على منصة N12 الإسرائيلية، من إعداد الصحافي أوهَد حمو، ونُشر بتاريخ 29 كانون الأول 2025، عن وثيقة داخلية لحماس مؤلفة من 11 صفحة كُتبت قبل أقل من شهر على هجوم 7 تشرين الأول، وتقدّم قراءة منظّمة لكيفية تقييم قيادة الحركة لسياسة إسرائيل في غزة، ولماذا اعتبرت أن اللحظة باتت مناسبة لكسر "قواعد اللعبة".
ويستهل التقرير بسياق يقول إن عامين مرا منذ الصباح الذي "انهارت فيه الحقيقة الإسرائيلية" وانكسر فيه ما بدا حدودًا غير قابلة للاختراق، فيما بقيت أسئلة ثقيلة بلا إجابة: كيف لم تُقرأ الإشارات؟ وكيف لم تُربط القرائن رغم أنها كانت، وفق صياغة التقرير، "مكتوبة على الجدار" بل وعلى سياج القطاع؟ والسؤال الأكثر إيلامًا: ما الذي أقنع حماس بأن هذا هو التوقيت الصحيح لشن الهجوم الذي غيّر كل شيء؟
وبحسب التقرير، فإن الوثيقة كُشف عنها خلال الحرب وقدّمت للمرة الأولى على "النشرة المركزية" كـ"نافذة نادرة ومزلزِلة" إلى طريقة تفكير من وصفهم التقرير بـ"مهندسي المجزرة" يحيى السنوار ومحمد الضيف. ويقول التقرير إن من كتبها هم عناصر استخبارات في حماس قدّموا للقيادة، قبل أقل من شهر من الهجوم، تحليلًا ممنهجًا لسياسة إسرائيل في قطاع غزة.
وتورد الوثيقة، بحسب ما نقل التقرير، خلاصة مركزية مفادها أن "السياسة العامة للعدو لم تتغير"، وأنها تركز على إضعاف حماس "لكن دون إسقاط حكمها". وتضيف، وفق الاقتباس الذي عرضه التقرير: "رئيس الحكومة نتنياهو لم يرفع يومًا شعار أو هدف إسقاط حماس لأنه يدرك الثمن الباهظ، ولذلك ينصب التركيز على إدارة الصراع والحفاظ على الردع".
وفي سياق تفسير ما تعنيه هذه القراءة، نقل التقرير عن الضابط (احتياط) يهوناتان دحّوح هليفي، الباحث في "المركز الأورشليمي للشؤون الخارجية والأمن"، قوله إن هجوم 7 تشرين الأول "وُلد" عمليًا منذ عام 2014. وبحسب هليفي، فإنه عندما أنهت إسرائيل بناء العائق الذي كان هدفه إحباط الأنفاق العابرة للحدود، عدّلت حماس خطتها وانتقلت إلى سيناريو هجوم بري بدل الاعتماد على الأنفاق.
كما نقل التقرير عن العميد (احتياط) عيران أورطال، القائد السابق لمركز "دادو" للتفكير العسكري متعدد المجالات، تشكيكه في مقولة إن "الكتابة لم تكن على الجدار". وقال، وفق ما عرضه التقرير، إنه تفاجأ بحجم "المفاجأة"، معتبرًا أن تصوّر الهجوم على الداخل الإسرائيلي كان واضحًا منذ 2014، وأن من كان يتابع التلفزيون رأى تدريبات "النخبة" على استخدام الدراجات النارية كقوة اقتحام قادرة على التقدم حتى بئر السبع، حتى وإن لم تكن الأحجام آنذاك بحجم ما ظهر في تشرين الأول 2023. ويضيف التقرير أن أورطال رأى أن قوة النخبة بُنيت أساسًا لغرض الهجوم على الداخل.
ويتابع التقرير بأن المسار الذي قاد إلى 7 تشرين الأول يمكن تتبّعه عبر محطات اعتبرها مفصلية، وفي مقدّمها عملية "الجرف الصامد" عام 2014 بوصفها نقطة بداية، ثم "مسيرات العودة" بعد سنوات، حيث تحوّل السياج الحدودي إلى "حقل تجارب" عملي. وينقل التقرير عن هليفي قوله إن ما بدا في نظر إسرائيل "أعمال شغب على السياج" كان عمليًا اختبارًا لمعرفة نوع العبوات وكميّة المتفجرات اللازمة لاختراق السياج.
ثم يتوقف التقرير عند محطة "سيف القدس" (اسم "حارس الأسوار" في خطاب حماس)، وينقل من الوثيقة نفسها أن هذه الجولة شكّلت "كسرًا للنمط المتكرر"، وأن تشغيل القوة العسكرية من غزة أدى إلى "تحفيز سلسلة مقاومة شعبية ومسلّحة" في كل فلسطين وخارجها. وبحسب التقرير، فإن استنتاج الكاتبين كان أن غزة تحوّلت إلى "فتيل" قادر على إشعال ساحات متعددة، وأن الطريق إلى 7 تشرين الأول باتت أقصر.
ويقول التقرير إن الوثيقة تنتهي بتوصية مباشرة لقيادة حماس بأن "تدير الصراع مع العدو بشكل غير متوقع" لتحقيق كسر النمط ووضع قيادة العدو في حالة "لا يقين". وينقل التقرير أن من حلّلوا الوثيقة، التي نُشرت كاملة وفق التقرير في "مركز المعلومات للاستخبارات والإرهاب على اسم اللواء مئير عميت"، اعتبروا أن اجتماع عاملين: إسرائيل التي لا تريد إسقاط حكم حماس، مع دعوة حماس إلى فعل غير متوقع، قدّم للسنوار والضيف "تأكيدًا" على فرص نجاح هجوم 7 تشرين الأول، الذي نُفّذ بعد نحو شهر فقط من كتابة الوثيقة.
ويضيف التقرير طبقة أخرى لا يقدّمها كاستخباراتية فقط، بل ثقافية ونفسية، تتعلق بشخصية السنوار وبالصراعات الداخلية.
وهنا ينقل التقرير عن الدكتورة رونيّت مرزان، الباحثة في شؤون المجتمع والسياسة الفلسطينية في "مجموعة تمارور" وجامعة حيفا، قولها إن فهم "سيكولوجيا القادة" قد يفتح أحيانًا بابًا لتفسير قرارات تاريخية كبرى. وتشرح مرزان، كما ورد في التقرير، أن هناك "جروحًا" مرتبطة بما سمّته "الرجولة المجروحة" لدى السنوار، في إطار مجتمع محافظ تُلقى على الرجل فيه ثلاثة "فرائض" أساسية: إنجاب الأطفال، إعالة الأسرة، وحمايتها. وتقول، وفق النص المعروض في التقرير: إن السنوار "فشل" في هذه الثلاثية: لم يحمِ سكان غزة، ولم يعِلهم، وأنجب 3 أطفال فقط.
وترى مرزان، بحسب التقرير، أن شعورًا طويلًا بالإذلال على المستويين الشخصي والوطني، إضافة إلى المقارنة مع إسرائيل "القوية والدومينانت"، وأيضًا مع "الجهاد الإسلامي" الذي أخذ زمام القيادة في مراحل معينة، كلها عناصر عمّقت هذا الإحساس.
ويشير التقرير إلى أن هذا تزامن مع اتهامات داخلية وإعلامية للسنوار بأنه أصبح "متعاونًا"، حتى وهو المعروف بأنه "صياد المتعاونين" في غزة، وقد أسس جهازًا داخليًا لملاحقة المتهمين بالتعاون وقتل كثيرين منهم بيده، وفق ما يرد في التقرير.
وينقل التقرير عن مرزان مثالًا على ذلك عبر إشارة إلى رسم كاريكاتوري في وسيلة إعلام قطرية صوّر السنوار جالسًا ظهرًا لظهر مع محمود عباس ويقومان بسحق "الجهاد الإسلامي"، فيما تظهر إسرائيل في الأعلى وهي تسحق التنظيم، في رسالة تقول مرزان إنها كانت "واضحة" للسنوار.
ويضيف التقرير أن السنوار رأى في مرحلة لاحقة منافسًا من داخل الحركة، إذ نقل عن مرزان قولها إن السنوار شاهد خصمه الكبير صالح العاروري في لبنان يرتدي زيًا عسكريًا لأول مرة في حياته وبجانبه سلاح، بما يحمل رسالة مفادها أن "منافسًا نهض" في وجهه.
كما تشير، وفق التقرير، إلى أن السنوار سمع عن منافس آخر هو خالد مشعل يبحث في الدوحة عن "قيادة جديدة" للفلسطينيين، معتبرة أن صراعات الداخل داخل حماس كان لها دور في دفع السنوار أكثر فأكثر باتجاه 7 تشرين الأول.
وفي البعد العسكري المتصل بـ"الخداع" قبيل الهجوم، ينقل التقرير عن هليفي قوله إن خطة خداع بدأت مطلع عام 2022، حيث شهدت السنوات التي سبقت الهجوم جولات قتال تركزت بين إسرائيل و"الجهاد الإسلامي" وحده، وجرى تسويق ذلك في الرؤية الإسرائيلية على أنه دليل ردع لحماس وعدم رغبتها بالمشاركة، بينما كان ذلك جزءًا من "استراتيجية" تهدف إلى إبقاء التحضيرات للخطوة الكبرى بعيدة عن الأنظار.
ويستحضر التقرير أيضًا ما يسميه "خطاب حقائب المال القطرية" الذي أثار جدلًا وقدم السنوار كمن "باع" القضية مقابل المال، وتقول مرزان، وفق ما نقل التقرير، إن السنوار أرسل في الخطاب رسائل تهديد مبطنة واستشهادات، وترى أن على إسرائيل كان ينبغي أن تكون أكثر انتباهًا لما كان يقوله.
وعلى الجانب الإسرائيلي، يوسّع التقرير الحديث إلى ما يسميه "الكُنسبتسيا" التي انهارت. ويقول إن الجيش الإسرائيلي عرّف خصومه منذ 2019 بوصفهم "جيوش إرهاب"، أي قوى منظمة ومسلحة ذات قدرة هجومية واسعة، لكن عمليًا استمرت بالترسخ قناعة بأن حماس ضعيفة ومرتدعة وتفضّل التهدئة والتسوية على مواجهة شاملة.
ويضيف التقرير أن هناك من حذّر داخل المنظومة قبل الهجوم من تفكير جامد وافتراضات مسبقة، ومن الاعتقاد بأن العدو "لن يجرؤ"، ومن ثقة زائدة بأن مركز الثقل في المعلومة يوجد دائمًا في غرف القيادة لا في الأطراف.
وبحسب التقرير، فقد تمركزت القوة في المقرات ومراكز السيطرة والمعرفة، بينما كانت أصوات الأطراف—مراقبات، مقاتلون، قادة صغار—تجد صعوبة في اختراق طبقات "الأمان" التي وفرتها الافتراضات المبكرة، ما خلق ثقافة تقول إن "من فوق يعرف أكثر"، وباتت مساحة التشكيك في فرضيات أساسية محدودة.
ويخلص التقرير إلى أن حماس، في المقابل، لم تُخفِ تدريباتها: مناورات اقتحام واسعة، سيطرة على مواقع وبلدات، أخذ أسرى، تدريب على خرق العائق، قيادة مركبات، هجوم على مواقع—كل ذلك جرى توثيقه ونشره. لكن القدرات، وفق التقرير، لم تُترجم إلى "نوايا" في نظر الاستخبارات الإسرائيلية، وهنا تمامًا "جلست" الكُنسبتسيا.
ويتحدث التقرير عن فجوة بين معرفة تقديرية بحجم قوة حماس—عشرات آلاف المسلحين، قوة نخبة مدرّبة، قدرات اقتحام معقدة—وبين "الاستجابة الدفاعية الضعيفة" على طول الخط، حيث تغلب افتراض الردع وغياب المصلحة في التصعيد على كل إشارة مقلقة.
ثم يشير التقرير إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قبيل تشرين الأول أكثر تركيزًا على البناء الهجومي—جمع الأهداف، إعداد بنك أهداف، قدرة النار الجوية—وأقل تركيزًا على السؤال البسيط والحاسم: هل نحن على أبواب حرب؟
وبحسب التقرير، ففي الليل الذي سبق الهجوم، اطّلع آلاف العناصر على الخطة، ومع الفجر طُلب منهم إحضار السلاح. ورغم "الضجيج" الكبير من معلومات وتحركات واستعدادات، لم تتحول المؤشرات إلى إنذار واضح في مكان اتخاذ القرار.
ومع بزوغ الصباح، انهارت الكُنسبتسيا، ومنذ تلك اللحظة لم يعد شيء كما كان، وبقي السؤال مفتوحًا: ليس كيف حدث ذلك فقط، بل لماذا كانت كل العلامات موجودة، ومع ذلك لم تُربط لتصبح تحذيرًا واحدًا صريحًا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|