كان حلمًا فأصبح حقيقة... هذا ما فعلته قطر
كان حلمًا فأصبح حقيقة. قبل سنوات لم يكن أحد يصدّق أن هذه الدولة الصغيرة جغرافيًا قادرة على أن تثبت للعالم جدارتها في تقديم أفضل ما لديها. خاضت التحدّي بكل ثقة. لم تتردّد للحظة، بل سعت بكل مسؤولية وارادة وعزم على تحقيق هذا الحلم - المعجزة. وعلى رغم تشكيك البعض في قدرتها على انجاز ما انجز استطاعت دولة قطر أن تتحدّى جميع الذين لم يؤمنوا بأن بلدًا صغيرًا في حجمه يستطيع أن يحقق ما تعجز عنه الدول الكبرى. فلا المناخ كان عائقًا، ولا التعليقات المشكّكة حالت دون الوصول إلى الغاية المرجوة. وحدها الإرادة القوية كانت حاضرة.
على مدى شهر تقريبًا تابع العالم مباريات كأس العالم في كرة القدم، سواء من خلال النقل المباشر، أو من خلال الحضور المباشر. جمهور من 32 دولة حضر إلى الدوحة لتشجيع هذا الفريق أو ذاك. جمهور متعدّد الجنسيات والثقافات والحضارات والمعتقدات واللغات زار قطر. تعرّف إلى تاريخها. خالط أهلها. أكل من أكلهم. وحفظ القليل من الكلمات العربية. ولبس زيهم التقليدي. وتفاعل معهم في كل ما له علاقة بالعادات ومواقيت الصلاة. سمع على مدى شهر، وعلى مدى ساعات النهار، آذان الصلاة، التي كانت ترتفع من مآذن الجوامع.
اختبر هذا الجمهور، وعلى مدى شهر، ما لم يتسنَّ له اختباره في أي مكان آخر من العالم. في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة في مساحتها، ولكنها الكبيرة في خيراتها وكرم أهلها، اجتمعت أمم وخلائق من كل مكان في العالم فكان هذا التفاعل الحضاري، وإن كانت الغاية الأساسية هي حضور مباريات كرة القدم، والتي تميزّت هذه السنة بمفاجآت لم تكن متوقعة.
كثيرون من هذه الشعوب لم يكونوا يعرفون شيئًا عن قطر وتاريخها وتقاليدها وتراثها، على رغم مظاهر الحداثة التي تميزّها، في الهندسة المعمارية، وفي التقنيات المتطورة، وفي نوعية الخدمات ووسائل الترفيه، مع ما رافق كل هذه الفعاليات من حسن تنظيم، حيث لم تُسجّل طيلة فترة شهر، وعلى رغم كثافة الحضور، أي حادث أمني غير عادي.
فجميع الذين حضروا إلى الدوحة من مشارق الأرض ومغاربها كانوا ممنونين لما لاقوه من حسن ضيافة وكرم، خصوصًا أنهم لم يكونوا يتوقعون ما عاينوه بأمّ العين، وما خبروه من خلال الاحتكاك اليومي مع حضارة مختلفة عن حضاراتهم، فأغنوا واغتنوا بما عايشوه.
التحدّي القطري تضاعفت مسؤولياته، حيث أثبت الشعب القطري أنه على قدّ المسؤولية، خصوصًا أنه خارج من أزمة صعبة مع محيطه الجغرافي، فكان هذا التفاعل خير دليل على إمكانية تعايش الشعوب بين بعضها البعض في سلام ووئام، بعيدًا عن الصراعات والحروب والتقاتل العبثي الخالي من الروح الرياضية.
ففي الملاعب كما في الحياة خاسرون ورابحون. الخاسرون يرفعون الكأس، والخاسرون يتقبّلون النتيجة كما هي ويقدّمون التهنئة للفائزين.
مبروك لقطر هذا الإنجاز. ومبروك لمن فاز. ومبروك أيضًا لم يفز لكنه عرف كيف يتخطّى خسارته بعزيمة أقوى للمراحل الآتية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|