العدالة القضائية لمحاسبة مجرمي الحرب "الفارين" إلى لبنان...الحزب لا يحمل تبعاتهم
أمر طبيعيّ... اللبنانيون سيشعرون يومياً بهزات ارتدادية وهذا ما سنشهده خلال أسبوعين
لم يتح للمقابلة مع مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء الدكتورة مارلين البراكس أن تمرّ من دون مقاطعة... الهزّات الأرضية. فعلى مدى ساعة استغرقها وجودنا في المركز في بحنّس، سجّلت أجهزة الرصد الزلزالي خمس هزّات ضعيفة. كانت فرصة لمعرفة وجود هزّة من دون أن نشعر بها، بعدما فكّك الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا فجر السادس من شباط كلّ الصفائح من حوله، وأيقظ كلّ الفوالق النائمة منذ مئات السنين.
الحركة الزلزالية المستجدّة، التي يخشاها النّاس من جهة، تطمئن علماء الجيولوجيا في منطقتنا من جهة ثانية، إذ يرون في زلزال السّادس من شباط «تحرّراً كبيراً للطاقة سيريح المنطقة لسنوات آتية»، من دون أن يعني ذلك أبداً أنّ الهزّات الخفيفة ستتوقف، فـ«قشرة الأرض في حركة دائمة، ولن تتوقف».
في لبنان، يأمل المواطنون بعد كلّ هزّة أرضية أن تكون الأخيرة، لكنّ الهزّات لا تتوقف، مطلقةً طاقةً محبوسةً تحت الأرض بشكل متقطع، إذ تشير البراكس إلى «تسجيل 26 هزة ارتدادية تفوق قوّتها الـ 5 درجات في اليوم الأول بعد الزلزال التركي، وهزّتين من النوع نفسه في اليوم التالي، أمّا الهزّات التي تقلّ قوّتها عن الدرجتين، فتمّ تسجيل المئات منها»، مؤكدّة أنّ «المراصد التركيّة لا تتوقف عن تسجيل الهزات الضعيفة».
الارتدادات مستمرّة
مساء الاثنين الفائت، شعر اللبنانيون بهزّةٍ مصدرها الشاطئ السّوري، أتت على إثر تحرّك جديد للفالق الإفريقي الشرقي الذي يمرّ بمدينة اللاذقية السّورية، قبل أن يلتقي بامتداد فالق اليمونة، وصولاً إلى جبال طوروس التركيّة، متسبّباً بهزة أرضية قوّتها 6.3 درجات، و«هي ليست ارتدادية، بل قد تكون ناتجة من ضغط الزلزال الأول وتسبّبت بكسور في الصخر، ما يعني أنّ الأرض تحتها ستحتاج إلى وقت إضافي كي ترتاح» بحسب البراكس. وعليه، لم تقف التحرّكات الأرضيّة عند هذا الحدّ، بالإضافة إلى عدد من الهزات الارتدادية تلت الهزة الأولى، استمرّت أرضنا المتحرّكة أصلاً بالتحرّك، وضربت هزة ثانية السّواحل اللبنانية فجر أمس بقوة 4 درجات على مقياس ريختر، وهي ليست ارتدادية هذه المرّة، بل لبنانية المنشأ، ومن البحر تحديداً قبالة شواطئ الجنوب، وتبعد 64 كيلومتراً عن صيدا.
والاطمئنان كذلك
«الضغط يخفّ نعم، ولكن لا يمكن لأحد التأكيد على عدم وقوع الهزات نهائياً، كما أنّ من غير المقبول إخافة الناس بهزّات كبيرة ستحصل بعد أيام، إذ ليس هناك قاعدة علميّة حقيقية يُستند إليها في الرّبط بين الهزّة وما تسبّب بها»، يقول الدكتور أنطوان السّمراني أستاذ الجيولوجيا في الجامعة اللبنانية، مطمئناً إلى أنّ «كلّ ما نتلقّاه من تحرّكات أرضيّة قادم من الصفيحة الأناضولية في تركيا، التي شهدت زلزالاً سيدخل التاريخ لضخامته»، أمّا الهزات الارتدادية فيذكر أنّها «ستستمرّ لشهور طويلة».
سحب قويّ للمياه
وعن تراجع مستوى المياه في البحر المتوسط، ينفي الدكتور ميلاد فخري، مسؤول مركز علوم البحار، كلّ الفرضيات التي تروّج على وسائل التواصل الاجتماعي عن «وجود كسر في البحر يبتلع المياه، أو التحضير لموجات تسونامي ستضرب الشواطئ»، ويضع الأمور في نصاب «الحالات الطبيعية المرتبطة بحركة المياه في البحار في هذا الوقت من السّنة، وتتعلّق بحركة المدّ والجزر، التي تتأثّر بدورها بموقعَي الشمس والقمر نسبةً إلى الأرض، ولهذا السّبب نشهد هذه السّنة حركة سحب قويّة للمياه، إلا أنّها ستنتهي وتعود المياه إلى حالتها الطبيعية».
السّلامة العامة
تترافق هذه الحوادث الطبيعية مع حالات الهلع، إذ لم تنقضِ الثواني العشرين لهزة أول من أمس، حتى نزل اللبنانيون إلى السّاحات والشّوارع، في محاولة للابتعاد عن الأبنية والشوارع الضيقة، ما تسبّب بزحمات سير غير مبرّرة، يتخوّف منها خبراء السّلامة العامة الذين يرون فيها عرقلةً لتحرّك آليات الدفاع المدني والإسعاف، لو كان هناك من حاجةٍ إليها.
ويؤكّد خبراء في السّلامة العامة أنّ «أكبر الأخطاء التي حصلت أمس عند وقوع الهزة كان تهافت بعض الناس للصعود نحو سطوح الأبنية، أو التوجّه إلى السّواحل»، ناصحين الموجودين خارج منازلهم بـ«الابتعاد عن الجسور والأعمدة الكهربائية وكل ما يمكن أن يقع». أما الموجودون في البيوت، فيطلبون منهم «عدم الخروج قبل انتهاء الهزّة، والاحتماء تحت الأسرّة أو الطاولات أو إلى جانب أعمدة الأساس. ففي حال حصول انهيارات، هذه الأجزاء يمكنها تأمين حماية جزئية، وعدم استخدام سلالم الأبنية خلال الهزات»، وبعد عودة الهدوء، «تفصل الأجهزة الكهربائية، والغاز، ولا يستخدم المصعد».
من ناحية أخرى، كشفَ الخبير الجيولوجي ويلسون رزق لـ"لبنان24"، اليوم الثلاثاء، أنّ "لبنان سيبقى يشعر بهزات أرضيّة إرتداديّة لنحو أسبوعين أو 3 أسابيع كحدّ أقصى إثر الزلازل العنيفة التي شهدتها تركيا وسوريا خلال الأيام الماضية"، وأضاف: "الأمر هذا طبيعي جداً، وخلال أسبوعين ستعود الأرض إلى طبيعتها، علماً أن الهزّات التي يشهدها لبنان ليست خطيرة وهي عادية جداً وبالتالي لا داعي للهلع".
وأشار رزق إلى أنَّ "الحديث عن أنّ فالق الزلازل البحري في لبنان سيتحرّك بقوة هو كلامٌ عارٍ من الصحة وهدفه إخافة الناس"، وقال: "الفالق البحري يتحرّك باستمرار وبشكل خفيف جداً، ولبنان غير معرّض أبداً على الإطلاق لتسونامي، ويكفي إشاعة المخاوف بين الناس".
وتابع: "بين كل 1000 و 1500 سنة هناك إمكانية لحصول تسونامي، ولبنان خارج دائرة الخطر، مع العلم أنّ الفوالق الزلزالية التي تمرّ بلبنان تتحرّك بإستمرار بشكل خفيف ولا تُشكل خطراً".
إلى ذلك، فقد لفت رزق إلى أنّ لبنان يعيش ضمن 3 فوالق أساسية، 2 منهما بريّان فيما الثالث بحري، وأضاف: "هذه الفوالق تتحرك باستمرار قبل زلزال تركيا وبعده، وبشكل دائم تولّد هزات أرضية خفيفة لا نشعر بها غالباً. أما في ما خصّ التسونامي، فإنه لو حصل في البحر المتوسط، فإنّ مفعوله سيكون خفيفاً بالمقارنة مع التسونامي الذي يحصلُ في المحيطات الكبرى".
و كتبت" الشرق الاوسط": يسيطر الهلع على اللبنانيين منذ وقوع الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا في 6 شباط الماضي، حيث بات القلق رفيق اللبنانيين، وتتكرّر مشهدية الذعر يومياً لا سيما عند حصول الهزّات الارتدادية، رغم كل التطمينات من الخبراء الجيولوجيين والمعنيين بعلم الزلازل.
ويؤكد الأستاذ المحاضر والباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركيّة في بيروت الدكتور طوني نمر، أن الهزّات الأرضية الأخيرة وقعت في تركيا في منطقة الإسكندرون إلى جوار أنطاكيا، وبسبب قوتها التي بلغت 6.3 شعر اللبنانيون بها رغم وقوعها على بُعد أكثر من 200 كيلومتر عن شمال لبنان. وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تأثير الهزة الأخيرة «كان نفسيّاً أكثر منه مادياً، وذلك لما سبّبت الهزّات السابقة من دمار وخسائر في الأرواح».
وبالتفصيل يشرح نمر: «خط الهزّات الارتدادية لا يزال محصوراً بالبرّ نسبياً مع بعض الاستثناءات»، مضيفاً أن فالق البحر الميت يمتد حتى مسافة 1000 كيلومتر براً من خليج العقبة حتى تركيا ومن ضمنه فالق اليمونة، «غير أنه لا يمكنه أن يتحرّك بأكمله، فحركته تأتي على أقسام». ويشير إلى أن «الحركة الزلزالية التي تحدث في تركيا لا يمكن أن تؤثّر عليه، بل إن خطرها يمكن أن يؤثر على الفوالق البحرية لا سيما تلك الممتدة من اللاذقية حتى الساحل اللبناني».
ويؤكد نمر أن الهزّات الارتدادية ستستمر «حتى يرقد الفالق الذي أُصيب بالزلزال الكبير، وهذا أمر لا يمكن توقع مدته، ولكن نسبة خطورتها تبقى متدنية بالنسبة إلى الهزة الأساسية».
وعن تصرّفات المواطنين عند حدوث الهزات ونزولهم إلى الشوارع، يقول: «كل شخص يعلم مدى متانة البناء الذي يسكنه ويحدد نسبة الخطر عند حدوث الهزات». أما بالنسبة إلى افتراش الطرقات والنوم في السيارات في لبنان بعد حدوث هزة في تركيا، فرأى «أنه لا حاجة إلى القيام بهكذا أفعال»، مشيراً إلى أن قرار إقفال المدارس من القرارات الخاطئة، «لما ينتج عنه من ضرر نفسي وخوف بين التلاميذ لا سيما أن مصدر الهزة بعيد عن لبنان أكثر من 200 كيلومتر».
وترى معالجة الصّدمات والخبيرة في علم النفس الدكتورة سناء حمزة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الهلع الذي يعاني منه اللبنانيون نتيجة حصول هزات متتالية، «أمر طبيعي يُعرف بالصدمة الحادة، وهي تستمر لشهر، ولكن إن تطوّرت الحالات بطريقة أكثر يصبح الأمر غير طبيعي، وعندها تُعرف الحالة باضطراب ما بعد الصدمة، وفي هذه الحالة يصبح الشخص في حاجة إلى معالجة».
وتؤكد حمزة أن الخوف يختلف من شخص إلى آخر، وترى أنه «أصبحت هناك مبالغة في ردّة الفعل، وذلك بسبب تعرض اللبنانيين لعدد متتالٍ من الصدمات في السنوات الأخيرة»، وتضيف: «لكن الأمر يصبح غير طبيعي عندما لا يستطيع الشخص النوم، والشروع في سلوكيات خاطئة، وتعاطي أدوية الأعصاب». وتشير إلى أنه «عندما تزيد الحالة على حدّها، كالنوم في الشوارع وفي السيارات، يصبح الأمر غير طبيعي وخاطئاً، وتصبح ردّات الفعل مبالغاً فيها وتُعرف بالـوسواس».
وفي هذا الإطار تؤكد حمزة أن ما ساهم في هذا الأمر هو «الكم الكبير من المعلومات المغلوطة التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، من دون أن ننسى أن ما نعيشه ليس أمراً بسيطاً خصوصاً مع المشاهد المحزنة في تركيا وسوريا».
وعن الخطوات الصحية لمعالجة هذا الأمر، تؤكد حمزة ضرورة أخذ الخبر من مصدره الأساسي والتقليل من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وتغيير هذا الأمر بمشاهدة الأفلام المرحة، إضافة إلى ممارسة الرياضة والتمارين أو أي هواية أخرى. والأهم من كل ذلك دعت إلى عدم تنزيل التطبيقات التي تعنى بمجال الزلازل والهزّات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|