حزب الله: لا تسليمًا جزئيًّا أو كاملًا للسلاح قبل الانسحاب الإسرائيلي
زعامة الحريري باقية وعودته رهن تبدلات محلية وإقليمية
درجت العادة ودلّت التجارب في الشرق على ان لا أحد يترك السلطة ويغادر المناصب والاضواء بارادته، فكيف اذا كان الحال في لبنان على هذه الدرجة من تعلق القواعد بزعمائها ووقوفها معهم سواء اصابوا ام اخطأوا حيث تنعدم المحاسبة إلا في ما ندر. ويسري هذا المناخ من سنوات ما قبل الاستقلال نتيجة جملة من التعقيدات المذهبية والمناطقية التي تتحكم بخيارات المواطنين.
الرئيس سعد الحريري اتخذ قبل سنة قراره بتعليق العمل السياسي لـ"تيار المستقبل" والعزوف عن خوض الانتخابات النيابية. وثمة عوامل داخلية دفعته الى تجرع هذه الكأس، فضلاً عن جملة من التأثيرات الخارجية التي لم تمانع وصوله الى هذه الخلاصة ومغادرة بيروت والاستقرار في أبو ظبي. وهو حضر الى بيروت في الذكرى الـ 18 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري ووقف امام جمهوره الذي لم يقصّر في مبادلته الوفاء. وخاضت طائفته الانتخابات النيابية الاخيرة وأوصلت وجوها جديدة الى الندوة البرلمانية في ظل سؤال لا يفارق اهل السنّة: هل استطاع النواب الـ 27 للطائفة ان يحلوا مكان زعامة آل الحريري؟ لا احد يدعي من نواب الطائفة ان في مقدورهم احتلال هذا الموقع الذي حفره الحريري الأب في الصخر من اواخر الثمانينات الى يوم رحيله في شباط 2005 حيث احدث اغتياله بالفعل هزة سياسية على مستوى لبنان والمنطقة منذ ذلك التاريخ الى اليوم.
ولا بد من الاعتراف بان "تيار المستقبل" لو شارك في الانتخابات الاخيرة لكان سيحصل على حصة الاسد في تمثيل الطائفة من دون التقليل من حضور اطراف متنوعة لدى هذه البيئة التي تشكل اكبر مكون انتخابي في البلد إذ يمتد تأثيره في اكثر من دائرة مع وجود جهات في الطائفة قادرة على الحفاظ على مواقعها من دون القدرة على تهديد حضور اسماء نيابية معروفة في عكار وطرابلس والضنية وبيروت والبقاع الغربي وصيدا. ومَن حلّ في المقاعد الاخرى جاء بدعم من قواعد "الحريريين" انفسهم. ولا مهرب من معاينة تمدد "التغييريين" عند الناخبين السنّة مع التوقف عند تمكن الناخب الشيعي من الاتيان بثلاثة او اربعة نواب من السنّة، وهذا ما يحدث في بعلبك - الهرمل ومرجعيون - حاصبيا. ولم يتمكن النواب "التغييريون" من السنّة من احداث هذا الفارق حيث يعملون على "ردات الفعل السياسية" ولم ينجحوا في وضع خريطة طريق واضحة. وينطبق هذا الحكم على زملاء لهم لدى طوائف اخرى. ويردد محام بيروتي عتيق ان العاصمة والدوائر التي يقترع فيها السنّة "انتخبوا سعد الحريري امس (الثلثاء) بدل 15 أيار الفائت".
ولم يتمكن ابناء الحريرية انفسهم الذين اختلفوا مع الشيخ سعد من احتلال اي مساحة لدى قواعد هذا الفريق حيث لا تزال العلاقة مقطوعة بين الحريري والرئيس فؤاد السنيورة رغم دخول وسطاء لجمعهما في لقاء قصير، إلا ان الاول رفض هذا الطرح مدعوماً بموقف من عمته النائبة السابقة بهية الحريري في وقت تمر هذه العلاقة بانسياب ايجابي مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، ولا سيما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال لم يقصر في الحفاظ على موقع الرئاسة الثالثة رغم كل الضغوط التي تحاصره.
من جهتهم، يرفض النواب السنّة التسليم بمقولة انهم لا يمثلون طائفتهم مع اعترافهم المسبق بالحضور القوي للحريري الذي وجّه بهدوء اكثر من رسالة الى الداخل والخارج وليقول لجميع المهتمين ان زعامته تبقى الاولى في صدارة هذا المكون الذي لا تخفي قواعده أن ممثليهم في البرلمان لا يلعبون ولا يحتلون الدور الذي يمارسه زعماء الشيعة والموارنة والدروز نتيجة ابتعاد الحريري الذي كان يمسك بمسار بوصلة السنّة في دائرة القرار بعدما تخلى عن قيادة لم يغادرها إلا نتيجة رزمة من الصعوبات والمعوقات التي اعترضته وكانت كثيرة، ولم يكن الاخير في حاجة امس الى اثبات عمق حضوره عند السنّة الذين حضروا لملاقاته عند ضريح الحريري الاب حيث لا يزال هؤلاء يحافظون على خيوط الوفاء مع هذا البيت. وثمة قسم من هذا الجمهور لم يستفد شيئا من الحريرية وتتغلب عواطفهم في مبادلة سعد المحبة التي غرسها والده في نفوس مساحة كبيرة عند السنّة تردد انها تفتقد زعيماً يشكل الرمز. ورفع انصاره صوره ورايات "المستقبل" فقط من دون لافتات او ضجيج اعلامي وتسابقوا على مصافحته حيث سارت الامور في محيط الضريح الى "بيت الوسط" وفق سيناريو مدروس بعناية مع بقاء الحريري على تعهده بالعزوف عن العمل السياسي، وهذا ما ردده امام كل من كان يلتقيه وحتى على مسمع نواب سنّة حيث لم يأخذوا شأن غيرهم اي اشارة لا من قريب ولا من بعيد حيال اي من الاسماء المطروحة للرئاسة. وخاطب نائباً فاز بحاصل من اصوات حريرية: "صدقوني لم أعد أعمل في السياسة الان. والله يعين البلد وكل نائب يعرف اين تكمن مصلحته حيال استحقاق الرئاسة".
لكل هذه الاسباب لا يزال الرجل على عزوفه أقله في هذا التوقيت الى حين حصول تبدلات في الداخل والخارج، وربما تطول"اجازته" الى نهاية ولاية البرلمان الحالي من دون توقع الى أين ستؤول الامور المتدحرجة في بلد يعيش أهله على سيل من الهزات السياسية والمالية الارتدادية التي تلامس الاقتراب من الشلل التام.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|