قريباً ... الأسد ــ أردوغان
منذ الأشهر الأولى للأزمة، تحدث آلان غريش عن «صراع الذئاب» في سوريا . لاحظ أن غالبية قادة الفصائل الذين يدارون بالمال الخارجي، أقرب ما يكونون الى قطّاع الطرق . رؤوس فارغة . لا مفهوم للدولة، ولا مفهوم للثورة، ودون أي خلفية ثقافية أو ثورية . هذا ما جعلهم يسقطون للتو في ايديولوجيا الدم .
كل دولة من الدول التي شاركت، أو موّلت، أو استجلبت تلك الكائنات الآتية من أصقاع جهنم، لها رؤيتها الخاصة للنظام البديل، ليبدو في نهاية المطاف، أن للبديل عنواناً واحداً هو ... الخراب!
المثال في رجب طيب اردوغان الذي كان له، وبحكم موقعه الجغرافي، الدور المركزي في تصنيع الحرب وفي ادارتها، شرّع كل الأبواب بما فيه الملاهي الليلية، أمام تلك الأنواع الهجينة من الاسلاميين، بذريعة اقامة نظام ديموقراطي في سوريا . ها هو يرتطم بالحائط، ولا يجد من طريقة لاستيعاب الحالة الكردية، أو للتخلص من أثقال النازحين والمسلحين سوى بالتفاهم مع دمشق ...
وكنا قد نقلنا عن أحد المعارضين قوله لنا «انهم يعاملوننا كما أكياس القمامة على أرصفة اسطنبول» ، دون أن نغفل أخطاء السلطة ومثالبها، لرفضها بهاجس الأخطار الخارجية التي تهدد أمن البلاد، أي محاولة لتحديث البنية السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بالتعاطي مع الرأي الآخر في دولة لم تتوقف فيها يوماً لا ديناميكية ولا جدلية التاريخ .
اردوغان استخدم كل المليارات التي كانت تتدفق من بعض البلدان العربية في خدمة مشروعه النيوعثماني، مستنداً الى النيوانكشارية التي يمثلها «الاخوان المسلمون» الذين ما لبثوا أن تحوّلوا (ولحاهم المسننة ) الى قصاصات مبعثرة في الزوايا .
بالرغم من ذلك، نأخذ برأي فلاديمير بوتين والقائل أن المصالح العليا والمصالح الوجودية، لكل من سوريا وتركيا تقتضي التفاهم، بما فيه التفاهم الاستراتيجي بين البلدين، والذي لا بد أن تكون له تداعياته المثيرة على مسارات جيوسياسية بالغة الحساسية في المنطقة.
لقاء وزير الدفاع السوري علي محمود عباس والتركي خلوصي آكار، يندرج في اطار الجدول الزمني الذي حدده الجانبان برعاية روسية، على أن يعقب ذلك لقاء وزيري الخارجية فيصل المقداد ومولود جاويش أوغلو (اللذين سبق والتقيا سريعاً على هامش مؤتمر بلغراد)،
بعد ذلك ... الحدث التاريخي في لقاء غير بعيد بين بشار الأسد ورجب طيب اردوغان . لتبدأ حقبة أخرى من العلاقات التي يفترض أن تتطور منهجياً.
السوريون يعيشون، وبسبب العقوبات المخالفة كلياً للقانون الدولي، ولأي منطق أخلاقي، أزمة اقتصادية هائلة، دون أن يتجرأ أحد بأي شكل من الأشكال على المشاركة في اعادة الاعمار .
الأتراك بدورهم، يعيشون أزمة اقتصادية وسياسية، ان لقرار الأميركيين اقامة دولة كردية في اطار السيناريو الخاص بتفكيك سوريا، أو على خلفية العبء الاقتصادي والأمني والأخلاقي للنازحين وللمسلحين.
اعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة لا بد أن يحل جزءاً من المشكلة السورية، ويتيح لبعض البلدان العربية التعامل مع سوريا بطريقة مختلفة، كما يحل جزءاً من المشكلة التركية، وان كانت الأجهزة السورية والتركية على السواء تتوقع ردة فعل أميركية (و»اسرائيلية») غاضبة .
ولكن ألم يكن واضحاً ما يمكن أن تنتهي اليه الحرب في سوريا؟ أن تأكل الذئاب بعضها البعض . يا للمصادفة أن الأسطورة التركية تتحدث عن ذئبين يأكل أحدهما الآخر!
ثمة أنهار من الدماء ذهبت هباء . لكنها تركت جراحاً عميقة ليس فقط في الجسد السوري، بل وفي الروح السورية. الزمن لا يمكن أن يتوقف هنا، ولا مناص، في ظل التعقيدات الدولية والاقليمية من بعض البراغماتية لاعادة ترتيب الأولويات. هذا يفترض تغييراً ما في ذهنية بعض أركان النظام، والتفاعل مع بعض الشخصيات المعارضة التي ظلت بعيدة عن لوثة الدم ولوثة المال، ودون أن يكون لأنقرة أي دور في هذا المجال..
الروس يقولون كل شيء على ما يرام . لعودة الوئام بين تركيا وسوريا تأثير كبير على المشهد الاقليمي. هكذا يقول منطق الأشياء، اذا كان هناك من منطق في المنطقة!
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|