"أملاً للمستضعفين في العالم"… قاسم يشيد بصمود إيران ودور المقاومة
فخ الـ " 85% من المودعين"... كيف يغتال "الفجوة" ما تبقّى من ثقة بالنظام المصرفي؟
في الوقت الذي يتطلّع فيه الشعب اللبناني بيأس تجاه أي بصيص أمل في استعادة أمواله المجمّدة في المصارف منذ العام 2019، أتت المادة 15 في مشروع قانون "الفجوة المالية"، والتي تتحدّث عن توحيد الحسابات أو المودع الواحد، لتُنذر بخطر كبير.
هذا الإجراء الذي يبدو إجراءً شكلياً، ستكون له عواقب وخيمة، لأنه يُعيد هيكلة الودائع بشكل غير قانوني، وينقل مخاطر إنهيار النظام المالي والسياسي إلى المودعين أنفسهم، ويُعفي الدولة من أعبائها تجاه المصرف المركزي والمصارف التجارية.
ووفقًا لأستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة، فإن الثقة في أي نظام مصرفي لا تقوم فقط على الإلتزامات، بل على قابلية التنبؤ بقواعد اللعبة الإقتصادية وإتساقها". ويشير البروفسور عجاقة في حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، عن أن المودعين، ومن خلال توزيعهم الحسابات على عدّة مصارف، لم يكونوا "يُغامرون أو يُقامرون، بل كانوا يُطبّقون أحد أهم مبادئ إدارة المخاطر، وهو التنويع".
إلاّ أن عجاقة يوضح أنه، ومن خلال تطبيق مبدأ "توحيد الحسابات" بأثر رجعي، كما نصّ مشروع القانون، "يُغيّر واضعو السياسات، قواعد اللعبة بعد انتهاء هذه الأخيرة، وبالتالي يجد المودع الذي وزّع مدّخراته في حسابات مصرفية متعددة لضمان بقائها ضمن الحدود الآمنة، أنه أصبح الآن مودعاً كبيراً لا يتمتع بالحماية المعطاة لصغار المودعين، مع أن قيمة كل حساب هي أقل من قيمة الوديعة المضمونة، فهذا عقاب على الحذر لا على الإهمال!"
وفيما يميل المسؤولون إلى القول بأن مشروع القانون سيحمي 85% من المودعين، فإن التحليل يُظهر أن هذه النسبة في الحقيقة "مغالطة إحصائية"، كما يشير عجاقة الذي يرى أنها تستند إلى عدد الحسابات لا إلى عدد الأفراد، فبعد تطبيق مبدأ "توحيد الحسابات"، ستُصبح شرائح واسعة من الطبقة المتوسطة، أي آلاف المودعين الذين أودعوا مدخراتهم في حسابات متعددة، ضمن فئة المتضررين بشكل مباشر، لأن إجمالي ودائعهم أصبح يتجاوز الـ 100,000 دولار أميركي، مما سيؤدي إلى انخفاض نسبة المودعين المستفيدين من الحماية إلى أقل من 60% وليس 85%، أي أن "القانون لا يُنقذ صغار المودعين، بل يُقدّم لهم أرقاماً مُضلّلة ومُنمّقة لإرضاء صندوق النقد الدولي، على حساب الطبقة الوسطى."
لكن الأخطر من هذا التأثير القصير المدى، هو الإشارة التي يُرسلها هذا الإجراء بشأن المستقبل حيث أصبح السؤال وفق عجاقة: "هل يُمكن للقانون توحيد الحسابات بأثر رجعي؟ وما الذي يضمن عدم تغيّر شروط السحب أو تخفّيض معايير أهلية الحسابات غداً؟".
وهذا الشك المُبرّر، بحسب عجاقة، يُقوّض ما تبقى من ثقة، فعندما تبدو "التشريعات المالية مرنة لدرجة أنها لا تتأثر بالعقود بل تُوجَّه بمصالح الدولة المتغيّرة، لن يكون هناك أي دافع لإيداع دولار واحد في النظام المصرفي، حتى ولو كانت المصارف جديدة!"
ترسيخ الإقتصاد النقدي
وعن النتيجة، يقول عجاقة: إنها "ترسيخ اقتصاد نقدي بحت، حيث تُلغى القروض ويتوقف الإستثمار ويصبح النمو الإقتصادي من الماضي".
في المحصلة، يخلص عجاقة إلى أن قانون الفجوة بصيغته الحالية "لا يُمهد الطريق للتعافي، بل يُعمِّق الهوة بين المواطن والدولة، وبدلاً من معاقبة المسؤولين عن الكارثة، يُعاقب الأبرياء، لأن استعادة الثقة الحقيقية لن تتحقق من خلال إحصاءات مُضلِّلة، أو حتى من خلال إجبار المودعين على تجميع حساباتهم، بل من خلال اعتراف الدولة الصريح بمساهمتها المباشرة في الفجوة المالية، ومن خلال احترام الحقوق التي منحها العقد للمواطنين عندما وضعوا مدّخراتهم في المصارف، لا من خلال تشريعات تُصاغ اليوم لحماية من فشلوا في اختبار الأمس".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|