عربي ودولي

حين يُصبح أردوغان شريكاً للأسد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لكثيرين من المتحمسين لما يُسمى النموذج التركي في عهد الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، يُمثل التقارب التركي-الأسدي اليوم، صفعة تفرض بالحد الأدنى مراجعة حسابات. ذاك أن الافتراض الأولي في ذروة النجاح التركي، اقتصادياً وسياسياً، كان أن أنقرة أفلحت في الجمع بين التقدم الاقتصادي والتقني، من جهة، وبين نموذج مُخفف أو معتدل من الإسلام السياسي. ومع توالي الانتفاضات العربية، اتخذت إدارة الرئيس أردوغان رزمة مواقف وقرارات مناصرة للثورات، ما رفع من شعبية "النموذج التركي" أو الأردوغاني، كونه يُوفر حلولاً للمشكلات العربية المستدامة، من التنمية الى مصالحة السياسات الخارجية مع الإرادة الشعبية.

والحقيقة أن تركيا فتحت أبوابها كذلك لموجات النزوح العربي نتيجة الثورات وما تبعها من صراعات محلية بدعم خارجي. واحتلت إسطنبول خلال العقد الماضي موقعاً مهماً في الاعلام والسياسة في المنطقة نتيجة وجود ملايين العرب على أراضيها. في المستوى الثقافي، وليس بعيداً عن تطورات السياسة والاعجاب بأردوغان و"نموذجه"، شرعت المنطقة في استهلاك المسلسلات التركية وما رافقها من ترويج للتاريخ العثماني خال من النقد، وسرعان ما تحولت تركيا مقصداً سياحياً رئيسياً نتيجة التسهيلات في منح التأشيرة وارتفاع شعبية هذا البلد.

اليوم وبعد مضي عقد على هذا الصعود، تشهد تركيا تحولين، الأول على المستوى الداخلي منذ سنوات، وتحديداً بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة وما تلاها من سيطرة على المؤسسات كافة. والثاني على المستوى الخارجي، إذ تراجع أردوغان عن مواقفه الحادة سابقاً، وبدأ يتخذ خطوات مغايرة على وقع تحديات الداخل. الأولوية هي الحفاظ على نفوذه وسلطته في مواجهة خصومه، سيما أن من الواضح تصميم الرجل على مواصلة حكم تركيا حتى انتقاله للعالم الآخر. صحيح أن هذا الطموح يتطلب مرونة في التعاطي مع الخارج، لكن أحداً لم يتوقع هذه الاستدارة السريعة والدراماتيكية.

استعداداً للانتخابات، تصالح الرئيس التركي مع خصوم الأمس، وبات على علاقة طيبة مع من أطلق بحقهم تصريحات نارية. قبل سنتين، اعتبر "أن من يشرعن الاحتلال الإسرائيلي، ويوافق على خطة ضمها للقدس والأراضي الفلسطينية، ولا يعترف بحق إخوتنا الفلسطينيين، يهين صلاح الدين الأيوبي". لكنه اليوم استقبل سفيرة جديدة لإسرائيل في ظل أكثر حكوماتها يمينية، ويزيد من التقارب والضغوط على حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية ووجودها على الأراضي التركية.

وهذا كذلك ينسحب على الثورة السورية وتبعاتها اليوم، إذ باتت الأولوية هي معالجة "التهديد" الكردي، وبعض الوعود الأولية لاعادة اللاجئين السوريين لاستخدامها في الحملة الانتخابية المقبلة. أثبت أردوغان ونظامه، ألا مانع من التطبيع مع النظام السوري، وحتى اللقاء مع الرئيس بشار الأسد والاتفاق معه، إذا كان ذلك مفيداً لحظوظه الانتخابية في الداخل التركي.

فاجأ أردوغان حلفاءه قبل خصومه، بسرعة التقارب مع النظام السوري، انتهاء باللقاء المرتقب منتصف الشهر الجاري بين وزراء الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو والروسي سيرغي لافروف والسوري فيصل المقداد، بعد لقاء موسكو الأربعاء الماضي بين وزراء الدفاع التركي خلوصي أكار والروسي سيرغي شويغو، والسوري علي محمود عباس ورؤساء استخبارات روسيا سيرغي ناريشكين والنظام السوري علي المملوك والتركي هاكان فيدان. 

بعد هذه اللقاءات وتصريح أوغلو عن استعداد أنقرة لتسليم المناطق الخاضعة لسيطرتها للنظام السوري، صارت مُضحكة محاولات التطمين التركية بأن هذا التقارب لن يكون على حساب المعارضة السورية. الواقع أن هذا التقارب من الصعب أن يكون إلا على حسابها وحساب ملايين السوريين في تركيا والشمال السوري، أكانوا لاجئين أو سكاناً مدنيين أو معارضين. وهذا تحول أكبر في حال صحت التصريحات التركية وأعادت أنقرة المناطق الخاضعة لنفوذها الى سيطرة النظام السوري، ومعها مئات آلاف أو حتى ملايين اللاجئين، فإن أردوغان ينتقل حينها من كونه خصماً لجلاد المأساة السورية، إلى شريك فيها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا