بعد "دولرة" السلع الغذائيّة.. هكذا يمكن للمواطن أن يتحرك "بالقانون"
قبل عام على الأرجح من اليوم، كان فعل التاجر الذي يفرض على المستهلك الدفع بالدولار يُعتبراً "نصباً" على المواطن، وجرماً يُعاقب عليه القانون، بسبب استغلال التجار للازمة وتضليل المواطن بفرق العملة وبالتالي تحصيل أرباح خرافية. أمّا اليوم، فقد خضع المواطن، وبالقوة الناعمة، الى قانون السوق الموازية بعد "دولرة" الأسعار، مع تجاوز الدولار عتبة الـ80 الف ليرة لبنانية. فكيف يمكن للمواطن أن يحمي نفسه في ظل تفلت الأسعار "بالقانون"، وما هي النصوص القانونية التي ترجع له حقه في حال تعرض للتضليل والغش في المحلات والسوبر ماركات؟
من المفترض ان تسري الألية الجديدة للدفع بالدولار او بالليرة اللبنانية في السوبرماركت ابتداءً من اليوم بعد قرار وزارة الاقتصاد والتجارة بـ"السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق"، والذي يهدف بحسب الوزير امين سلام الى " ضبط السوق وحماية المستهلك"، إذ أشار الى أنّ "الهدف ليس الدولرة، ولكن حماية المستهلك، ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبرماركت"، مشيراً الى أنّه "لا يمكن أن نعوّل على سعر منصة معينة، ولن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار".
جشع التجار
وعلل سلام اعتماد هذه الألية بعدما تجاوز سعر صرف الدولار الـ80 الف ليرة، مؤكداً في المؤتمر الصحافي الأسبوع المنصرم أنّ "هذا الامر دفعنا لاتّخاذ هذا القرار ذي الطابع الاستثنائي ويقوم على فترة زمنية لأننا نمرّ في ظروف إستثنائية بامتياز.. وحفاظاً منا على المستهلك وعلى قدرة المواطن اللبناني على الرقابة الذاتية، لأن هذه الآلية تؤمّن الرقابة الذاتية إلى جانب رقابة الدولة".
ولكن من يضمن للمواطن الذي باتت حياته مرهونة لسعر السوق الموازية ألا يتم "النصب عليه" بفرق الأسعار من قبل المحلات والسوبرماركت وخصوصا في ظل التفلت الكبير في أسعار وتقلبات تطبيقات الدولار من جهة، وجشع بعض التجار والتسعير بأرقام تتجاوز مرات كثيرة سعر صرف الدولار في السوق من جهة ثانية؟
حتما انّه سؤال مشروع وعلى لسان كل مواطن، فقد الأمل في أن تتحسن الأمور، او اقله تنخفض الأسعار، وخصوصا ان اغلبية التجار لا يقومون بخفض أسعار المواد الاستهلاكية فيما لو انخفض سعر الدولار.
بالقانون
فهل يضمن القانون اللبناني حق المواطن؟ تنصّ المادة الخامسة من قانون حماية المُستهلك رقم 659\ 2005 على "إعلان الثمن بالليرة اللبنانية بشكلٍ ظاهرٍ بلصقه إمّا على السلعة أو على الرفّ المعروضة عليه"، وفي المادة 120 من القانون نفسه "يُعاقب بالغرامة من خمسة ملايين إلى عشرين مليون ليرة لبنانية كل من يخالف احكام المواد 4، 5، 6، 7، 19، 20، و25 من هذا القانون"، وكلها تتحدث عن شروط البيع والتسليم للمستهلك بما فيها الجودة والمضمون والاسعار.
فكيف يمكن للمواطن ان يتحرك بناءً على هذه المواد في حال خالف السوبرماركت او المحلات شروط القانون او شروط الألية الجديدة بالتسعير؟ يجيب المحامي اشرف الموسوي في حديث مع "لبنان 24" على هذه الأسئلة مؤكداً انّ قانون حماية المستهلك يتضمن الكثير من المواد التي تتحدث عن تضليل المستهلك سواء بالأسعار او بالجودة والمضمون للمنتج، وبحسب الموسوي "للأسف اليوم بات المواطن يتطلع الى الأسعار اولاً قبل النظر الى الجودة والنوعية والإنتاج بسبب الغلاء الفاحش وبعض التجار الذين يجنون أرباحا طائلة اليوم بسبب فرق العملة". ويتساءل الموسوي "هل بتنا اليوم أمام بورصة للأسعار الغذائية"، معتبراً انّ "القانون يضمن للمواطن حقه من خلال بعض مواد العقوبات مثل المادة 109 والمادة 682 والتي تتحدث عن الغش وتضليل المواطن، وتصل العقوبات للسجن لسنتين وأكثر وغرامات مالية تتجاوز الـ50 مليون ليرة لبنانية".
الخط الساخن
وبحسب الموسوي: "في حال وجد المواطن تلاعباً بالأسعار، يمكن التحرك عبر اكثر من طريقة فإما أن يسجل اعتراضاً عن طريق الاتصال بالخط الساخن في وزارة الاقتصاد، أو يقدّم اخباراً من خلال شكوى تحول الى النيابة العامة وبعدها الى المخفر. وكلنا نعلم اليوم كم يحتاج ذلك الى وقت للتنفيذ وخصوصا في ظل الشلل القضائي الحاصل".
وبالتالي فانّ الحل الأمثل او الأسرع بحسب الموسوي فيكمن عبر "تسجيل اعتراض فوري في المحل او السوبرماركت، ولا ضرر من افتعال مشكل كلامي وتصويره عبر الهواتف ونقله الى الرأي العام حتى لو اضطر الامر الى استدعاء القوى الأمنية من خلال الدرك وتسطير محضر بحق السوبرماركت التي تخالف القوانين وتنصب على المواطن وتسجل لنفسها أرباحا قياسية هائلة".
ويتابع الموسوي: "لا نشجع على افتعال المشكل ولكن الاحراج يولد الانتظام والالتزام، وعند تسطير محضر قضائي او اداري بحق السوبرماركت، سترتدع محلات كثيرة عن غش المواطن بالأسعار، والا لن يحصل المواطن على حقه".
رقابة "الاقتصاد"
ويؤكد الموسوي: "حتما تقوم وزارة الاقتصاد بجولات مراقبة ونرى العدد الكبير من محاضر الضبط التي تسطرها، ولكن هذا لا يكفي بل نحن بحاجة الى رقابة أوسع وفي كل المناطق اللبنانية، لا أن نرضي أصحاب السوبرماركت على حساب المواطن الفقير. فنحن اليوم امام حاجة ماسة لإعلان حالة طوارئ مالية واقتصادية والا حق المواطن سيبقى مهدوراً".
وبحسب الموسوي: "على الجميع تقديم شكاوى في حال حدوث الغش والتضليل ولا يجب أن يسكت المواطن بعد اليوم، لكي تكون كل سوبرماركت عبرة لغيرها، فمن غير المقبول هامش الربح الجنوني لدى التجار والمواطن يغرق في فقره".
إذا، يخاف المواطنون اليوم من كيفية تطبيق "دولرة" البضائع في المحلات والسوبرماركت، وخصوصا ان غالبية عظمى من المواطنين تتقاضى رواتبها بالعملة اللبنانية، فماذا بعد ومن يضمن للمواطن حقه في زمن كثر فيه الفساد والفاسدين؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|