متى يعود الحريري الى لبنان؟
منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري والساحة السُنية تبحث عن زعيم يحمل بعضا من صفات الرجل. أحبطت تجربة سعد الحريري كل الآمال التي كانت مُعلقة على نجل مؤسس تيار المستقبل والزعيم السني الذي تمكن من دوزنة الجبهات اللبنانية في الحرب والسلم وعمل على ارساء هدنة داخلية طويلة الأمد مع حزب الله تمكن عبرها من تحويل بيروت الى قُبلة سياحية عاشت ايام عز التسعينات.
أغرقت الوحول اللبنانية الرئيس سعد الحريري، ولم يصمد الرجل طويلا حتى ظهرت عليه حالات الاستنزاف والاخفاق نتيجة سوء الادراك أو عدم القدرة على فصل الشخصي عن المهني، فسلم تيارا سياسيا كان الاقوى على الساحة الى اطراف عدة أولها حزب الله الذي يغرف اليوم من شارع الحريري ويوظفه في أكثر من اتجاه. كانت تسوية الـ 2016 بمثابة الطلقة الاخيرة التي اختار الحريري الابن أن يصوبها نحو رأسه، ولم تمض سنوات ثلاث حتى جاءه الحراك ودفعه الى مغادرة أرض الميدان قبل أن تبلعه مرة جديدة وحُولُهُ، وها هو اليوم يبتعد عن الاعلام والمنصات السياسية ويُدير أعماله متنقلا بين الامارات ومصر وتركيا وبعض الدول الاوروبية، ويقتصر نشاطه التويتري على تغريدات نعي أو استذكار بعض الاصدقاء السياسيين الذين استشهدوا بعد العام 2005، رغم أن محبيه انتظروا منه ولو صورة تجمعه بالزعماء الذين حضروا الى قطر لمتابعة المونديال، ولكنه فضَّل دعم الفريق المغربي عبر تويتر وهو البرازيلي الهوى الكروي.
تشهد الساحة الداخلية محطات واستحقاقات ويبقى السؤال: أين سعد الحريري؟ خصومه يسألون عنه قبل الاصدقاء رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، واحد من هؤلاء الذين يُصرون على دور الحريري الابن وضرورة عودته للم شمل الساحة السُنية المبعثرة اليوم.
لا جواب عن العودة، حتى المقربين منه يؤكدون أنه لن يعود وهو يتواصل معهم بشكل دوري ولكن قرار اللاعودة يبقى الاقوى الى يومنا هذا نظرا لارتباطه بعوامل خارجية أقوى من ارادة الحريري نفسه وقد فضَّل الرجل البقاء بعيدا عن "طواحين" السياسة اللبنانية وطعناتها.
عودة الحديث عن سعد الحريري اليوم يربطها البعض بأجواء المصالحات العربية التي تجري لاسيما على خط الشام التي وعد رئيس تيار المستقبل ذات يوم بقطع رأس "أسدها"، ونلحظ حركة دبلوماسية غير مسبوقة مع النظام وابرزها من الجانب التركي حيث كشف الرئيس رجب طيب أردوغان في الساعات الماضية عن امكانية اللقاء قريبا بالرئيس السوري بشار الاسد، في حين يستمر التقارب الاماراتي السوري مع زيارات متبادلة بين البلدين آخرها كان قبل أيام في لقاء جمع الاسد ووزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، حيث كانت حفاوة الاستقبال واضحة عبر الصور التي نشرها الاعلام الرسمي السوري.
في الكواليس، يتردد أن الامارات تسعى مع بعض الدول وابرزها مصر لاعادة الحريري الى الساحة اللبنانية، كما أنها تعمل على تأمين موقف سوري مُرحب بهذه العودة عبر عقد لقاء مصالحة مع الاسد قد يؤسس لمرحلة جديدة تتزامن مع فتح قنوات تواصل سري لعدد من الدول الغربية مع الاسد، وتشير مصادر دبلوماسية الى أن عودة الحريري زعيما سنيا الى لبنان تحتاج الى الانفتاح على الدول المجاورة وعلى رأسها سورية، لافتة الى أن رئيس المستقبل أبدى استعداده لذلك مشترطا توفير المخرج الملائم خصوصا وأن مواقفه تجاه النظام السوري وتحديدا الاسد اتسمت بالعدائية الى حد لم يحفظ من خلالها خط العودة، الا أن ذلك متروك للمساعي الجارية بين العواصم العربية وقد يستغرق الامر بعض الوقت.
ورغم التركيز على الاستحقاق الرئاسي والعمل على انتخاب رئيس في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة، الا أن مسألة توحيد الشارع السني تحت قيادة واحدة لا تزال ايضا موضع نقاش لدى معظم الدول المعنية بالملف اللبناني، وهي وجدت ان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لا يزال الشخصية الابرز لتولي هذه المهمة، وعودته ضرورة نظرا لغياب البديل الجدي للحريرية السياسية التي نجحت حتى الساعة بأن تكون الاقوى في الوجدان السُني اللبناني.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|