دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
إردوغان يرسم "خارطة اتصال بسوريا".. ما الذي يمكن أن يقدمه نظام الأسد لتركيا؟
بعد جملة تصريحات لم تخلُ من عبارته الشهيرة "لا استياء وخلاف أبدي في السياسة" أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن أنقرة تريد تطبيع العلاقات مع دمشق، من خلال "اتصالات ثلاثية" تشمل روسيا، في رؤية سرعان ما تلقفتها موسكو بـ"إيجابية"، فيما لم يعلّق عليها النظام السوري.
وترتكز رؤية إردوغان التي طرحت كـ"خارطة طريق" على ثلاث محطات، الأولى بأن "تتحد منظماتنا الاستخباراتية"، ثم "يجب أن يجتمع وزراء دفاعنا"، وبعد ذلك أن "يجتمع وزراء خارجيتنا"، لتتكلل المحطة الثالثة بـ"الاجتماع كقادة"، في إشارة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
ومنذ أشهر كانت موسكو قد اتجهت للعزف على إيقاعات هذا المسار، مبدية على لسان كبار مسؤوليها استعدادها لجمع الأسد وإردوغان، والعمل ضمن إطار "الوساطة".
وفي حين أشار إردوغان للصحفيين، الخميس، إلى أن بوتين نظر إلى المقترح الثلاثي بـ"إيجابية"، أكد على ذلك، الجمعة، نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بقوله: "موسكو إيجابية للغاية بشأن فكرة الرئيس التركي"، معلنا من جانب آخر: "نجري الآن اتصالات مع أصدقائنا السوريين".
ورغم أن المسار الخاص بعمليات "إعادة التطبيع"، الذي تمضي به أنقرة منذ أكثر من سنة يرتبط بإطار عام، بمعنى أنه استهدف الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل، إلا أن طبيعة استئناف العلاقة مع النظام السوري "لها خصوصية استثنائية".
وترتبط هذه الخصوصية بعدة اعتبارات، وفق مراقبين، منها أن النظام السوري وبعد 11 عاما من الحرب في سوريا لا يزال "منبوذا دوليا"، من جهة، فيما لا يمتلك سلطة القرار العسكري والأمني الكامل على الجغرافيا السورية، والمنقسمة لمناطق نفوذ مختلفة، تتموضع فيها قوى محلية معارضة له وقوى دولية أيضا.
لكن ومع ذلك، تشير السياقات التي يتحدث من خلالها المسؤولون الأتراك إلى أن الهدف الرئيسي لأنقرة وراء النية في إعادة تطبيع العلاقات مع الأسد يرتبط بـ"مكافحة الإرهاب"، وضمان عودة اللاجئين بشكل "آمن"، ودفع مسار الحل السياسي في البلاد.
"على طرفي نقيض"
ولم يبد النظام السوري حتى الآن أي إشارات سلبية أو إيجابية، إزاء ما يردده المسؤولون في أنقرة، على رأسهم إردوغان، على عكس حليفته موسكو، والتي تؤكد على نيتها لعب دور "الوساطة"، دون أن تحدد أي أفق لما ستكون عليه العلاقة مستقبلا.
ومنذ سنوات طويلة لا يوجد أي اتصال سياسي بين أنقرة ودمشق، وكذلك الأمر بالنسبة للمسار العسكري، لكن الجانبان اتجها للخوض بمحادثات استخباراتية، تكشفت على نحو أكبر بعد عام 2019.
لتركيا قوات كثيرة داخل الأراضي السورية، في محافظة إدلب ومناطق ريف حلب ومناطق أخرى في شمال وشرق سوريا ضمن منطقتي تل أبيض ورأس العين، كما أنها تدعم عسكريا تحالفا مناهضا للأسد، هو "الجيش الوطني السوري".
وكذلك الأمر بالنسبة للشق السياسي، إذ تعتبر تركيا الملاذ الرئيسي لعمل ونشاطات الأجسام السياسية المعارضة للأسد، مثل "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، بينما تنخرط أنقرة في المحادثات الخاصة بالملف السوري، وتؤكد باستمرار رؤيتها للحل في البلاد، بموجب قرار مجلس الأمن 2254.
ما الذي يمكن أن يقدمه الأسد؟
وبالنظر إلى طبيعة هذه الملفات يرى مراقبون تحدثوا لـ"الحرة" أن أي عملية إعادة تطبيع لن تكون بالأمر "السهل"، رغم الدفع الكبير الذي تحاول من خلاله موسكو إحداث "خرق".
وبناء على ذلك تطرح تساؤلات عن الهدف الرئيسي الذي تريده أنقرة مما تمضي به؟ وعما إذا كان النظام السوري قادرا على تقديم أي شيء يصب في صالحها، ولاسيما أنه لا يزال يصف التواجد التركي في سوريا بـ"الاحتلال"، بينما يرفض الخوض بأي محادثات مباشرة مع معارضيه، إن كانت سياسية أم عسكرية.
يرى الباحث والصحفي التركي، ليفنت كمال، أنه "ليس لدى نظام الأسد ما يقدمه لتركيا. لا يمتلك شيئا من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية، وحتى أنه أغلق مؤسساته، بسبب الأزمة الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها عبء اقتصادي".
من الناحية الأمنية، وفي حين أن التعاون بين دمشق و"وحدات حماية الشعب/حزب العمال الكردستاني واضح، فإن تركيا ليس لديها ما تكسبه من ذلك"، وفق كمال.
ويوضح لموقع "الحرة": "من وجهة النظر هذه، لا يوجد حاليا ما يضمن أن تقدمه روسيا عبر سوريا. لا تعتبر موسكو حزب العمال الكردستاني، وبالتالي وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية".
"هي موقع وسيط بين دمشق والتنظيم. وبعبارة أخرى، سقطت تركيا في موقف لا يمكنها فيه أن تكسب شيئا من دمشق وموسكو"، حسب كمال.
من جهته، يقول أنطون مارداسوف، وهو محلل روسي وباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط إن "الموضوع الوحيد الذي يمكن أن يتحدث عنه نظام الأسد وأنقرة هو قوات سوريا الديمقراطية، وكل ما يتجاوزه غير ملائم لدمشق".
ويتابع في حديث لموقع "الحرة": "لأن ذلك ستترتب عليه مفاوضات حول وضع أراضي المعارضة، التي رغم أنها تعيش بشكل رسمي وفق القوانين المعتمدة في دمشق، فإنها ستطالب بتنازلات غير سارة للأسد".
ويشير مارداسوف إلى المرسوم التشريعي 107 المعتمد في دمشق عام 2011، والذي يعتبر "مصدر شرعية للمجالس المحلية المعارضة"، وفق تعبيره، بينما يوضح من جانب آخر أنه لا يرى حتى الآن "سوى مساومة وتوجها عميقا نحو التقارب بين دمشق وأنقرة، عبر خط الخدمات الخاصة".
وبالإضافة إلى ذلك، تنتهي آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود في يناير المقبل.
ويعتقد الباحث الروسي أن "المفاوضات بشأن هذه العملية وإمكانية إمداد السكان في إدلب مرتبطة بمسار المفاوضات بين روسيا وتركيا".
ماذا عن النظام؟
وفيما يخص النظام السوري، كان وزير خارجيته، فيصل المقداد، قد تحدث مؤخرا عما وصفها بـ"الاستحقاقات لا الشروط"، من أجل دفع أي عملية تطبيع مع أنقرة، مطالبا تركيا بالانسحاب من سوريا وألا تبقى في "ميليمتر واحد".
ولم يتحدث النظام في دمشق عن غير ذلك خلال الفترة الأخيرة، حتى أنه كرر موقفه من الجماعات المناهضة له سياسيا وعسكريا، مطالبا بوقف الدعم عنها أيضا.
المحلل السياسي المقيم في دمشق، غسان يوسف، اعتبر أن النظام السوري "يستطيع أن يقدم الكثير"، موضحا بالقول: "عندما كانت العلاقات جيدة كانت سوريا ممرا لتركيا إلى دول الخليج".
ويضيف لموقع "الحرة": "قد نكون أمام انفتاح اقتصادي تركي على سوريا، في حال تم التوصل لحل سياسي بين الدولتين".
"تستطيع أنقرة أن تكون مركز ثقل إقليمي كبير في المنطقة، خاصة أن علاقاتها مع دول الخليج تحسنت، وبالتالي هي بحاجة سوريا". ومع ذلك يعتقد المحلل السياسي أن العلاقات ستعود بين دمشق وأنقرة "لكن بشروط"، وأن "لكل دولة شروط معينة أصبحت واضحة للطرفين".
فيما يتعلق بالجهات التي المناهضة للأسد عسكريا وسياسيا، اعتبر يوسف أن "الدولة السورية لن تفاوض من لا يمسكون بالأوراق"، وأنه "في المستقبل ستتشكل حكومة وحدة وطنية فيها معارضة لم ترتهن للخارج"، مشيرا إلى أن "الدولة تريد إعادة اللاجئين، ولها باع طويل في إصدار العفو والمصالحات".
وتؤكد الأمم المتحدة أن سوريا لا تزال حتى الآن بلدا غير آمن لعودة اللاجئين، فيما توثق منظمات حقوق إنسان دولية استمرار أجهزة النظام السوري بعمليات الاعتقال الأمنية. كما انتشرت تقارير وتحقيقات خلال الفترة الأخيرة أثبتت ضلوع الأخير في عمليات قتل ممنهجة بحق معارضيه، في السنوات الأولى للثورة في البلاد.
علاوة على ذلك، تستمر دول غربية والولايات المتحدة الأميركية على موقفها من النظام السوري، فيما تواصل التأكيد على أن الحل في سوريا لا يمكن أن يتم إلا بموجب قرار مجلس الأمن 2254، وهو ما سبق وأن أكدت عليه أيضا الخارجية التركية.
"قد تلتقط صور"
وكما قال إردوغان يمكن أن تتحقق المرحلة التالية من خلال المفاوضات المتبادلة بين المؤسسات أولا: الوزراء ووكالات الاستخبارات.
بدوره يرجح الباحث التركي، كمال، أنه و"على المدى القصير، سيكون لقاء إردوغان مع الأسد بروبوغندا روسية مستعجلة".
ويوضح: "لأن الوزراء والمؤسسات الأخرى بحاجة إلى مناقشة الموضوع وعرضه على الرؤساء لتوضيح خطوط معينة. خلاف ذلك، فإن أي مقابلة مستعجلة ستكون فقط لالتقاط الصور".
ولا يوجد أي سبب واضح في الوقت الحالي، يقف وراء ما تحاول أنقرة البدء فيه، حيال العلاقة مع النظام السوري.
ويضيف كمال: "لإردوغان مصالح اقتصادية وإقليمية من السعودية والإمارات، لكن الأسد ليس لديه ما يقدمه". ويعتقد أن سبب هذا الموقف "هو تأثير المؤيدين لروسيا من الأوراسيين، الحليف الجديد لإردوغان"، وفق تعبيره.
أما الباحث الروسي، أنطون مارداسوف، يشير إلى أن "تركيا تخطط لإجراء عملية وتقدم خيارات يُنظر إليها بشكل إيجابي في الكرملين، تماما كما تقدم روسيا خيارات لتركيا لعدم إجراء عملية جديدة".
ويضيف: "لأن هذا سيتطلب موارد إضافية لموسكو أثناء إلهائها عن الحرب في أوكرانيا، ويعقّد حوارها مع قوات سوريا الديمقراطية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|