بري يستقبل باسيل.. وموسى: المشاورات مستمرة والجلسة ستكون "مفتوحة وبدورات متتالية"
"الحزب " و"التيّار" يتبادلان تقديم العرض الأخير... فماذا بعد؟
قدّم "حزب الله" بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله عرضاً أراده حاسماً ونهائياً لإعادة العلاقة مع شريك تفاهم مار مخايل "التيار الوطني الحر" من دائرة تظهير التعارضات إلى مربّع الحوار الضمني المؤهل لإعادة إنتاج التفاهم على أساس جديد، لكن التيار البرتقالي بادر بعجالة إلى الرد بتكريس انطباع فحواه: إننا مستعدون للتجاوب مع الدعوة اللطيفة والإيجابية تجاهنا، لكن ضمن سلّة شروط حول قضايا عميقة لأن الأمر عندنا "أكبر بكثير من علاقة حزبين".
كلتا اللهجتين والخطابين يوحيان وفق متابعين، بأن ثمة قناعة قائمة عند الطرفين تشي برغبتهما في العودة إلى "خيمة" التفاهم، لكن التيار مصرّ على تظهير أن ثمة ما يعوق أمر العودة المنشودة إلى كنف التفاهم السابق، وهو مرهون بانصياع الحزب لشروط ليست شكلية، بل ترتبط بضرورة المضيّ نحو تفاهم مختلف ديدنه "الحرص على العيش الواحد المتشارك فيه ويترجم بأداء مختلف"، وهو عنوان إشكاليّ عميق.
لم يشأ التيار أن يترك الساحة خالية أمام عرض الحزب ليأخذ مداه، إذ سارع بعد أقل من 12 ساعة إلى الرد الصريح على الكلام الإيجابي للسيد نصرالله عبر إطلاقه بياناً باسم "مصادر معنية قريبة من التيار". وهو ما جعل الراصدين يستنتجون أن التيار حرص على ألا يبدو منصاعاً لمنطق الحزب القائم على مسلّمة أننا حرصاء على التواصل، ولكن نفضّل دائماً "نقاشاً داخلياً مع الحلفاء" وفق كلام السيد نصرالله.
وبناءً على ذلك، إن كان الحزب يعتمد في مقاربته للعلاقة القائمة منذ أكثر من عقد ونصف عقد بينه وبين التيار على أساس "حاجة الطرفين إلى حفظها شرط أن تبقى في دائرة النقاش الداخلي، وبمنأى عن النشر فوق السطوح مع ما يقتضي ذلك من إعادة التواصل والتلاقي، فإن التيار مصرّ على أن يكون تجديد التفاهم مبنيّاً على مداميك جديدة تكون أعمق من ذي قبل، أي يوم نسج التفاهم على قواعد تحت وطأة اللحظة السياسية التي كانت سائدة في مستهلّ عام 2006 تحت قاسم مصلحي مشترك شعاره "جبه هجمة فريق 14 آذار".
لم يعد خافياً أن الحزب في تكراره المستجد والمكثف لمقولة أنه لم يعد يحتاج إلى من يؤمّن حمايته ويسدل عليه غطاء الإسناد والدعم لأنه صار يأنس إلى قوته الذاتية، إنما كان يوجّه رسالة مزدوجة إلى التيار وإلى آخرين وجّهوا إليه طلب أن يدعم مرشّحهم للرئاسة الأولى مقابل ضمان عدم التعرّض لسلاحه لينتزع من يد التيار الحليف ورقة يستند إليها، لكن التيار في المقابل شاء في الآونة الأخيرة أن يأخذ النقاش حيال مستقبل التحالف مع الحزب إلى مكان آخر مختلف وتحت ظلال عناوين مغايرة.
فقبل أيام قليلة، كان لرئيس التيار النائب #جبران باسيل إطلالة مسهبة "من جزءين" على أحد المواقع الإعلامية، وفيها قال الرجل كلاماً جديداً أظهر من خلاله أمرين مختلفين هما:
- إبداء الإعجاب بالأداء الواعد لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وهي علامة فارقة وعنصر وافد على خطاب باسيل ورسالة إلى أكثر من جهة.
- قوله، وربما للمرة الأولى بهذا الوضوح، إن التفاهم مع الحزب بات يقف على "إجر ونص"، أي إنه ترنّح ينطوي على قابلية السقوط.
القارئون الموضوعيون لهذا الكلام وجدوا أنه عبارة عن رسالة للحزب تنمّ عن استعداد وجهوزية للمضيّ إلى أبعد مما يعهدون ويتصوّرون، محتواها يقوم على قاعدة أن "التفاهم بيننا صار يضيق بطموحاتي وقاصر عن تلبية حساباتي ومصالحي".
ومع ذلك، فأن يوفد التيار موفداً إلى مهرجان الحزب الأخير (النائب غسان عطا الله) في الضاحية الجنوبية فتفسير ذلك يندرج في أمرين معاً:
- عدم القطع النهائي مع مرحلة التفاهم.
- الرغبة في تأصيل جديد لهذا التفاهم على أسس جديدة.
والذي رصد تدرّج خطاب التيار في اتجاه التفاهم بات على دراية تامة بطبيعة هذه الأسس ويعي أيضاً أن التيار، إلى أجل غير مسمّى، شاء أن يضع كل علاقته تحت المجهر ومفتوحةً على النقاش، وأنه يريد أن يوحي استتباعاً أنه لم يعد متمسّكاً بالتفاهم إلا وفق أسس مغايرة تأخذ في الاعتبار هواجسه وحساباته لأن التفاهم بزيّه الأولي قد أظهره خاسراً لأنه لم يجد الحزب إلى جانبه في ساعات "الحشرة".
وفي المقابل، فإن الحزب قدّم من خلال كلام سيده الأخير عرضاً يراه كثُر أنه ربما كان أخيراً قوامه:
- أننا نبدي حرصاً على إدامة التفاهم، ولكن على قاعدة التغاضي عن المرحلة التي تلت لقاء الضاحية الذي جمع نصرالله وباسيل.
- وعلى أساس أن نبدأ بحوارنا من النقطة التي توقّف عندها ذلك الحوار والمختصّ بتناقض الرؤى حيال ملف الانتخابات الرئاسية.
- والأولى أن يكون ذلك مرهوناً أساساً بإرادة طرفي الحوار والتفاهم بإعادة وصل ما انقطع بينهما، وإلا فإن الطرف الأخير في حلٍّ تام من كل التزام سابق.
ماذا بعد؟
إن مقارنة بين الرؤيتين المتناقضتين حيال مستقبل تفاهم بلغ أحياناً مرتبة العقد السياسي التأسيسي تعطي انطباعاً فحواه:
- أن التفاهم آيل حتماً إلى انفراط عقده مهما نجحت محاولات ترميمه التي تُبذل حالياً.
- أن كل طرف من طرفيه قرر أخيراً أن يقدّم للآخر عرضه النهائي انطلاقاً من نقطة أنه بات يضيق بهما معاً، وأن الأمر مرهون بالرد المنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وبين هذا وذاك، ثمة رؤية تنطلق من مسلّمة أن الطرفين فقدا القدرة على تجديد التفاهم بزيّه الأولي وقواعده الأصلية ولكن لا مصلحة لأيّ منهما بالقطيعة ولا الانتقال إلى مرحلة العداوة، لذا فاحتمال أن تصير العلاقة بينهما على القطعة وغب الطلب هو الأكثر وروداً.
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|