عربي ودولي

بعد سنة... الجيش الروسي "انتهى" وزيلينسكي لم يهرب الى أميركا بل استقبل بايدن في كييف

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم نَكُن بحاجة لرؤية الرئيس الأميركي جو بايدن في العاصمة الأوكرانية كييف أمس، لنلمس لَمْس اليد أن روسيا خسرت جزءاً كبيراً "من نفسها" بسبب حربها على أوكرانيا، وذلك مهما حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإكثار من الصّراخ "الاستراتيجي".

  الهروب

فقبل عام من الآن، كانت النّقاشات تدور حول الضّمانات الأمنية الروسيّة المطلوبة من حلف "الناتو"، وحول صور الأقمار الاصطناعية التي كانت ترصد تحشيداً إضافياً لعدد القوات الروسية، ولآلة الحرب الروسيّة على الحدود مع أوكرانيا، ولتعميق التنسيق العسكري بين روسيا وبيلاروسيا تحضيراً لبَدْء الهجوم الروسي على كييف. وهذا كلّه، فيما كان المسؤولون الروس يسخرون من "الهستيريا" الغربية المرتبطة بالتحذير من حرب روسيّة حقيقية وكاملة على أوكرانيا.

وقبل عام من الآن، كانت بعض الدوائر تناقش المدّة الزمنيّة التي يُمكن للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يصمد خلالها في أوكرانيا، بعد بَدْء الهجوم الروسي، وسط عروض أميركية لإخراجه من كييف، وتوقّعات بأن بولندا يُمكن أن تكون وجهته الأولى في الهرب من الأراضي الأوكرانية.

سقوط الجيش

أما اليوم، وبعد نحو عام من الحرب الروسيّة تلك، لا تزال موسكو تتحدّث عن "عمليّة عسكرية خاصّة"، رغم أن العمليات الخاصّة لا تتجاوز الأسابيع القليلة في أبْعَد تقدير.

وبدلاً من أن نجد الرئيس الأوكراني هارباً في بريطانيا، أو الولايات المتحدة الأميركية، ها هو يستقبل أكبر زعماء وقادة الغرب داخل العاصمة الأوكرانيّة كييف، وصولاً الى حدّ قيامه بزيارات لأكبر الدول الغربيّة، مع العودة الى أوكرانيا، وسط ضجيج روسي كبير في التصريحات والمواقف.

أما النتيجة الأساسيّة التي سجّلتها الحرب الروسيّة على أوكرانيا حتى الساعة، فهي سقوط الجيش الروسي، وتحوّله الى عالة شبه تامّة على الاقتصاد الروسي، بدلاً من أن يكون عنصراً أساسياً من عناصر هذا الاقتصاد.

نهاية عصر

فمن المعلوم أن الحروب هي اقتصاد، قبل أن تكون بحثاً عن توسّع من أجل التاريخ، والجغرافيا، والخطوط الحمراء. والجيوش المُنتِجَة هي تلك القادرة على توفير موارد اقتصادية ومالية لدولها، وشعوبها، من خلال توسّعها العسكري خارج حدودها، وليست تلك التي تكلّف أموالاً طائلة من المساعدات، والهبات الخارجية...، ومن الضرائب داخل دولها لتوفير رواتب عناصرها وضباطها.

وبالنّظر الى النتائج العسكرية الروسيّة في اوكرانيا، منذ عام وحتى اليوم، نجد أن مرتزقة مجموعة "فاغنر" حقّقوا ما قد يتجاوز ما يفعله الجيش الروسي هناك، في كثير من المعارك والمناطق. وهو ما يعني أن إحدى أبرز نتائج الحرب هي نهاية عصر الجيش الروسي بنسبة أو بأخرى، في مشهد كاسر للتوازن الدولي بشكل لا يُستهان به.

تقنين الصواريخ

فأن يُضطّر ثاني أكبر جيش في العالم (الجيش الروسي) لاستخدام المسيّرات الإيرانيّة المعدَّلَة لتُصبح أكثر فتكاً، ولاستعمال أسلحة كوريّة شماليّة، وربما صينيّة في وقت لاحق... بعد أشهر من حرب يخوضها في "جلده" الأوروبي الشرقي، فهذا يعني أن هذا الجيش انتهى.

وأن يُضطّر ثاني أكبر جيش في العالم الى تقنين استعمال صواريخه ذات التقنيات المرتفعة، بموازاة الدّخول في محادثات للحصول على صواريخ باليستية من إيران، أو كوريا الشمالية، أو الصين، فهذا يعني أن هذا الجيش انتهى.

الشركات العسكرية

وأن يستمع العالم الى الزّعيم الشيشاني رمضان قديروف ينتقد القيادة العسكرية الروسيّة في أكثر من مناسبة، بسبب "أخطاء" في قيادة العمليات في أوكرانيا، فهذا يعني أن الجيش الروسي انتهى.

وأن يستمع العالم الى قديروف يتحدّث عن أنه يخطّط لتأسيس شركته العسكرية الخاصة، على غرار مجموعة "فاغنر"، بعدما حقّقت تلك الأخيرة "نتائج رائعة" (برأي قديروف) في أوكرانيا، فهذا يعني أن الجيش الروسي انتهى، وأن عصر المنافسة بين الشركات العسكرية الخاصة قد يبدأ في روسيا بأي وقت، بموازاة عصر الأمن الروسي الداخلي والخارجي المضبوط على مزاجيّة تلك الشركات، وذلك بمعيّة نهاية عصر الجيش الروسي.

الحرب العالمية

الجيش الروسي انتهى بالحرب الروسيّة على أوكرانيا، وبسعيه للحصول على أسلحة فتّاكة من إيران، ومن كوريا الشمالية، والصين، رغم أن تلك الدول لا تمتلك أسلحة فتّاكة أكثر وأقوى من تلك الموجودة في روسيا.

ونتيجة لذلك، يعيش العالم حالياً حالة من انتظار التوازن الدولي الجديد والمُمكن، بعد سقوط القوّة العسكرية الدولية الثانية، والتي هي الروسيّة، مقابل ما ليس واضحاً بَعْد في الحلول مكانها.

فليس صحيحاً أن روسيا وحدها، تخوض حرباً عالميّة ضد حلف "الناتو" مجتمعاً، بل ان التوصيف الأدقّ للأمور هو أن الحرب الروسيّة على أوكرانيا هي حرب بين الشرق كلّه والغرب كلّه، إذ إن الغرب بقيادة "الناتو" والولايات المتحدة الأميركية يتقاتل عسكرياً، واقتصادياً، ومالياً، وإيديولوجياً... مع الشرق الروسي، والصيني، والإيراني، والكوري الشمالي، وحتى مع الشرق الهندي، والخليجي، وإن بنِسَب متفاوتة ومختلفة، انطلاقاً من أن كثيراً من الدول والكتل الشرقيّة تدعم روسيا في حربها على أوكرانيا ليس بالسلاح فقط، بل عبر الالتفاف على العقوبات الغربيّة، ومن خلال إنتاج النّفط، وأسعاره أيضاً.

هذه هي الحرب العالمية الثالثة، وهذه نتيجتها الأوضح حتى الساعة، وهي أن عصر الجيش الروسي انتهى.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا