محليات

الكهرباء تفضحهم

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 

ألغت سيدة تعيش من راتب التقاعد لزوجها المتوفَّى اشتراك المولّد الكهربائي، وباتت تلجأ الى الفراش عند حلول الظلام، لأن الراتب لا يكفي لشراء علبة دواء للسكري ارتفع ثمنها الى نحو مليوني ليرة. ولجأت سيدة أخرى الى خفض قوة الاشتراك الى 2,5 امبير بما يكفي لتجنب العتمة والسماح للأولاد بمتابعة دروسهم ولو من دون تدفئة، ولا مياه ساخنة.

فصول واقعية من حياة اللبنانيين يختبرونها كل يوم نتيجة غياب التيار الكهربائي، وعدم القدرة على تحمّل أعباء المولدات الخاصة، أو توفير الطاقة البديلة. لكن انقطاع التيار لا يعرفه اهل السياسة الذين لم يختبروا فصول الاذلال مع اصحاب المولدات، ولا ينامون من دون تدفئة، بعدما أثروا من المال العام. وهؤلاء لا يطلبون دواء لا يجدونه، ولا يقلقون من الحاجة الى دخول المستشفى.

في المقابل، لا يريد الرئيس نجيب ميقاتي المضي بتوفير الاعتماد المالي للفيول المخصص للكهرباء، ولا يجيب على اتصالات وزير الطاقة وليد فياض. يمارس ضغوطاً لعقد جلسة لمجلس الوزراء رغم إرادة "التيار الوطني الحر" الذي يحاول عرقلتها ويجنّد كل طاقاته لعدم حصولها. همّ الرئيس ميقاتي "كسر رأس" النائب جبران باسيل، ولو ادى ذلك الى تكسير رؤوس اللبنانيين، هؤلاء الساقطين في حسابات مَن يملكون السلطة والمال.

ولا يريد الرئيس نبيه بري، عبر وزير المال يوسف الخليل، تسهيل الأمور، وإيجاد المخارج لتوفير المال الضروري لإنزال الفيول المحمل في بواخر قبالة المرفأ، لأنه "يتضامن" مع الرئيس ميقاتي، لمواجهة باسيل ايضا، وكسره سياسياً. ولا يقوى وزير المال على التمرد على سيده، بل سيّديه في القصر والمصرف.

ولا يريد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المساعدة في إيجاد حل ممكن لطالما ابتدعه، لأنه يريد أن يردّ الصاع صاعين لباسيل ومَن لفّ لفّه في حربهم المستعرة عليه عبر أدوات متعددة.

أما باسيل، وبعناده المعروف، والمتوارث عن عمه الرئيس ميشال عون، فيصرّ على عرقلة كل ما من شأنه أن يصب في "مصلحة" خصومه الذين تجمّعوا ضده، ويعملون بكل قواهم على سحقه بعد انتهاء العهد، وهو لذلك يحرّك الوزراء الذين يمون عليهم للإمعان في التعطيل. هذا التعطيل الذي لم يعد المسيحيون يهتمون لأهدافه المعلنة بقدر اهتمامهم بحياتهم اليومية.

هذه الوقائع التي تنعكس على حياة اللبنانيين بـ"صفر كهرباء"، تعكس حالة اخلاقية وطنية مهترئة ومتعفّنة، تدار بها البلاد، وتحكم بها العباد، وهي التي أوصلتنا الى ما نحن عليه حالياً، ولا براء لأحد منها.

بات اللبنانيون على اقتناع تام بأن لا قضاء، ولا قضاة يجرؤون على التمرد، أولئك الذين بيدهم الحل والربط، وإلا لادّعى هؤلاء من تلقاء أنفسهم على الرؤساء والوزراء، وأيضاً على النواب الذين يعطلون أبرز استحقاق دستوري في البلاد، ويشلّون عمل المؤسسات.

لن يكون القضاء قادراً على هذه المهمة لألف سبب وسبب. وقد تخرج الأمور عن صلاحياته المرسومة من أهل السياسة أنفسهم. فالقضاة قصّروا في الممكن، وفي فرض إعادة الودائع الى أصحابها، وفي تطبيق قانون الدولار الطالبي، وغيرها من القرارات الحياتية. والتقصير يعني افتراض حسن النية، حتى لا نقول إنهم تواطأوا.

أمام هذا الواقع، بات لزاماً أن يتدخل الخارج، عبر القضاء الأجنبي، متجاوزاً حدود السيادة والسياديين، إذ ليس مَن يسود في البلد الا الفساد بوجوهه المختلفة، وكل المزايدين في السيادة يسقطون أمام الامتحان، فتراهم يلجأون الى الخارج زرافات، أو الى السفارات الأجنبية طلباً لخدمة أو منفعة أو منصب.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا