مسيحيو لبنان يتحضرون للميلاد ...أغنياء يقدّمون أرفع أنواع الهدايا للأغنياء مثلهم ويكتفون بإلقاء فضلاتهم للفقراء
هل تقبل بالسيّد المسيح إلهاً لك، إذا طالبك بالتخلّي عن 5 ملايين دولار من حساباتك المكدّسة؟
قد يكون سؤالاً مُفيداً جدّاً، إذا طرحته بعض "النّفوس المسيحية" على ذواتها، قبل أن "تنعجق" بالتحضيرات للاحتفال بليلة ميلاد المسيح.
مؤسف أن المسيحيّين عموماً، وليس الأثرياء منهم فقط، يتحضّرون لميلاد المسيح تماماً كما لو كانوا مثل سائر الأمم التي تعيّد أعيادها بالطعام والشراب واللّباس...، وبطلاق تامّ مع حقيقة أن المسيح ليس احتفالاً بعيد، بل هو سرّ يتكرّر بمفاعيله التامّة والحيّة، منذ الأزل، وحتى انقضاء الدّهر.
وبعيداً من اللاهوت، يبدو صاعقاً أن المسيحيّين بمعظمهم، لم يتعلّموا شيئاً من أحداث السنوات الأخيرة، ولا من خبراتها. وهم عاجزون عن تلمُّس يد الله فيها، كنداء إلهي موجَّه الى البشر، لحثّهم على تغيير حياتهم.
وبالتالي، ينظر المسيحيّون ولا يرَون، كما أنهم يسمعون ولا يفهمون، حتى لا يرجعوا الى المسيح، فيشفيهم. ومن نتيجة ما سبق ذكره، احتفالات تحضيرية بالميلاد عبر الريسيتالات، و"تجميع" المدعوّين إليها، وزحمات السّير والأسواق (بمعزل عن حركة البَيْع والشراء، فنحن نتحدّث عن المبدأ)... تماماً كما لو أن لا شيء فعلياً تغيّر ويتغيّر في هذا العالم، وهو يضعنا أمام ما قاله السيّد المسيح عن المجاعات، والأوبئة، والحروب، والإشاعات عن الحروب، والأمّة على أمّة، والمملكة على مملكة... التي ستحصل قبل انقضاء الدّهر.
فالمسيحيون يتعاملون مع الحرب العالمية في أوكرانيا على أساس أن "ما نحن انعمل فينا هيك كمان بلبنان"، أي بطريقة سخيفة جدّاً، وكما لو أن لا جديد تحت الشمس. كما أنهم يستسهلون زمن المجاعات، والاحتلالات، والحروب، والأوبئة، والأمراض، والسلوكيات البربرية التي نعيشها اليوم، أي ليس في القرن الخامس، أو العاشر، بل في زمن التطوّر الطبي والعلمي الهائل. فما سبق ذكره كان رائجاً قبل أزمنة التطوُّر، والثورات الصناعية والتكنولوجيّة، وسيادة القوانين... وهو يعاودنا اليوم بما يبيّن لنا بالملموس أن كل ما على الأرض، قديماً أو حديثاً، وكل ترتيبات حكام العالم، عاجزة عن الخروج من المسيح، وممّا حذّرنا منه مُسبَقاً.
وهكذا، يتحضّر المسيحيون للاحتفال بميلاد لا دخل للسيّد المسيح به، وهي تحضيرات قلوب "غليظة"، ومُغلَقَة عن النّعمة الإلهية المقدّسة. تحضيرات نفاقيّة، تقوم على تقديم الأغنياء أرفع أنواع الهدايا للأغنياء، وأكثرها قيمة، والتي لا يحتاجها هؤلاء الأغنياء مثلهم، فيما يكتفون بإلقاء فضلاتهم، وفضلات فضلاتهم للفقراء، تحت ستار "عمل الخير"، و"يا حرام شو في فقرا بهالدّني".
كما يتحضّر بعض المسيحيّين لميلاد لا دخل لله به، وبقلوب حذّرنا السيّد المسيح منها، ومن "غلاظتها"، ومن أنها تشبه تماماً تلك (القلوب) التي كانت في الأيام التي سبقت الطوفان في أيام نوح، وهي قلوب الذين يأكلون، ويشربون، ويتزوّجون، ويزوّجون بناتهم، الى اليوم الذي يأتي فيه الطوفان، فيجرفهم كلّهم.
فها ان المسيحيّين اليوم، يأكلون ويشربون، و"يغرفون" الأموال في كل مكان، وفي دول وبلدان ينكرون السيّد المسيح فيها يومياً، وفي كل دقيقة، إما بالخوف من فقدان رواتب الـ 50 والـ 100 ألف دولار الشهرية التي يحصلون عليها هناك، أو عبر التباهي بصداقاتهم مع هذا الفلان أو الفلان، الذي "يمرّغون" إسم السيّد المسيح بالوحل أمامه، بسلوكياتهم، وبإظهار فقدانهم لشرف إيمانهم، بأشكال وأنواع متعدّدة، نخجل من ذكر ولو بعضها حتى.
وها ان بعض المسيحيّين يحتفلون بميلاد لا دخل للسيّد المسيح به، بعدما تضاعفت ثرواتهم خلال أزمنة الضّيق كثيراً، وتضاعفت حساباتهم المصرفيّة الهائلة (أصلاً)، سواء في بعض المصارف الأوروبية، أو غير الأوروبية. فهناك كنوزهم، وهناك قلوبهم، ولا دخل لهؤلاء بالسيّد المسيح، حتى ولو قدّموا بعضاً من أموالهم لتشييد الكاتدرائيات، والمذابح، أو لترميم الكنائس...
ولا يُمكن لهؤلاء أن يستعيدوا النّعمة في حياتهم، إلا إذا شابهوا زكا العشار، الذي اعترف للمسيح بسرقاته أمام الناس كلّهم، ومن دون خجل، والذي تاب عنها بإعطائه الفقراء نصف أمواله، وبالتكفير عن ظلمه للآخرين بردّ ما أخذه منهم بنسبة أربعة أضعاف. وهو بذلك تخلّى عن كل أمواله "الغاشّة"، واستحقّ ما قاله له المسيح "اليوم حصل الخلاص لهذا البيت".
ما أقبح بعض المسيحيّين الذين يسخرون من الكنيسة، ومن لائحة الخطايا المميتة التي تشمل "الثّراء الفاحش"، مُتجاهلين حقيقة أنه لا يُمكن لصاحب أنشطة شرعيّة أن يكون "فاحش الثّراء"، وأن "الثّراء الفاحش" هو ثمرة خطايا، وأعمال وأنشطة غير شريفة.
فهؤلاء يدعّمون سخريتهم في العادة بالحديث عن بعض رجالات الكنيسة من أصحاب مظاهر "الثّراء الفاحش". ولكنّهم يتناسون أن الفئة الأخيرة تشبههم، ولا تمتّ الى السيّد المسيح بصِلَة، وأنها لن ترقد على رجاء القيامة والحياة إن لم تَتُب عن خطاياها.
فلهؤلاء كلّهم نسألهم: هل يبقى السيّد المسيح إلهاً لكم، إذا ظهر لكم في ليلة ميلاده، وطلب منكم أن تتخلّوا عن 5 ملايين دولار (لا أكثر) من أموالكم المكدّسة في خزائن بعض المصارف والمنازل، الباردة برودة القبور؟؟؟..
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|