الأبيض عقد اجتماعات لتنسيق المساعدات للنازحين نتيجة الأحداث السورية: العيادات النقالة بدأت العمل
"Glass Onion"... حين يصير القتل هواية مسلّية
حبكات التشويق والغموض التي يضطلع بكشفها محقّق كفوء يرى أدلة لا يرى فيها معظم الناس شيئاً مهماً، نوع كلاسيكي، أولاً في الأدب ثم في السينما. تملك شعبية وجمهوراً أكيداً، حدّ اختراع اسم خاص بها في الإنكليزية ("whodunit" الذي يمكن ترجمته إلى "مَن فَعَلها؟") وسلسلة من الشخصيات التقليدية التي ترافقها. بفيلمه "سلّوا السكاكين / "Knives Out (2019)، لم يحاول المخرج وكاتب السيناريو الأميركي ريان جونسون إضفاء لمسة ما بعد حداثية على هذا النوع، ولكن بدلاً من ذلك، تحديثه لاحتواء موضوعات ومخاوف جديدة، فضلاً عن إضافة بعض الإبهار المرئي إلى هذا النوع من الحبكات التي عادة ما تدور في إطار مسرحي لا يسمح بمثل هذه البهرجة.
فيلمه الجديد "غلاس أونيون / Glass Onion"، ليس تتمّة للفيلم الأول بل بالأحرى ثمرة أخرى من المغامرات اللانهائية المحتملة للمحقق بينوا بلان. يلعب دانيال كريغ دور المحقّق بينوا بلان للمرة الثانية، ويفعل ذلك بارتياح بادٍ أكثر من الجزء الأول، بعد انتهاء خدمته في سلسلة أفلام جيمس بوند، فهو ليس مضطراً هنا للتحديق في حزنٍ واكتئاب، بل يصير مضحكاً ببساطة، ومن اللحظة الأولى.
حقق فيلم "سلّوا السكاكين / "Knives Out، نجاحاً لافتاً في دور السينما حين ظهوره قبل3 سنوات. ليس بحجم ما تفعله أفلام "مارفل" بالطبع، لكن بالنسبة لفيلمٍ كلّف 40 مليون دولار فقط - بمعايير هوليوود - وحقّق أكثر من 300 مليون في جميع أنحاء العالم. أثار هذا رغبات ودوافع، ونشأت حرب مزايدة على حقوق الفكرة وتوليدها في إنتاجات مستقبلية. في النهاية، دفعت "نتفليكس" 450 مليون دولار لإنتاج فيلمين آخرين.
يأتي الفيلمان امتداداً طبيعياً لسلسلة بدأت في السنوات القليلة الأخيرة، حيث عادت الأفلام المستوحاة من روايات أغاثا كريستي بنجاحٍ لافت، مثل "جريمة في قطار الشرق السريع" (2017) و"موت على النيل" (2022)، وكلاهما من إخراج كينيث براناه، الذي احتفظ أيضاً بدور المحقّق هِرْكِل بوارو. في الواقع، أجبر الوباء على الالتجاء إلى "مخطّط كريستي" (مجموعة من الأشخاص محبوسين أو معزولين في مكانٍ، ويملك كل واحد منهم أسباباً كافية لارتكاب جريمة قتل)، كما يظهر، على سبيل المثال، في المسلسل ذائع الصيت "فقط جرائم القتل في المبنى" والمسلسل الشهير الآخر "اللوتس الأبيض"، أو حتّى الفيلم الأخير "قائمة الطعام" لمارك ميلود، المعروض حالياً في الصالات البيروتية.
في حالة "غلاس أونيون"، تتضح مسألة الوباء منذ البداية. يصل الجميع في الموعد (سيأخذهم يخت إلى جزيرة خاصة في الأراضي اليونانية) مرتدين كمّاماتهم، قبل أن يُنفَث في أفواههم شيء من شأنه تعقيمهم وإزالة جميع المخاطر. وهذه هي الطريقة التي يصل بها الأبطال إلى قصر/ملجأ مايلز برون (إدوارد نورتون)، وهو قطب تقني على غرار إيلون ماسك (أو مارك زوكربيرغ، أيهما أقرب) الذي دعاهم لقضاء عطلة نهاية الأسبوع والاستمتاع بحلّ لغز مقتله المفترض.
من بين "الأصدقاء" و"الأعدقاء" الحاضرين في المغامرة، بيردي جاي (كيت هدسون)، عارضة الأزياء السابقة التي تحوّلت إلى أيقونة موضة ولكنها أيضاً ضحية لثقافة الإلغاء بسبب تعليقاتها المجانية، برفقة مساعدتها بيغ (جيسيكا هينويك)؛ وليونيل توسان (ليزلي أودوم جونيور)، عالم لامع ومثالي؛ ودوك كودي (ديف باتيستوتا)، المعتد برجولته ومسدّسه، كان "مؤثراً" في موقع "تويتش" ويدافع الآن عن "حقوق الرجال" على "يوتيوب"، والذي يصل مع صديقته الشابة ويسكي (مادلين كلاين)؛ والسياسية كلير ديبيلا (كاثرين هان)، الحاكمة الحالية لولاية كونيتيكت؛ وكاساندرا براند (جانيل موناي)، المعروفة باسم آندي، التي كانت شريكة مايلز برون في بدايات تأسيسهما لشركتهما الناشئة "ألفا"، ولكنها تعرضت للخيانة والخداع لاحقاً من قبل الملياردير.
بالإضافة إلى هؤلاء الضيوف السبعة، يصل المحقّق الشهير بينوا بلان، "الناجي" الوحيد من الفيلم الأصلي، إلى ذلك الجيب الفردوسي، وهو مزيج غريب بين بوارو المذكور أعلاه، وشيرلوك هولمز والمقتّش كولومبو، وسيكون منوطاً به محاولة كشف شلال الألغاز والجرائم (تماشياً مع العنوان، يمكن أن تكون هي الأخرى طبقات متعددة من البصلة) التي ستستمر وتتراكم على مدار أكثر من ساعتين هي مدة الفيلم.
لكن الأمور ليست بهذه البساطة أو تلك الخطّية في العقل المعقّد للكاتب والمخرج ريان جونسون. لا شيء تقريباً كما يبدو في الوهلة الأولي، ولا حتى الشخصيات وظروفها يمكن التنبؤ بها حين ظهورها لأول مرة، وهذا هو السبب في ظهور - حتى من خلال استرجاع ذكريات الماضي - العديد من الاكتشافات المفاجئة، كما يحدث عادةً في هذا النوع من المقترحات والأعمال، من شأنها تغيير المسار، كما دوافع الشخصيات وردود أفعالها، وتعديل وجهة النظر واليقين الذي يعتقد المُشاهد امتلاكه بشأنها.
إذا كان من الممكن الاتكال والوثوق ب"مخطط كريستي" الذي يعتمد عليه هذا الفيلم، فإن جونسون وطاقمه (بما في ذلك ظهورات قصيرة من إيثان هوك وهيو غرانت) يجعلونه تمريناً في الفطنة والتسلية والمرح، رغم افتقاره، كما البصلة، إلى اللبّ/البذرة. وبهذا المعنى، تنجح "نتفليكس" في رهانها من خلال عمل ترفيهي يليق بموسم العطلات في نهاية العام: كوميديا جريمة، مدججة بالنجوم، ووفية لتقاليد أغاثا كريستي، تجمع بين الإضحاك والتسلية والإثارة. عادة ما يسعد المرء عندما تنطبق إحدى هذه الصفات على "فيلم أعياد"، وهنا كلّها حاضرة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|