"المُقَدَّدْ"... مونة لبنانيّة مُجففة فرضتها الأزمة الاقتصاديّة!
كتبت ندى عبد الرزاق في "الديار":
تعتبر الأطعمة المجففة من المركبات الأساسية للطهي المنزلي التقليدي في الأرياف اللبنانية، وتوسّعت لتتسرب الى كافة المناطق والمدن. ومع بداية الازمة بدأت تنتشر بقوة في القرى النائية حيث أساس صنع المؤن والمأكولات الاصيلة بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة الى جانب الانقطاع المتواصل للكهرباء فكان تنشيفها او تيبيسها السبيل الوحيد لتأمين الغذاء.
وبدون "الثلاجة" تعتبر الأطعمة المجففة في الشمس او "المقددة" طعاما حيويا ويحتفظ بصلاحيته لفترات طويلة الى جانب العناصر الغذائية.
المون بما تحتويه من أصناف وأنواع واطباق مختلفة ومتنوعة ركيزة أساسية لثقافة المطبخ اللبناني الذي يضم العديد من المأكولات التقليدية، وفلكلور عابر للفصول والاجيال ولدول العالم العربي والغربي، وتتميز "المونة" بجودة عالية عن تلك المتوفرة في المحلات كونها بلا أي إضافات او مواد حافظة ما يجعلها متكاملة العناصر الغذائية والصحية.
ومن المتعارف عليه ان أساس تحضيرها قائم على تجهيز الاصناف التي تبقى من موسم الى آخر وتبدأ من: غلي الطماطم لصنع مسحوق رب البندورة، الكشك اليابس والاخضر المكبوس بالزيت، القمح ويشمل البرغل الناعم والخشن وكل نوع يستخدم في أصناف مختلفة من الوجبات، الى جانب المربيات والمجففات واللبنة "المكعزلة" مع زيت الزيتون والاجبان التي بات يُتفنن في صنعها منها مع الحبة السوداء وأخرى بإضافة اوراق الزعتر الأخضر، يضاف الخضروات والفواكه الغير متوافرة طيلة العام.
ايضاً الكبيس يوضّب في آنية زجاجية محكمة الاغلاق ومضغوطة لكيلا يفسد ويضاف اليه الخل والملح وبعض فصوص الثوم. والملفوف اللذيذ يهيئ بزيادة صبغة طبيعية اليه من الشمندر لإعطائه اللون الأحمر والخيار والجزر والقرنبيط والبندورة الخضراء، ومن لا يعشق الباذنجان "المكدوس" الذي يسلق ويجفف من المياه بوضعه على احجار ليتصفى من مياه السلق ويتم شقه من نصفه، ومن ثم صنع حشوة من الفليفلة الحمراء والجوز والثوم والبعض يضيف له الفستق والحر ومن ثم يحشى ويكبس في آواني زجاجية ويغطى بالزيت ويبقى من موسم الى اعوام بحسب استهلاكه.
مع دولرة السلع الغذائية وغياب الرقابة، باتت كل سوبرماركت تنفرد بوضع تسعيرة تتناسب مع جشعها. الامر الذي يتناقض وما قام به وزير الاقتصاد امين سلام من ان غاية دولرة المواد والسلع سيحد من المخادعة بالسعر. ووجدناه "ينق" شأنه شان المواطن العادي بعد ان تلاعبت احدى السوبرماركت بسعر ربطة الخبز.
وفي هذا السياق سعر كيس البازيلاء المثلج اضحى بـ 5 $، والجزر بـ 3 $ اما الباميا فسعر الكيس الصغير بـ 7 $ بالإشارة الى انه تم وضع جملة على أحد البرادات بعدم تصوير الأسعار.
وفي الموازاة فان الأسعار حتى بالدولار تضاعفت بزيادة 25 و60 سنتا على السعر الأساسي. وبالعودة الى احتساب بعض من هذه المواد تم فضح التخادع بعد اعتراض مواطن على سعر سلعة اشتراها من احدى السوبرماركت ووجدها اقل بأخرى، ما يشير الى ان الخير ليس في القادم!
لكل هذه الأمور مجتمعة، ربات المنازل اللبنانيات أدركن التحديات الصعبة في الحصول على الطعام بسبب جنون الاسعار فابتكرن "التقديد" وهو طريقة عملية وصحية عن طريق تنشيف الأغذية بأشعة الشمس.
وقد احتلت هذه العملية حيزا مهما واساسيا في خزائن المطابخ او في "التتخيتة" وهي كناية عن مكان لحفظ المؤن كما انها لم تعد حكرا على نساء الأرياف بل تسللت الى المدن.
يقول اخصائي التغذية طه مريود، "الأطعمة المقددة تحتوي على عناصر غذائية عالية فالفاصوليا المجففة مثلا: كل 100 غرام منها يحتوي على 103 سعرات حرارية، وفيها بروتين، وكربوهيدرات". ويتابع، "يحتاج الجسم الى حوالي 177% من القيمة اليومية الضرورية من المولبيدنيوم وحوالي الـ 45% من الالياف الغذائية، الفولات، الحديد، 42% من المنغنيز و15% من البروتين".
ويضيف، "لا بد من الإشارة الى ان الخضروات "الميبّسة" صحية مثل تلك الطازجة على الرغم من تنشيفها وإزالة المحتوى المائي لها اثناء عملية التجفيف، ومع ذلك تحافظ على جميع الفيتامينات والمعادن الموجودة فيها، وهناك بعض العناصر المتطايرة مثل فيتامين "ب ""ج" وبيتاكاروتين الا انها لا تفقد القيمة الغذائية، بل يمكن إضافة حمض الستريك اليها الغني بفيتامين "س" ".
تعد الأطعمة المجففة منخفضة الوزن خيارا مهما وصحيا، حيث لا تحتاج الى مكان كبير لتوضيبها، وتتميز بخلوها من المواد الحافظة والمسرطنة ما يسمح بالتأكد من المكونات بشكل شخصي وبالتالي تناول هذه الاطعمة دون قلق.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|