"لا تهريبة في انتخابات الرئاسة".. هذا ما نقله زوار عين التينة!
حمام دافء وتأشيرة دخول… أمنيات السوريين للعام الجديد
"درج": مرح الدخل الله - كاتبة سورية
أمنيات السوريين واضحة لا تحتاج إلى قائمة، حلمنا نحن الشباب في الحصول على تأشيرة دخول إلى بلد أجنبي أو خليجي أما أمنيات المسنين فهي حضن أولادهم ببساطة، أمنيات تثير الحزن والبكاء لشدّة بساطتها.
احتفل العالم برأس السنة، ورقص الناس وغنوا وغطت الألعاب النارية سماء البلاد البعيدة، وملأت الأغنيات المنازل والشوارع. أما نحن السوريون على الضفة الأخرى، نقبع في بيوتنا حائرين ماذا نفعل بكل أحزاننا.
لم تعد تغريني في دمشق قائمة الأمنيات الاعتيادية والمشاعر المبالغ بها كأن التغيير قادم لا محالة، ولا تستهويني فرضيات عن العام الجديد وما يحمله من أحداث ولحظات أفضل مما حملَ العام الذي قبله، على العكس أشعر بالسذاجة بعد كل ما مرَّرنا به في سوريا.
ما يتمناه السوريون لا يجوز وصفه بأمنيات، إذ لا تتعدى “أمنياتهم” الحصول على حقوقهم بالكهرباء والمياه ووسائل التدفئة. أمنيات أو حقوق لا فرق، إذ لن تتحقق في بلاد قاسية.
استيقظت في أول يوم من العام الجديد، وفكرت بأمنياتي الصغيرة، وكانت بالفعل بسيطة، كأن أقضي ليلة رأس السنة إلى جانب شجرة الميلاد المضيئة، إلا أن ذلك مستحيل وسط انقطاع الكهرباء شبه الدائم. أتمنى كذلك الحصول على حمام ساخن في وقت أحدده أنا وليس في السادسة صباحاً، موعد تغذية الماء في منطقتنا. أتمنى قضاء ليلة دافئة استمتع خلالها بالمدفئة الكهربائية التي تحولت إلى ديكور في المنزل. لحظة انتبهت إلى طبيعة أمنياتي، شعرت بالحزن على نفسي وعلى كل السوريين الذين يشاركونني ذاتها.
حولتنا هذه البلاد إلى بشر فارغين من الأحلام، نتعامل مع الأمل كأنه كذبة مصطنعة لا تليق بضحايا الحرب والفقر. أفكر لو سمع أشخاص يعيشون في الخارج قائمة أمنياتي، الأغلب لن يفهموها، ستكون غريبة بالنسبة لهم، وربما قد يضحك آخرون.
يتحول الألم حين يصبح جماعياً إلى عادة، بالإمكان ملاحظة تراجع احتفال السوريين برأس السنة، لم يعد العشاء في هذه الليلة عادة السوريين، لأنه يعني ميزانية لا طاقة للعائلات عليها، فأجرة هذا اليوم السعيد تعني أياماً إضافية من العمل أو استدانة مبلغ ماليّ من ميسوري الحال. بعض العائلات أكثر حظاً، يرسل لهم أبنائهم في الخارج مبلغاً يعينهم على قضاء يوم سعيد نهاية العام. لو يعلم المهاجرون أن غربتهم تساعدنا على البقاء أحياء!. حرمونا حتى حقنا في الحصول على يوم سعيد واحد في نهاية عام متعب.
تقارب تكلفة عشاء منزلي بسيط لأربعة أشخاص حوالى ٢٠٠ الف سوري أي ما يقارب 29 دولاراً أميركياً بينما متوسط راتب الموظف ١٠٠ ألف ليرة سورية، إذاً فلنعتبر ليلة رأس السنة كأي ليلة أخرى ولا نفكر بالأمر كثيراً. وهكذا بات تراجع احتفالات السوريين برأس السنة واكتفائهم بالجلوس وحيدين داخل بيوتهم إثباتاً أن الفقر والأسى بات ذو صوت مسموع تستدل عليه، تلمسه ويؤلمك.
ازداد شعور الوحدة وغدى أكثر حضوراً من الفقر والجوع مع احتفالات رأس السنة، خاصة لدى الآباء والأمهات وهم ينتظرون اتصالاً من ابنائهم المهاجرين. سافر أخي هذا العام، وترك فراغاً هائلاً، حينها أدركنا أن الحزن والشوق والوحدة أشدُّ ألماً من الضائقة المالية، شعور الوحدة في رأس السنة أكثر قسوة من برد ديسمبر.
لا يمكن تجاهل تفكك العائلات وتشتتهم في أصقاع الأرض، تفتقد كل عائلة أفراداً غادروا، يقبع المسنون وحيدين وسط عتمة الانتظار والشوق، وكأنهم أيضاً غريبون داخل بلدهم.
أمنيات السوريين واضحة لا تحتاج إلى قائمة، يمازحني صديقي في العمل فيقول: “أتمنى ألّا أراكِ هنا العام القادم” فأجيبه بحسرة: “آمين يارب”، نحلم نحن الشباب في الحصول على تأشيرة دخول إلى بلد أجنبي أو خليجي أما أمنيات المسنين فهي حضن أولادهم ببساطة، أمنيات تثير الحزن والبكاء لشدّة بساطتها.
ربما ينتهي هذا الألم يوماً، كما يقول الكاتب السوري سعد الله ونوس: “إننا محكومون بالأمل وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ”، ربما لن تكون نهايتنا بهذه القسوة، وليست هذه نهاية السوريين، ربما يكون العام الجديد أكثر رحمة، تتحقق فيه أمانينا بأن نحصل على حمام دافئ، ونجلس قرب المدفئة ونتأمل أضواء شجرة الميلاد.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|