حين تصبح "تكنولوجيا الموت" سيّدة المشهد… السرد في مواجهة الصواريخ

نشرت صحيفة إل باييس الإسبانية تقريرًا فكريًا خلصت فيه إلى أنّ العالم يعيش زمنًا يُؤلَّه فيه ما سمّته “تكنولوجيا الموت”، معتبرة أنّ ما تبقّى في مواجهتها هو فعل واحد: السرد. ورأت أنّ الكلمة “الأقوى من الصاروخ” ليست سوى كلمة الرفض الجماعي والشهادة الصادقة على الواقع، بوصفها نداءً لعدم الاستسلام للخراب وإيمانًا بأنّ الكلمة الأمينة تظل الحاجز الأخير أمام انزلاق العالم إلى نهايته المحتومة.

وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته عربي21، إنّ القوائم التي نُشرت مؤخرًا كشفت عن تنوّع مذهل في أصناف الصواريخ، من صواريخ “كروز” الجوالة، إلى الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، وصولًا إلى الصواريخ العابرة للقارات. وأشارت إلى أنّ بعضها صامت وبعضها مدوٍّ، فيما تشق أخرى السماء عاليًا، راسمة “حنجرة” أنيقة من نار، قبل أن تهوي على المدن، مدمّرة مبانيها وساحاتها ومقاهيها ومدارسها ومسارحها ومرائبها ومستشفياتها.

وأضافت الصحيفة أنّ هناك صواريخ تنفجر في الجو ناشرة الشظايا، وتخلّف فجوات في الأرض كأنها نيازك هبطت من الفضاء، ومنها ما يطير منفردًا، ومنها ما يحطّ مصحوبًا بأسراب من الطائرات المسيّرة.

ولفتت إلى أنّ بعض الصواريخ يتوهّج بالأزرق وبعضها بالأخضر، وأنّ منها ما يأتي ليلًا حين تنطفئ أضواء المدن، ومنها ما يضرب عند الفجر بينما تتصاعد أبخرة القهوة من الفناجين. وأشارت إلى وجود صواريخ تبحث عن صفوف المنتظرين على أرصفة القطارات، وأخرى تتجه إلى أماكن يمدّ فيها الأطفال أذرعهم طلبًا لما يسمّونه “حساءً”، مؤكدة أنّ هذه الأجهزة صُمّمت لتؤدي عددًا لا يُحصى من أشكال الفتك.

وأوضحت الصحيفة أنّ المعطيات كلّها تؤكد تحوّل “الصاروخ” إلى رمز وعنوان لعام 2026، إذ بات التسلّح الصاروخي شرطًا أساسيًا للدول الساعية إلى تثبيت حضورها على الخارطة الدولية، وإلا وجدت نفسها خارج حسابات القوى.

وفي لهجة تهكّمية، تساءلت الصحيفة عن نصيب دول مثل موناكو أو لوكسمبورغ من هذا التسلّح، لتخلص إلى أنّ أبعد نقطة في الكوكب لم تعد بمنأى عن هذا الخطر، فإمّا تحوّلت إلى مخازن لهذه الأسلحة، أو باتت أهدافًا مباشرة لصواريخ موجّهة نحو تلالها.