رفع السرية المصرفية بمفعول رجعي "سيف ذو حدين"
تُنذر الدعاوى القضائية والإتهامات إلى بعض كبار المصارف ب"تبييض الأموال"، بفتح أبواب الخلاف والإنقسامات داخل القطاع المصرفي، حيث أن الطابع السياسي لهذه الإتهامات، واضح، كما أن الإستهداف السياسي يحضر بقوة سواء في الملاحقات أو في الإضراب الحاصل على خلفية هذه الملاحقة، خصوصاً في ضوء التلويح بانكشاف كل الحسابات والتحويلات لرؤساء ومجلس إدارة عدد من المصارف، علماً أن المصارف تطالب بأن تشمل عملية رفع السرية المصرفية كل موظفي القطاع العام وبالتالي أن تشمل التحقيقات، المال العام المهدور على مدى عقود، وهو ما قد ينقلب في لحظة ما على الجميع من دون استثناء، وقد بدأت تظهر ملامحه أخيراً.
ويستند الفريق الداعم لملاحقة المصارف قضائياً إلى تعديلات قانون السرية المصرفية، ذلك أن التعديل الأساسي الذي أدخل على قانون سريّة المصرفية، كان إشراك القضاء بصلاحية رفع السريّة المصرفية، بعدما كانت هذه الصلاحية مرتبطة فقط بهيئة التحقيق الخاصة المنشأة بالقانون 44/2015 (مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) وبالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وفي المقابل، فإن الفريق المعارض لهذه المعالجة "الإستنسابية"، يقرّ بأنه في السابق، لم يكن هناك إشكالية لرفع السريّة المصرفية عند الإشتباه بجرائم الفساد، فللهيئة الوطنية لمكافحة الفساد صلاحية رفع السرية المصرفية، وذلك من خلال توجيهها طلباً إلى هيئة التحقيق الخاصة المنشأة بموجب القانون رقم 44/2015 .
ويبقى السؤال الأساسي المطروح اليوم، يتركز حول حق المصارف في منح القضاء معلومات مصرفية حول مودعيها وبمفعولٍ رجعي. وهنا، يوضح رئيس مؤسسة "جوستيسيا" المحامي الدكتور بول مرقص، أن القانون رقم 306/2022 حصر تطبيق المفعول الرجعي في ما يتعلّق برفع السرية المصرفية بمناصب ووظائف معينة. ويشير الدكتور مرقص ل"ليبانون ديبايت"، إلى أن الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون الجديد، حددت الذين تُرفع السرية المصرفية عن حساباتهم وبمفعول رجعي لكلٍ من: الموظف العمومي، رؤساء الجمعيات والهيئات الادارية، رؤساء وأعضاء مجالس ادارة المصارف ومدرائها التنفيذيين ومدققي الحسابات الحاليين والسابقين، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تدير أو تملك الوسائل الإعلامية.
وأمّا المدة الزمنية المحددة، فهي وفق رئيس "جوستيسيا"، تشمل طيلة فترة توليهم مناصبهم ولمدة خمس سنوات إضافية، وذلك بالإضافة إلى كل من تولى هذه المناصب منذ تاريخ 23 أيلول 1988 لغاية تاريخه، بمن فيهم من أحيلوا على التقاعد أو أصبحوا خارج الخدمة، وذلك وفقاً لأحكام قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وقانون الإثراء غير المشروع.
وبالتالي، وفي ما عدا هؤلاء الأشخاص الذين تولّوا هذه المناصب، يضيف الدكتور مرقص، فإن المفعول الرجعي في القانون لم يكن شاملاً، مؤكداً أن "هذا المبدأ يجب أن يطبّق بحدود ما يعود بالنفع على المستفيدين من هذا التعديل، كون مبدأ عدم رجعية القانون، هو أساساً في كفالة حريات الأفراد وحقوقهم، وضماناً للثقة في القانون، وتوفيراً للاستقرار والنظام في المجتمع".
إلاّ أن الدكتور مرقص، يستدرك في هذا الإطار بأن "هكذا قانون لرفع السرية كان ليصلح، لو كانت في لبنان دولة حقوق، توحي الثقة وتبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين والمكلّفين، وقوانين تحمي الخصوصية وادارة البيانات الشخصية حتى يفرجوا عن تفاصيل حساباتهم".
وعن تبييض الأموال المشمول بالقانون، يكشف مرقص، بأنه "تمّ إدخال موضوع تبييض الأموال في القانون رقم 306/2022 لأنه من المهم أن يتمّ دائماً تتبع الأموال الناتجة عن عمليات غير مشروعة ورفع السرية المصرفية في حال الإشتباه بوجود جريمة تبيض الأموال أو مرتبطة بها".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|