بعد دعمها السابق.. إليكم تعليق سوزان نجم الدين بعد رحيل الأسد
أزمة "الكهرباء" من تعقيد إلى تعقيد... والتقنين إلى ازدياد
لا يزال اللبنانيون يصدِّقون الأمل، ويهيمون به، على قاعدة "مكره أخاك لا بطل"، إذ لا ملاذ لهم غير الإستسلام لانتظار فرج مدّهم بساعات تغذية إضافية، ناموا على عتمتها ملتحفين ببشائر حل لدى المسؤولين، ليستيقظوا على خيبة أمل من وعود لم يتحقق منها شيء.
وبدل "الفرج" زادت ساعات التقنين، التي خفّفت حدّتها مولّدات الأحياء الخاصة التي برعت في استغلال الأزمة، وأحسنت إدارة استثماراتها، وصارت تلسع بفواتيرها المدولرة على عينك يا دولة، المشتركين الذين لا حول ولا قوة لهم، بعد موت أهل القرار في الدولة وفشلها في أداء مهامها ووظيفتها... فمن المسؤول عن الإضاعة المتكررة للفرص، وحرمان اللبنانيين بضع ساعات تغذية كان يعوَّل عليها لتبريد لهيب فواتير المولدات، بدءا من منتصف الشهر الجاري؟ هل تقع المسؤولية على الوزير الحالي، أم على أسلافه الذين تعاقبوا على الوزارة من العام 2010؟ البعض يبرئ الوزير الحالي، ويبعد عنه مسؤولية انهيار القطاع، والفساد والفوضى التي يعيشها، والتركة الثقيلة التي خلّفها نهجٌ فشل في ادارة قطاع الطاقة، فيما يرى البعض الآخر أن خطأه يكمن في التزامه ما "رُسم" له من خطوط وخطط على نحو فوّتوا عليه فرصة اثبات كفايته واستقلاليته، وربما فرصة استمراره في موقعه مستقبلا.
من أصل 300 مليون دولار طلبتها #وزارة الطاقة و"مؤسسة كهرباء لبنان" لتمويل استيراد الفيول لمعامل #الكهرباء بغية تأمين #ساعات التغذية الموعودة، لا يزال مصرف لبنان ملتزما وعوده السابقة ويدرس حاليا طلب فتح اعتماد بقيمة 62 مليون دولار بغية استقدام شحنتين من الغاز أويل لمصلحة الكهرباء. وكان يُفترض أن تستورد هاتين الشحنتين الشركةُ التي رست عليها مناقصة الغاز أويل وهي كورال DMCc المسجلة في أذربيجان، بيد أن مطالبتها بتقاضي مستحقاتها في غضون شهر خلافاً لدفتر الشروط الذي يتحدث عن مهلة 6 أشهر، أدى الى أن تؤول مناقصة الغاز أويل الى شركة "فيتول" التي قبلت بمهلة الستة اشهر وطالبت في المقابل بضمانات مالية تحاول وزارة الطاقة الحصول عليها من مصرف لبنان الذي بدوره يطلب من مؤسسة الكهرباء وضع أموال توازي قيمة الاعتماد الاول، اي 62 مليون دولار، وهو مبلغ لا تملكه المؤسسة حاليا... بما يشي بأن الازمة طويلة.
واذا كان أساس ازمة الكهرباء هو توفير التمويل اللازم لشراء المحروقات التي لطالما موّلتها سلفات الخزينة، فقد كانت هناك محاولة جدية في مشروع موازنة 2022 لتمرير 10 آلاف و500 مليار ليرة سلفة خزينة واحتياط لجبه تغير سعر الصرف، فضلاً عن مبلغ اضافي من ضمن 1800 مليار ليرة لتغطية عقود التشغيل والصيانة ومستحقات أخرى على المؤسسة. إلا أن تعذّر الحصول على هذه المبالغ، حدا بوزارة الطاقة، وفق ما يقول المدير العام السابق للاستثمار غسان بيضون، الى سلوك طريق مصرف لبنان في محاولة للحصول على ما عجزت عن الحصول عليه من الخزينة، من خلال ما تبقّى لدى مصرف لبنان من أموال المودعين. وقد بادرت وزارة الطاقة الى اجراء مناقصة لتأمين المحروقات لكهرباء لبنان مع تقصير المهل الذي يثير شبهة حول نيّتها بالحدّ من المنافسة واقتصار المشاركة فيها على من لديهم عِلم مسبق بإجرائها قبل الاعلان عنها، على اعتبار أن العارضين الجديين لن يتمكنوا من تحضير ملفاتهم للمشاركة في المناقصة خلال هذه المهلة. وقد تُرجم ذلك في عدد المشاركين واسم الرابح الاول قبل تصحيح النتيجة. ويبدو واضحا ان المشكلة تكمن اساسا في التمويل إذ بنيت شروط المناقصة على تأجيل الدفع لمدة 180 يوما بحيث سيكون من البديهي أن يزيد العارضون اسعارهم لتغطية تكاليف التمويل خلال هذه الفترة. وفيما كان يُنتظر من مصرف لبنان تأمين هذا التمويل، برز موقف للحاكم الذي اشترط ايداع صناديق مصرف لبنان الليرات اللبنانية لاستبدالها بدولارات على سعر "صيرفة" مضافا اليه 20% (تضاف الى سعر "صيرفة")، وذلك بموجب كتاب صدر عن مدير العمليات في مصرف لبنان. وبذلك يكون "المركزي"، وفق ما يقول بيضون، أعاد "مناورة" الوزير الى نقطة الصفر وبقيت المشكلة في تأمين التمويل لشراء الفيول وتأمين التغذية، التي ارتبط قرار زيادة التعرفة بتوفيرها ما بين 8 و10 ساعات يوميا.
وبرأي بيضون ان الخطأ بدأ من قرار مجلس ادارة كهرباء لبنان المتعلق برفع التعرفة وبأنه ينبىء بعدم نجاحه، وذلك أولا لكونه اتخذ بناء على خطة طوارىء عرضها وزير الطاقة على الحكومة وأسقِطت على كهرباء لبنان بدل أن تنطلق منها، وأن يكون ذلك في اطار مشروع موازنتها للعام 2023 بحيث تظهر كامل الصورة المالية لأوضاع المؤسسة بما لها وما عليها من أعباء ونفقات ومستحقات. وفيما كان على المؤسسة الاعتراض على القرار بصيغته الواردة من الوزير، فقد اكتفت بوضع شروط عدة تؤشر كثرتها الى عدم قناعتها بنجاح تنفيذ هذا القرار. الملاحظات التي وضعتها المؤسسة تبدأ باشتراط تضافر جهود وتعاون كل اجهزة الدولة واداراتها، وكذلك مصرف لبنان لمواكبتها والاستجابة لمطالبها وتنفيذها. فقد اشترطت تدخل وزارة العدل والقوى الامنية والتزام مصرف لبنان توفير الدولارات التي تحتاج اليها بسعر صرف يناسبها، وكذلك أن تسدد الدولة فواتير اداراتها ومؤسساتها العامة مهدِّدة برفع التعرفة التي حددتها بالدولار الاميركي الى 37 سنتا بدل 27 في حال عدم التزام الدولة تسديد فواتيرها، وفي ذلك مؤشر واضح الى عدم عدالة هذه التعرفة، برأي بيضون.
في سياق كل هذه الوقائع، اين نحن اليوم من وعود تأمين التمويل ومن بعده التغذية، وهل تفي زيادة التعرفة بهذه الوعود؟
يبدي مطلعون ومهتمون بالشأن العام والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الكثير من الملاحظات حيال زيادة التعرفة، ومنهم رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي تقاطع موقفه مع اقتراحات بيضون الذي طالب بإلغاء بدل التأهيل كونه غير قانوني وفي احسن الاحوال هو احد عناصر الكلفة المفترض ان تغطيه التعرفة بحد ذاتها، بحيث لا يمكن اضافته الى الفاتورة. هذا فضلاً عن وجوب اقتصار رسم الاشتراك المقرر على نسبة منه تتحدد بحسب ساعات التغذية من اصل 24 ساعة، وحصر احتساب الضريبة على القيمة المضافة بالمقطوعية كي لا تُفرض ضريبة على الضريبة. اضافة الى هذه الملاحظات سأل بيضون: لماذا لا تعفى سلعة الكهرباء الحيوية في هذه الظروف الصعبة من الضريبة على القيمة المضافة؟ ولماذا تقتصر الـ 10 سنتات على أول 100 كيلوواط فقط، ولا تشمل أول 300 كيلوواط؟ ولماذا ايضا لا تتعدد الشطور بشكل يحقق العدالة بصورة أفضل؟
برأي بيضون، ان قرار زيادة التعرفة حمل بذور الفشل عند اصداره، لأن استحالة ضبط الشبكة ومنع الاعتداء عليها سيؤدي الى تبخر نسبة عالية من الطاقة المنتجة والموزعة والى استهلاكها من دون فوترة، وربما تتجاوز هذه النسبة الـ 60 أو 70%. وكذلك سأل بيضون: كيف يمكن تأمين الواردات اللازمة لسداد "المال المستعار" من مصرف لبنان بوجود مشكلة تأخر الجباية وبقاء الاموال المجباة مع مقدمي الخدمات لمدة تخالف دفتر الشروط؟ وكيف يمكن لادارة المؤسسة ان تنجح في ادارة هذه المرحلة وتحقيق أهدافها وهي لا تزال تقيم في المستوعبات بمديريها العشرة غير الاصيلين، وبمركز تحكّم مدمر لا يتيح لها السيطرة على الشبكة والمحطات ومعرفة مواقع الاعتداء عليها، وبنصف مجلس ادارة من دون رئيس معيّن وفق الاصول، وبمستخدمين مضربين غير قادرين على استيفاء حقوقهم؟
وتطرق بيضون الى الاعلان عن تقديم طلبات التوظيف في الهيئة الناظمة، معتبرا أنه اجراء لرفع العتب واضاعة الوقت في الوقت الضائع، ذلك أن الوزير معتكف عن حضور جلسات مجلس الوزراء، والحكومة في وضع تصريف اعمال ولا يمكنها اجراء اي تعيينات. أما الحكومة المقبلة، في حال تشكيلها بعد عمر طويل، فإن الامانة العامة لمجلس الوزراء ستعيد الى كل وزارة ملفاتها التي لم تُبتّ، لعرضها على الوزير الجديد. ومن يضمن أن يكون في الوزارة وزير من النهج ذاته ليتبنى انتاج سابقيه؟
واعتبر أن قرار الوزير بالاعلان عن تقديم الطلبات، بُني على اقتراحات تعديل قوانين وأفكار واردة في الخطط الميوّمة والمحدثة وعلى مخالفة لقانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي أنشأ الهيئة الناظمة للقطاع، على أن تتألف من 5 أعضاء وليس 6. ويبدو أن الوزير وضع في هذه "الستة" طُعماً لاستدراج "المحاصصين" من ذوي الشأن والتأثير في التعيين.
"النهار"-سلوى بعلبكي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|