افرام في معراب: الشرق الأوسط يعيش فجرًا جديدًا وعلينا ألا نطيح الفرصة
الحزب للمسيحيين: في كفكم الجرح وبيدكم الدواء
يعيش لبنان أبشع ما يمكن أن تنتجه الأحقاد الاجتماعية والتاريخية. أحقاد تعطي انطباعاً بتجدد الانقسام الطائفي والمذهبي، على قاعدة "اصطفاء" كل جماعة لنفسها، وإظهار تفوقها على الآخرين.
أم حسين وأبو مارون
ينعكس ذلك في ممارسات تطال كل جوانب الحياة، من السياسة إلى الاقتصاد والاجتماع والواقع المالي. في مراقبة لسجالات "الجيوش الالكترونية" ومعاركها على وسائل التواصل الاجتماعي، تتكون صورة سوداوية تقسم البلاد إلى طرفين، في استعارتين تشبيهيتين تشيران إلى مدى الإنحدار القائم. الأولى: "أم حسين لا تدفع الكهرباء". والثانية: "أبو مارون يحتكر الوكالات الحصرية". تعبّر الاستعارتان عن أزمة عميقة ومديدة، تتفاقم أكثر فأكثر على وقع ارتفاع منسوب الأزمة وتسارع الانهيار.
الجملة الأولى قالها رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في معرض تقديمه لأسباب الانهيار في قطاع الكهرباء. لكنها تأتي كعنصر مكمّل لمواقف كثيرة تقال في البيئة المسيحية، حول التزام أبنائها بدفع الضرائب والرسوم بخلاف أبناء البيئة الإسلامية. ومثل هذه المواقف تدفع الكثيرين إلى الدعوة للذهاب إلى اللامركزية المالية والإدارية الموسعة، أو الفيدرالية أو حتى التقسيم. أما الجملة الثانية، فيقولها أبناء البيئة الإسلامية والشيعية خصوصاً، الذين يعتبرون أنفسهم محرومين من كل الامتيازات، خصوصاً تلك المتعلقة بأعمال التجارة الكبرى وقطاعات الإنتاج والوكالات، على الرغم من أنه قبل حوالى سنة أقر مجلس النواب اللبناني قانوناً يلغي بموجبه الوكالات الحصرية ويقر مسألة التنافس. من هنا تأتي الاتهامات الموجهة إلى البيئة الشيعية وحزب الله، باعتماد التهريب وعدم الالتزام بدفع الرسوم الجمركية، ما يشكل محفزاً أكبر لدى البيئة المسيحية بالمطالبة بالفيدرالية.
الانقسام السياسي
خطورة ذلك، أنها تذهب عميقاً في الواقع الاجتماعي، وأنها معطوفة على انقسام سياسي مستمر حول وجهة البلد وهويته، وهو ليس انقساماً أو خلافاً على كيفية إنجاز الاستحقاقات الدستورية. وتأتي هذه المواقف بالتزامن مع ارتفاع منسوب الانقسام السياسي، بالإضافة إلى التوتر في العلاقة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله.
هذا الأمر دفع بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إلى رمي مشكلة تعطيل الاستحقاق الرئاسي على القوى المسيحية، ولا سيما الكتل المارونية. فحملها مسؤولية العرقلة. ولجأ نصرالله بشكل أو بآخر للردّ على كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي، حول تفريغ المواقع المارونية، وأن هناك مخططاً لحصول ذلك. كما ردّ على كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بالإضافة إلى ردّه على كلام رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في مسألة دستورية وميثاقية انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
"حرق" سليمان فرنجية؟
اتخاذ نصرالله لهذا الموقف، يعني أن المشكلة بلغت مراحل متقدمة. وكأنه يقول إن الحزب وغيره جاهزون للذهاب إلى تسوية، ولكن صراعات المسيحيين هي التي تمنع حصول التوافق طالما أنهم هم الذين رفضوا الحوار، وصراعاتهم هي التي تتسبب في تفريغ المواقع. أن يقول نصر الله مثل هذا الكلام تجاه ثلاثة أطراف مسيحية قوية، فيعني أن ذلك سينعكس سلباً على ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وسيكون هناك ردّ فعل على ذلك، على الرغم من أن فرنجية لطالما كان يقول إنه ضد منطق التقسيم، وضد تبني كل مرتكزات الخطاب المسيحي، لأنه يعتبر أن مسيحيي الأطراف -وهو منهم- يدفعون ثمن أفعال مسيحيي المراكز الأساسية.
ثمة من يعتبر أن كلام نصرالله في دعوته إلى الذهاب نحو التسوية والحوار والتوافق، مقابل ردّه على القوى المسيحية، سيشكل عنصراً من عناصر نعي رئاسة سليمان فرنجية، لأن المسألة ستصبح أصعب. إلا أن ما قدّمه نصرالله يمكن أن يشكل فرصة للذهاب إلى بحث عن تسوية مع الحزب. ويبدو أن الحزب جاهز لذلك. فهو كم يقول: في كفكم الجرح وبيدكم الدواء.
هنا لا يمكن إغفال الكثير من المواقف التي أطلقها مسؤولون في حزب الله حول تمسكهم بالطائف وعدم البحث عن تغيير النظام أو تغيير الدستور. وهذا الكلام قيل في مواقف علنية وفي لقاءات حزبية داخلية عقدت في الفترة الماضية. بينما يتنامى داخل البيئة المسيحية الكثير من الكلام حول الخروج من الطائف، من قبيل البحث عن صيغة جديدة في حال نجح الحزب بإيصال مرشحه لرئاسة الجمهورية.
منير الربيع - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|