مسلسل الموت بالزنزانات: انتحار نزيل في سجن رومية
على سيرتهم الدائمة، لا يكف نزلاء السّجون اللبنانية وذويهم عن مطالبة الجهات المولجة بحلحلة أوضاع السجون والمساجين على حدٍّ سواء. وفي حين لا يعدو هذا الملف سوى انعكاس مباشر لأزمة الأمن والقضاء المشلول والمنهار، فهناك حوالى الثلاثة عشر ألف نزيل يدفعون اليوم فاتورة شلل وتقاعس وفساد دولتهم، أكان بصحتهم وبكراماتهم الإنسانية أو أحيانًا بحياتهم التّي باتت رخيصة أسوة بحياة كل مقيم في لبنان. وفي حين تعلو الأصوات الحقوقية فضلاً عن الرأي العام بوجه سلطتي الأمن والقضاء اللبنانيين والضغط عليهما لوضع خطة إنقاذية لنزلاء السجون، المكتظة بنسبة إشغال تتجاوز 380 بالمئة، والغاصة بالأمراض الجرثومية والجلدية المنتشرة، يسهم أيضاً انعدام الطبابة والاستشفاء وسوء التغذية بمضاعفة عدد المرضى فضلاً عن الوفيات. وهذه المطالبة تهدف أيضاً لتخفيف الضغط الجسيم على كاهل القوى الأمنية، وحثّ القضاء على المباشرة في تطبيق العدالة.
انتحار سجين
منذ ساعات قليلة نشرت نائبة رئيس لجنة أهالي الموقوفين في السجون اللبنانية الناشطة رائدة الصلح، عبر وسائل التواصل، خبر وفاة سجين في سجن رومية بمبنى "ج"، والمعروف بسمعته السيئة وأوضاع مساجينه المزرية.
انتحر محمود الحسن (حوالى 40 سنة، لبناني)، وتوفي نتيجة مضاعفات صحية نجمت عن محاولته للانتحار شنقًا في زنزانته. وفي التفاصيل، ذكرت الصلح في حديثها مع "المدن" أن السجين –وفق المعلومات الأولية- قام بوضع حدّ لحياته، ذلك نتيجة لإهانة عدد من عناصر الحراسة له، بعدما طلب منهم الدواء لتردي أوضاعه الصحية. فما كان منه سوى الصعود إلى غرفته وتعليق مشنقة عبارة عن ملاءات قطنية، وشنق نفسه حوالى السّاعة الثالثة فجرًا. وبعد صراخ عالٍ من زملائه دام نصف ساعة وسُمع في أرجاء المبنى، تم نقل السجين إلى المشفى. وأفادت صلح أنه تم الإعلان منذ ساعات قليلة عن وفاته، في حين لا معلومات واضحة حتى الآن عن ملابسات الحادثة.
أسباب الموت كثيرة
وطالبت الصلح المعنيين بتوضيح ما حصل مع السجين محمود الحسن وتحمل مسؤوليتهم تجاه السجناء الباقين، وفتح تحقيق فوري بالحادثة ومحاسبة العناصر التّي تسببت بانتحار السجين، معتبرةً أن هذا الأسلوب المهين في التعاطي هو طريقة ممنهجة لإهانة ما تبقى من كرامة السجناء، منذ لحظة الاعتقال حتى دخول السّجن، لأتفه الأسباب، ومنها مطالبة السجين بحبة دواء والتّي هي من أبسط حقوقه الإنسانية. فيما وصفت رائدة الصلح واقع السجون بالمزري، قائلة: "السجون في حالة كارثية، عشرات المساجين في الزنزانة الواحدة والتّي تبلغ سعتها أساسًا عشرة نزلاء كحدّ أقصى، مع تراجع المساعدات والرعاية الطبية بسبب عدم صرف الدولة مستحقات الأطباء المناوبين، فيما باتوا اليوم يمتنعون عن زيارة السجون بصورة تامة، عدا عن انتشار الأمراض المُعدية وانعدام النظافة وتلوث المياه وسوء الغذاء المتعفن والفاسد. أما الأدوية فتصل لمامًا وغالبها لا تقدم للمساجين". وقد ذكرت مصادر مطلعة في السجن أن جواً من التبرم والهلع قد ساد في أوساط المساجين، فيما توعد آخرون بتعليق مشانقهم أسوة بالحسن.
يُذكر أن سجن رومية وحده بات يضم اليوم حوالى 4200 محكوم وموقوف، في حين أن قدرته الاستيعابية لا تتعدى 1500 سجين، فيما تبلغ نسبة الموقوفين اليوم غير محكومين حوالى الثمانين بالمئة، وبعضهم تجاوزت مدّة توقيفهم قيد التحقيق خمس سنوات. وأعباء هذه الأزمة تقع بجزء كبير منها على كاهل القضاء المولج بإصدار الأحكام، فضلاً عن السلطات اللبنانية التّي تتقاعس عن إيلاء هذا الملف الاهتمام اللازم أو نقل إدارات السجون كحد أدنى إلى وزارة العدل المسؤولة عن المحاكم، ما قد يسهم بتحسين التواصل وتخفيف حدّة الاكتظاظ، كما تخفيف الأعباء عن القوى الأمنية المأزومة والمنهارة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|