تحضيرات لمسعى جديد يكسر التعطيل.. ومعركة حول التشريع
يقفل الاسبوع الجاري على استعدادات تجريها مكونات الصراع السياسي، لخوض منازلة جديدة في الأيام المقبلة، مسرحها الجلسة التشريعية للمجلس النيابي التي يُرجح ان تُحدّد منتصف الاسبوع المقبل، تبعاً لما سيتقرّر في الاجتماع المحدّد لهيئة مكتب المجلس الينابي يوم الاثنين.
وإذا كانت هذه المكونات قد فرضت تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية ضيفاً ثقيلاً على لبنان إلى أجل مفتوح على مديات زمنية طويلة، وأعدمت كلّ فرص قطف انتخاب رئيس الجمهورية من شجرة التعقيدات، فإنّها تمارس ما تبدو انّها محاولة للهروب إلى الأمام وتغطية أدائها التعطيلي، وإحباطها لأي مسعى هادف إلى دفع الملف الرئاسي إلى محطة الانتخاب، بافتعال معركة تلو الأخرى، تنفخ الواقع الداخلي بتوترات واحتقانات اضافية.
عنوان المعركة الجديدة وفقا ل"الجمهورية"، هو الدور التشريعي لمجلس النواب، والخريطة النيابية مفروزة بين منطق يؤّكد أن لا قوة تستطيع ان تلغي الدور التشريعي للمجلس او تنتزع منه هذا الحق، ويقود هذا المنطق رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبين منطق يعبّر عنه نواب يصنّفون أنفسهم سياديين او تغييريين، يعتبرون انّ خلو موقع رئاسة الجمهورية، يجعل من مجلس النواب هيئة ناخبة لا تجيز له أن يمارس أي دور تشريعي سوى انتخاب رئيس الجمهورية، وبين منطق آخر يقارب هذه المسألة من باب العناد السياسي، واللعب على وتر «الميثاقية» واستخدامها سلاحاً لإفقاد أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية شرعية ودستورية الانعقاد.
على انّ السؤال الذي يفرض نفسه في ظل هذا الفرز: هل ستنعقد الجلسة التشريعية للمجلس النيابي إذا ما تقرّر ذلك في اجتماع هيئة مكتب المجلس الاثنين المقبل؟
مواقف الأطراف باتت معروفة، «القوات اللبنانية» حسمت خيارها بمقاطعة ايّ جلسات تشريعية قبل انتخاب الرئيس، ويتناغم معها من يسمّون «نواب التغيير»، ونواب معارضون منضوون في الخط السيادي، وكذلك الامر بالنسبة الى «الكتائب». فيما ثمة مؤشرات ترجح مشاركة «التيار الوطني الحر» في الجلسة التشريعية المقبلة. ولفت في هذا السياق، هجوم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على التيار، وقال: «إذا صحّت المعلومات بأن التيار ينوي حضور جلسة مجلس النواب التشريعية التي يُزمع الرئيس نبيه بري الدعوة إليها مطلع الأسبوع المقبل، فهذا يعني أنّ التيار لم يكتفِ بمساهمته بالأضرار التي أوقعها على اللبنانيين وفي طليعتهم المسيحيون، في السنوات الست الماضية. إذ حوّل نهارهم ليلاً، وحياتهم جحيماً، بل هو مصرّ على ملاحقتهم وتنغيص عيشهم حتى اللحظة، وكل ذلك من أجل حفنة من المناصب».
وقالت مصادر معارضة لـ»الجمهورية»: «انّ انعقاد أي جلسة تشريعية يُعتبر مخالفاً للدستور، على اعتبار انّ المجلس هيئة ناخبة ولا يحق له التشريع، وبالتالي فإنّ الأولويّة هي لانتخاب رئيس الجمهورية قبل ايّ أمر آخر. ونص المادتين 74 و75 من الدستور واضح في هذا الشأن. والمادة 74 تقول باجتماع المجلس لانتخاب الرئيس دون الحاجة إلى دعوة من رئيس المجلس».
في المقابل، استهجنت مصادر مجلسيّة مسؤولة هذا المنحى، وقالت لـ»الجمهوريّة»: «انّ ما يبعث على الأسف، هو انّ البعض يحاول أن يهرب من تخبّطه الى إدخال مجلس النواب ودوره التشريعي في البازار السياسي، لغاية وحيدة وهي تعطيل المجلس».
وإذ لفتت المصادر إلى «انّ من المعيب مقاربة الدستور بتفسيرات سطحية، حتى لا نقول اكثر من ذلك، تنمّ إما عن جهل بنصوصه او عن تجاهل متعمّد لها، يعتبر الدستور الها من تمر يؤكل عند الجوع ويُفسّر بحسب الرغبات والأهداف والأهواء والسياسات»، حسمت بأن لا مانع على الاطلاق امام انعقاد جلسة تشريعية، ورئيس المجلس عازم على عقد جلسة وفق الاصول والمبادىء الدستورية».
وأشارت المصادر، إلى انّ كل التفسيرات التي نسمعها من هنا وهناك عن المادتين 74 و75 من الدستور، هي تفسيرات سياسية وغير واقعية على الاطلاق. والردّ على تلك التفسيرات وارد في نص المادة 73 من الدستور، التي تحدّد آلية انعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، بتأكيد حق رئيس المجلس وحده في الدعوة إلى عقد هذه الجلسات، ولا تتجاوز هذا الحق الّا في حالة وحيدة، وهي عندما يتخلّف رئيس المجلس عن الدعوة إلى انعقاد المجلس خلال مهلة الستين يوماً السابقة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، فيلتئم المجلس حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية. وما خلا هذه الحالة لا ينعقد المجلس لانتخاب الرئيس الّا بدعوة من رئيسه. وما يقوله بعض النواب عن تجاوز حق رئيس المجلس، بالدعوة لا قيمة له.
اما في ما خصّ اعتبار المجلس هيئة ناخبة، فإنّ المصادر تلفت الانتباه إلى انّ هذه الحالة يرتديها المجلس حصراً في جلسة انتخاب الرئيس، وليس خارجها على الإطلاق، والمادة 75 من الدستور شديدة الوضوح ولا تحتاج الى تفسير او تأويل، حيث انّها تتناول صراحة واقع المجلس الملتئم لانتخاب الرئيس، والملتئم يعني المجتمع في جلسة، وفي هذه الحالة فقط يصبح المجلس هيئة ناخبة، وليس المجلس بصورة عامة، بحيث يصبح هيئة ناخبة طالما انّ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية قائم.
ورداً على سؤال، أكّدت المصادر المجلسية «انّ الميثاقية مؤمّنة، واللعب على هذا الوتر لا يغيّر في واقع الحال شيئاً، فإن كانت ثمة حاجة لعقد جلسة تشريعية فإنّ رئيس المجلس لن يتأخّر على الإطلاق في توجيه الدعوة لعقد جلسة، سواء التي يحضّر لعقدها في القريب العاجل او غيرها التي قد يتقرّر عقدها في أي وقت لاحق».
وحول ما إذا كان المجلس النيابي سيجتمع كمجلس الوزراء على قاعدة انّ الضرورات تبيح المحظورات، قالت المصادر: «مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف اعمال، وفي غياب القدرة على تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، يجتمع وفق الضرورات لتسيير امور الدولة وقضايا الناس، وهذا واجب قانوني ودستوري ويندرج في صلب مهام الحكومة، حتى ولو كانت ضيّقة في حدود تصريف اعمال. واما واقع المجلس النيابي فهو مختلف ولا تسيّره ضرورات أو محظورات، حيث انّه مؤسسة قائمة بكل بنيتها، وصلاحياته غير منتقصة، ودوره التشريعي ليس مقيّداً بأي موانع، كما لا تستطيع أي مواقف سياسية ان تنتزع منه هذا الدور، وبالتالي ما هو بصدده بالنسبة إلى انعقاد جلسات التشريع، ليس تشريع الضرورة، بل التشريع الطبيعي وعلى هذا الأساس، ولأنّ مصلحة لبنان واللبنانيين فوق كل الاعتبارات والسياسات، فإنّ المجلس لن يرضخ للمزايدات وسيجتمع تشريعياً وليحضر من يحضر وليقاطع من يقاطع.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|