سيناريو الليرة اللبنانية يلاحق الدينار العراقي؟
باتت الجملة الأكثر تداولا في العراق "كم سعر الدولار اليوم"؟ سؤال يحمل في طياته قلقا شعبيا خصوصاً مع متابعة العراقيين لما جرى في لبنان من انهيار تاريخي وغير مسبوق لليرة اللبنانية. فللعشب العراقي أسبابه في أن يخاف، وللمراقبين أسبابهم في أن يقلقوا من مصير يحاكي مصير لبنان. كيف لا والعاصمتان بغداد وبيروت كانتا من بين العواصم التي جاهر النظام الإيراني باحتلالهما.
بغداد وبيروت جزء من سياسة الهيمنة تلك، التي تمرّ بتفتيت الاقتصاد وتجويع الشعوب لتطويعها. ففي البلدين اقتصادان موازيان "أسودان" يضربان الاقتصاد الرسمي. يساهم في تحقيقهما معادلة تربط بين الميليشيا ورجال بربطات عنق "فاسدين".
أما الفرق بين العراق ولبنان في وضعيهما قد يبعد تكرار سيناريو بيروت في بغداد، لا بسبب نوايا طهران الواحدة في البلدين بل بسبب جملة من الأسباب الطارئة في السنوات الثلاث الأخيرة، أبرزها رفض الشعب العراقي للتدخل الإيراني وهو ما تجلى في تظاهرات تشرين التي هتفت "العراق حرة وإيران برّا برّا". وبعدها كانت الخسارة في الانتخابات أو التراجع الملحوظ لحلفاء إيران في السياسة قبل أن يعودوا ويفرضوا أمرا واقعا، لكنّ هذا لا يمكن أن يكون بالعراق بظل أصوات وطنية معارضة لهذا التدخل. وأضف إلى هذه الأسباب "عروبة العراق" التي أكدها وشدد عليها في "خليجي 25" بدون نسيان معاهدة الإطار الاستراتيجي مع واشنطن. كلها أسباب تختلف عن تلك في لبنان اليوم.
بكل الأحوال طرح مسببات موضوع "الدولار" يصيب بأسهمه إيران وحلفائها. فمسألة التهريب لم ينكرها رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي أكّد في مقابلته الأخيرة مع قناة الإخبارية العراقية "حصول تحويلات احتيالية للدولار إلى الخارج"، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر كشفه البدء بتطبيق تنظيمات ترعى التحويلات المالية. وأضاف أن "تهريب العملة إلى الخارج كان يتمّ عبر تحويلات تتمّ على أساس فواتير مزوّرة لواردات كان يتمّ تضخيم أسعارها". واستدلّ السوداني على وجود التهريب بالقول إنّه "قبل تطبيق نظام سويفت كان البنك المركزي العراقي يبيع التجّار كمّيات من العملة الخضراء تفوق بأضعاف ما يبيعهم إياها اليوم". بكلامه هذا، حاول السوداني عدم تسمية الأمور بمسمياتها إذا يقول "نسمع أنّ هناك تهريباً لأموال تُنقل إلى إقليم كردستان، ومن الإقليم تذهب الى دول الجوار"، من دون أن يحدّد ما إذا كان يقصد تركيا أو إيران أو سوريا. وعليه، فإنّ وفدا عراقيا رفيعا يرأسه وزير الخارجية سيزور واشنطن في 7 فبراير لمناقشة آلية سعر الصرف وتقلّباته.
وفيما لم يشر رئيس الوزراء العراقي إلى وجهة تهريب الدولار، حصلت السلطات الأميركية على أدلة دامغة بأنَّ "إيران تداولت خلال الأسبوعين الماضيين دولارات تسلمتها العراق حديثاً من وزارة الخزانة الأميركية" بحسب ما كشفت مصادر موثوقة لصحيفة الشرق الأوسط. أضافت المصادر أنّ "الأميركيين يشعرون بأنَّ بغداد تتعامل بعدم اكتراث مع تحذيراتهم الأخيرة للمؤسسات المالية العراقية التي تبيع وتشتري الدولار". إذن كلام السوداني غير المحدد، بات واضحاً ضمنياً.
فإقرار البنك المركزي الأميركي ضوابط أكثر صرامة منذ نوفمبر الماضي لمواجهة تهريب الدولارات إلى إيران وضع رئيس الوزراء العراقي تحت ضغط كبير ما دفعه إلى الإستعانة بقوات النخبة المعنية بمكافحة الإرهاب للتصدي لتجار يهربون العملة إلى إيران وفق ما كشف تقرير لرويترز. وأوضح التقرير أن إيران تستخدم منذ سنوات شركات صُوَريّة من العراق إلى تركيا للحصول على الدولارات التي تحتاجها للمعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط. هذا وكشف مستشاران لبنوك عراقية يحضران بانتظام اجتماعات البنك المركزي أن إيران تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريا من تجار عراقيين بحسب تقرير رويترز. فيما أفاد مسؤولون أمنيون عراقيون بأن لديهم أدلة دامغة بأن مهربين يشترون كميات كبيرة من الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويهربونها عبر المعابر الحدودية إلى إيران خاصة في معبر الشلامجة قرب البصرة.
أيضاً، في هذا الصدد تنقل "الشرق الأوسط" عن مستشار حكومي سابق بأنّ "أحزابا شيعية تواصلت مع طهران لإقناعها بأن أزمة الدولار تستهدف أمنها القومي" وهنا يخشى رئيس الوزراء العراقي وفق المصادر من "استعداء الجماعات المدعومة من إيران له إذا ما طبّق القيود الأميركية".
بالخلاصة مصير لبنان المالي يبقى بعيدا حتى الآن من العراق إلا إذا فشلت الحكومة الحالية بأخذ موقف لصالح الشعب العراقي على حساب الميليشيات الإيرانية، وإلا فإنّ سيف العقوبات الأميركية قد يلاحق بغداد والدينار قد يتجه إلى انهيار محتوم شأنه شأن مصير كل الدول التي تهيمن عليها طهران.. فالعملة في سوريا ولبنان واليمن أمثلة حيّة!
المصدر : جسور
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|