مشهد انتخابي يتوسل حادثاً محلياً او خارجياً
رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن ( 42 عاما) في اعلان صادم عن تنحيها عن منصبها تقول : " لم اعد قادرة على مواصلة قيادة البلاد وقررت التنحي ليس بسبب صعوبة الوظيفة بل لان اخرين يمكنهم القيام بعمل افضل " .
لا يملك لبنان ، ولا يتناول الكلام فيه دول المنطقة التي قد تكون في موقع ماثل، ترف ان يكون لديه زعماء او مسؤولين على هذا المستوى من احترام الذات والناس ولا يحلم بان يكون لديه مسؤولون يتجرأون على خطوة مماثلة. خطا النواب للمرة الحادية عشرة الى مجلس النواب وعبروا صور ضحايا مرفأ بيروت الذين يرفعهم اهاليهم امام المجلس ولم ينتخبوا وعلى نحو غير مفاجىء اطلاقا رئيسا للجمهورية غير مبالين لا باهالي الضحايا ولا بانهيار اضافي قياسي وتاريخي لليرة اللبنانية. لم تصل اليهم بعد " كلمة السر " حول من يجب انتخابه فوضع غالبيتهم اوراقا بيضاء او باسماء او عبارات للالغاء تسجيلا للحضور كما لو انهم ادوا قسطهم للعلى . نواب انتخبوا ببضعة مئات او ببضعة الاف معدودة من الاصوات لا تتجاوز اليد الواحدة او اكثر بقليل يتحكمون بمصير اللبنانيين ويقررون استمرار التعطيل وتاليا زيادة الانهيار والقضاء على امن اللبنانيين الاجتماعي والحياتي . ستكون بعض الدول التي لا تزال تخشى على مصالحها من انهيار لاستقرار لبنان مضطرة لان تتدخل في اتجاه تحديد الرئيس العتيد في ظل استمرار فشل القوى السياسية في انتخاب اي مرشح معلن او غير معلن للرئاسة . فمع ان الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله سخف اخيرا الاتصالات والمساعي الخارجية فان غالبية حلفائه يجاهرون بالعكس كما يجاهرون بانتظار المحركات الخارجية وليس فقط المؤشرات الخارجية. يسأل البعض ما هي التطورات التي ستدفع في اتجاه انتخاب رئيس وهل ستكون محلية او اقليمية او ربما دولية كذلك . وهل يمكن ان تكون تطورات مأساوية وفي اي اتجاه سياسية او امنية او اجتماعية تحت وطأة نزول اللبنانيين الى الشارع وضغطهم على القوى السياسية مجددا ؟ لا احد يملك الجواب. ولعل هذه الدول ستنتظر انهاك القوى السياسية وانكشاف عجزها مع استمرار الانزلاق الى قعر جهنم من اجل ان تساعد بالحل لان هذه القوى ستكون اكثر ضعفا وهزالا مما اصبحت عليه فتضطر الى القيام بتنازلات من اجل انقاذ نفسها وليس انقاذ البلد. وهذه اللحظة لم تحن بعد وقد تكون بعيدة نسبة الى الامال التي ارتفعت بامكان انتخاب رئيس جديد قبل الربيع المقبل لان لبنان في خطر ولا يستطيع تحمل المزيد . ولكن مسؤوليه يدفعون خطوط احتماله كل يوم اكثر فاكثر ابعد من اليوم السابق.
يتضح من استطلاع كبير لمجموعة من السياسيين ان لا فكرة لديهم اطلاقا عن الخطوة التالية . هناك خارطة طريق واضحة ومعروفة من الجميع على كل المستويات تقريبا ماليا واقتصاديا وحتى سياسيا ولكن الجميع ينتظرون حدثا او تفاهما ما. يقول البعض وفي ضوء موقفين متتالين ايراني من بيروت على لسان وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان واخر سعودي على لسان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان من دافوس عن البحث عن سبل الحوار بين الجانبين ان هذا ما ينقص الحركة السياسية في لبنان في تأكيد على هامشية ادوار اللاعبين الداخليين او انتظار اجتماع باريسي كثر الحديث عنه اخيرا. وفي هذا السياق فان الامال كبيرة بتعب ما يراهن عليه الخارج فيما يراهن بعض اهل الداخل على تعب الخارج وتسليمه بالحد الذي يمكن قبوله ولو من دون موافقة الجميع عليه. ولذلك يرى البعض ان كل الصراعات الداخلية لم تنجح فعلا في استبعاد اي مرشح محتمل على رغم افتراض ان ما يجري منذ ثلاثة اشهر يصب في هذا الاطار . فيما ان الخارج لا يرى الحسابات الداخلية للقوى السياسية بالمنظار نفسه ولا بالابعاد نفسها على غرار ترشيح سليمان فرنجيه مثلا الذي لا يمانع في وصوله الاميركيون والفرنسيون او قائد الجيش جوزف عون كذلك الذي يمكن ان يحظى بتوافقات اكثر ربما . وحين عرضت هذه الاسماء من الخارج وتم رفضها ، فان هذا الاخير لن يقوم باي اقتراحات جديدة قبل ان تصبح القوى السياسية مستعدة للقبول او المساومة او تقديم تنازلات .
ما يفترض باللبنانيين اخذه في الاعتبار ان هناك توقعات خارجية على مستويات عالية بان الشغور الرئاسي متى فتح الابواب اليه فلن يكون سهلا اقفاله من ضمن مهلة قصيرة او محددة لان قوى كثيرة يمكن ان تدخل وستدخل على خط التعقيدات فيه او ان اللامبالاة السياسية والاوصاف التي نعت بها الخارج اهل السلطة السياسية في لبنان وكذلك المؤسسات المالية العالمية تحول دون الاستجابة الفورية لما يريده هؤلاء لجهة تقديم المساعدة . فالاهتمام بلبنان بات ثانويا جدا ويمكن الالتفات على سبيل المثال الى ما تعانيه دول عدة وتداعيات ذلك اقليميا وحتى دوليا. فالتطورات الدرامية في اسرائيل على مستوى من الخطورة العالية ليس في تهديد حكومة بنيامين نتنياهو بل في تأثيرها على الفلسطينيين واي فرصة لحل الدولتين (علما ان هذا الحل اندثر ولو انه لا يزال عنوانا لمواقف دول عدة ) . وانهيار الجنيه المصري وتأثيره على مصر يدفع بدول اكثر اهمية بكثير من لبنان الى الواجهة لا سيما ان لبنان بات نهجه التعطيل الرئاسي كل ست سنوات من اجل تعديل موازين القوى الداخلية او فرضها .
"النهار"- روزانا بومنصف
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|