باسيل العقدة والحل
لا يختلف اثنان على ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، نجح خلال السنوات الماضية ان يكون الشخصية السياسية الاكثر اثارة للجدل، لانه تمكن من خلال سياسته التي اعتمدها، ان يكون العقدة والحل في الكثير من الامور، بغض النظر عمّن يؤيده او يعارضه من الاطراف اللبنانية. وكان كلما يصل الى حافة الهاوية، يعود ليقف على قدميه بثبات من جديد، وها هو اليوم يعيد الكرّة، فمنهم من يتهمه بأنه المعرقل الوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية، ومنهم من يعتبره صاحب الحلّ الرئاسي كونه تقدّم بورقة شروط رئاسية تضع مواصفات الرئيس العتيد، كما انه يقوم بتحرك غير عادي في اتجاه افرقاء يعتبرون اخصاماً عنيدين في السياسة، ويبتعد بطريقة مدروسة عن الحليف الاساسي الذي ترافق معه على مدى السنوات الست الماضية ايّ حزب الله.
من هنا، فجبران هو الحل والعقدة في آن، ويدور الحديث اليوم عن انه اذا لم يكن رئيساً فهو ممرّ الزامي لايّ رئيس مقبل، ليس بسبب قربه من حزب الله هذه المرة، بل لانّه مكون مسيحي اساسي في اللعبة الطائفيّة والمذهبيّة التي يلعبها لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم، ويدرك الجميع ان تخطّيه دونه عقبات ليس من السهل تجاوزها. اول من يعلم ذلك هو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لن يتردد حتماً في تخطّي "العقدة الجبرانية" لو استطاع، ولكنّه لا يزال يحاذر ما يمثله جبران على الصعيد المسيحي وتقاربه غير السياسي مع "القوات اللبنانية" في مفاصل مهمّة كالحوار الذي دعا اليه رئيس المجلس، والموقف من وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بعبدا. اما طريقة التعاطي مع هذه المعضلة، فلا تزال مجهولة، لانه وبحسب جبران نفسه، فقد تلقى عروضاً بتلبية طلبات عديدة له اذا ما سار في خيار فرنجيّة للرئاسة، ولكنه لم يقبل. اما السير في خيار قائد الجيش العماد جوزاف عون، فهو لن يسير به بتاتاً، وفق قول رئيس التيار الوطني الحر.
ولكن كيف استطاع جبران ان يحمل مفاتيح الحلّ؟ مصادر مطلعة اشارت الى ان الانتخابات النيابية لعبت دوراً اساسياً في تعزيز نفوذه، خصوصاً وانه تلقّى تعاطفاً بسبب الهجمة التي تعرّض لها والتهديدات باسقاطه في مسقط رأسه وتحطيم التيار الوطني الحرّ لتقليص نفوذه الى الحدّ الادنى الممكن. وتضيف المصادر ان بقاء جبران على "قيد الحياة السياسية" حتى بعد انتهاء ولاية عمّه الرئيس السابق ميشال عون، انما يشكل دليلاً اضافياً على مدى النفوذ الذي استطاع ان يحافظ عليه، حتى في ظلّ العقوبات الاميركيّة التي لا تزال فاعلة. وتسأل المصادر في المقابل: ماذا لو تقلّص بالفعل حضور جبران على الساحة؟ هل كانت الامور قابلة للحلّ؟ لتجيب بنفسها وتقول: بالطبع لا. وتستطرد: مهما كان تعنّت جبران او القوّات او غيرهما من الاطراف اللبنانيّة، فإنّه عندما يأتي الحلّ من الخارج لن يقف احد في وجهه، انما تتحول المسألة الى مفاوضات حول المكاسب التي يمكن ان ينالها كل طرف، وعدا عن ذلك، لن يعارض احد لانه يعلم تماماً ان دوره سيكون هامشياً على مدى ستّ سنوات، فالحلّ سيتم اعتماده ولا شك بذلك، ولعل التجربة التي تعرض لها بعض الاحزاب والتيارات السياسية التي عارضت الحلّ السابق (انتخاب ميشال عون)، شكلت مثالاً لما سيكون الحال عليه لكل من يعارض الحلّ المرتقب، اياً كان اسم الشخصيّة المتفق عليها والموقف السياسي وربما الشخصي منها.
وتجزم الاوساط ان جبران وغيره سيركبون قطار الشخصيّة الرئاسيّة القادم من خلف الحدود، ولو كان يحمل على متنه فرنجية او جوزاف عون، وسيتحوّل اهتمامه هو او سواه، الى القدرة على الحصول على اكبر قدر من المكاسب كي يبقى الحضور فاعلاً، ويبقى القلب السياسي نابضاً.
طوني خوري - النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|