رسائل روسيّة - إيرانيّة تطفو على سطح النّفط السوري و"جبهة الحرب" ليست بألف خير!
صحيح أن روسيا لا تزال مُتماسِكَة في حربها على أوكرانيا، وأن كل الذين يدورون في فلكها يتحدّثون عن أهميّة "إنجازاتها" على مستوى ضرب منشآت الطاقة الأوكرانية، ومواقع البنى التحتية الأساسية، التي يعتبرون أنها ستشكّل الورقة الرابحة في يد موسكو للانتصار في الحرب، إلا أن تعليق بعض المسؤولين الروس، وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أوضاع بلاده بعد العقوبات الغربية، يُظهر أن "جبهة الحرب" ليست بألف خير تماماً.
فموسكو تجهد منذ العام الفائت في تأكيد أن وضعها الاقتصادي مستقرّ، وأنه أفضل بكثير ممّا كان يهدف إليه خصومها، وأن التضخُّم لديها أقلّ من المتوقّع، وأنه يواصل اتجاهه نحو مزيد من الانخفاض.
ولكن الخبراء في مجال الاقتصاد يؤكّدون أن هذا ليس "دليل صحة"، على عكس ما يحاول الروس إظهاره، إذ من الطبيعي أن لا يكون (التضخّم) مرتفعاً هناك، وذلك بعدما باتت (روسيا) خارج الكثير من الأسواق العالمية (بطريقة شرعيّة، أي بمعزل عن وسائل الالتفاف على العقوبات بمساعدة عدد من الدول)، بحُكم العقوبات الغربية، وهو ما يجعلها بمنأى عن التقلّبات الاقتصادية العالمية، وبحالة من العُزلة عن استيراد التضخُّم العالمي إليها. وهذا ليس "صحياً"، بل هو حالة اصطناعيّة لا بدّ من النّظر الى مفاعيلها شديدة السّوء، في مدى بعيد.
والعقبة الأخرى التي تواجه الروس بسبب حربهم على أوكرانيا، هي المنافسة الشديدة التي تخلقها العقوبات الغربية بين روسيا وعدد من حلفائها المُعاقبين أيضاً، لا سيّما إيران وبيلاروسيا وفنزويلا، في أكثر من مكان، وسلعة.
فعلى سبيل المثال، أدّى توسُّع الاستيراد الصيني للنّفط الروسي بأسعار مخفَّضَة و"مكسورة"، الى الأخذ من حصّة النّفط الإيراني والفنزويلي في السوق الصينية (تشتري الصين النّفط من فنزويلا وإيران بوسائل التفافيّة كثيرة على العقوبات الأميركية، منذ سنوات طويلة).
في هذا الإطار، ينظَر بعض المراقبين الى القرار الإيراني برفع سعر النفط الذي تبيعه طهران لسوريا، ليتوافق مع سعر السوق، على أنه "تبادُل حسابات" بين الإيرانيّين والروس، ستدفع سوريا ثمنه، رغم أنها حليفة لكلّ من موسكو وطهران.
فتقييد إمدادات النفط الإيرانية الرّخيصة لسوريا، وزيادة سعر شحنات النفط الإضافية، والمطالبة بالدّفع مُسبقاً، سيخلق المزيد من المتاعب والأعباء ليس فقط على الجانب السوري، بل على الروسي أيضاً هناك مستقبلاً، وهذه من بين "الدّفعات على الحساب" التي تبيع وتشتري فيها طهران مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على حدّ سواء. فهي تشارك في الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وتمدّ موسكو بالأسلحة والمسيّرات، وبكلّ ما يُساعدها على التخلُّص من المفاعيل السلبية للعقوبات الغربية، ولكنّها (إيران) تحفظ مصالحها من المنافسة الروسية لها في السوق الصينية، وفي أسواق أخرى تشتري البضائع الإيرانية بالتفاف على العقوبات الأميركية. وقد تقلّصت حصص وأرباح طهران على هذا المستوى منذ العام الفائت، بسبب روسيا التي تجعل الأولوية لها ولحربها على أوكرانيا، في كل شيء.
نذكر أيضاً أنه رغم التحالف الاستراتيجي، وحالة "الاتّحاد" القائمة بين روسيا وبيلاروسيا، إلا أن الأولى تنافس الثانية على تصدير البوتاس المهمّ للأعمال الزراعية، الى الأسواق التي لا تزال تستورده بالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على البلدَيْن، وهو ما يزيد الأعباء على محور "المُعاقَبين"، بالحرب، ومن خلالها، أكثر فأكثر.
هي حرب عبثيّة، حان الوقت لوضع حدّ لها، لكونها تقتل وتجرح وتدمّر، ليس في أوكرانيا وحدها، بل في روسيا أيضاً، وكل الدول الداعمة لها.
ولكن لا إشارات واضحة الى قرب وضع حدّ لحمّام الدم في أوكرانيا الآن، خصوصاً أن الروس "يسكرون" بالمناطق التي استحوذوا عليها في الآونة الأخيرة هناك، وهم يفتحون شهيّتهم على المزيد والمزيد. وهنا نعود الى الأساس، وهو، هل تنتهي الحرب الروسيّة على أوكرانيا بـ "نَفَس حياة" للاقتصاد الروسي، قابل للحياة في روسيا مستقبلاً؟؟؟...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|