دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
60 مليار "اغترابي" في المصارف سيحميها برّي
يعرف اللبنانيون المطلعون على تاريخ بلادهم في ستينيات القرن الماضي أن قانون "الكابيتال كونترول" يُسنّ إن لم يكن موجوداً خلال 24 أو 48 ساعة على أبعد تقدير لمعالجة تعثّر فُجائي لمصرف كبير ومهمّ وذي سمعة حسنة.
الهدف منه يكون وقف تحويل أصحاب الثروات الضخمة والمتوسّطة أموالهم منه الى الخارج. ويكون أيضاً وقف السحوبات في الداخل أو تقنينها كي لا يذهب المصرف الى الإفلاس، وكي يرتّب أموره ويستعيد سيولته المضمونة في إيداعاته وممتلكاته في الداخل والخارج. وإن لم تفعل الدولة ذلك يذهب المصرف المتعثّر فجأةً سواء جرّاء شائعات مُغرضة أو نوع من التآمر عليه من داخل ومن خارج، يذهب الى الإفلاس. دولة لبنان في الستينيات اتّخذت إجراءين من الثلاثة المذكورة أعلاه، وتخلّفت عن الإيعاز الى مصرفها المركزي بمدّ المصرف المتعثّر بالسيولة اللازمة لإقناع المودعين فيه بملاءته، علماً بأنها صحيحة وثابتة، وبوقف الاحتشاد حوله لاستعادة مدّخراتهم وودائعهم. ذلك أنّ أيّ مصرف في العالم، كبيراً أو صغيراً، لا يُبقي الأموال المودعة لديه في خزائنه إذ تكون مستثمرة في مصارف العالم كما في مشروعات يُفترض أنّها مضمونة. والتخلّف يومها عن السداد أثار تساؤلات سلبية ومشروعة عن تواطؤ ما بين داخل وخارج تسبّب بانهيار مصرف أسّسه لبناني من أصل فلسطيني ووسّعه وكبّره بحيث صارت فروعه موجودة في عواصم المال الكبرى في العالم.
في أيّ حال، ليس المصرف الذي أفلس أو أُفلس في ستينيات القرن الماضي موضوع "الموقف هذا النهار" اليوم، إذ إن موضوعه يتناول الحال البائسة لمصارف لبنان كلها اليوم والمماثلة لحال لبنان دولةً ومؤسسات وقطاعات اقتصادية متنوّعة وشعوباً متناحرة، التي يطالبها مودعوها اللبنانيون بمدخرّاتهم بل أموالهم والتي ترفض تلبيتهم لعجزٍ واضح وفاضح ناتج عن سوء إدارة وعن شهوة واسعة الى الربح السريع، حلالاً كان أو حراماً، كما لعجز الدولة ومصرف لبنان عن مساعدتها على "فك ضيقة" الناس بعد تواطؤ قام بينهما وبين المصارف لم تراعَ فيه مصالح اللبنانيين على الإطلاق ربّما باستثناء مودعين كبار نافذين، علماً بأن مودعين كباراً آخرين ولا سيما من اللبنانيين المغتربين دفعوا ثمن هذا التواطؤ مثل لبنانيي الطبقة الوسطى والأقل من الوسطى، وذلك عندما استفاقوا على كارثة أطاحت جنى عمرهم.
لماذا هذا الكلام اليوم؟ لأن دولة لبنان، بمؤسّستي مجلس النواب والحكومة أو مجلس الوزراء وفي ظل شغور رئاسة الجمهورية، تحاول إيجاد حلّ لا لمشكلة المودعين فقط بل لمسبّباتها، إذ إنها تواجه الفشل بسبب عدم كفاءة البعض من جهة وتواطؤ البعض الآخر من جهة ثانية. وقد حرص كلٌ من أفرقاء هذه المشكلة البالغة الصعوبة على تأمين مصلحته متناسياً مصالح الآخرين. وذلك ناتجٌ عن غياب دولة جدّية ومؤسّسات كفوءة مهمّتها أساساً المحافظة على مصالح اللبنانيين كلّهم. وما الإصرار على إصدار قانون "كابيتال كونترول" بعد نحو ثلاث سنوات أو أكثر من الكارثة المالية المصرفية إلّا دليل على غياب الاحتراف عند الساسة والمصرفيين، كما على غياب النزاهة عند الكثيرين منهم. ذلك أنه لم يعد له معنىً بعد التحويلات "غير القانونية" لكن غير الأخلاقية لأموالهم الى الخارج التي قاموا بها في ليل ثمّ تابعوها لاحقاً تاركين مودعي الطبقة الوسطى والفقراء على كثرة عددهم وقلّة أموالهم في المصارف لمصير مأساوي محتوم. طبعاً لا يبدو أن في الأفق حلّاً اليوم لهذه الأزمة كما لغيرها من الأزمات التي تعصف بالبلاد وشعوبها.
كيف يرى رئيس مجلس النواب نبيه برّي هذه الأزمة؟ طبعاً ليس سهلاً الخوض معه في تفاصيلها ولا في الحلول اللازمة لها أولاً لاستعصائها وصعوبتها وثانياً لتشعّبها. لكن لا بدّ من إيراد رأيه من خلال قريبين منه إذ ربّما يعزّز أملاً في حلول أو يضرب أملاً كهذا. "الرئيس بري مع حقوق المودعين ومع المحافظة عليها. لذلك لن يقبل يوماً أن يكون المودعون وقوداً للمصارف ومصرف لبنان والدولة، ولن يوقّع قانوناً يشرّع ذلك. فالثلاثة مسؤولون عن "الإفلاس". يتحدّث البعض عن صندوق سيادي تُحفظ به أموال المودعين الذين يحصلون عليها ولكن بعد وقت طويل جداً. وهذا ما حصل بعد إفلاس أو تفليس بنك إنترا في الستينيات، إذ إن مؤسسة إنترا للإستثمار التي اختُرعت بعد ذلك لا تزال توزّع على المساهمين في البنك المُفلس إنترا أرباح موجوداته واستثماراته. والاغتراب اللبناني هو رأسمال لبنان. والاغتراب الذي يقصده برّي هو الموجود في أفريقيا والعالم العربي ولا سيما الخليجي منه مع احترامه التام للاغتراب في أوروبا وأميركا وكندا وأوستراليا ودول أميركا الوسطى وغيرها. هذا الاغتراب أرسل أكبر كتلة نقدية الى مصارف بلده لبنان "فرسملها" وقوّاها الى أبعد الحدود. وتُقدّر إيداعات الاغتراب المذكور أي الأفريقي العربي في مصارف لبنان بنحو 60 مليار دولار أميركي. ولن يقبل برّي أن تُهدر حقوق هؤلاء أو تُشطب أموالهم أو قسم كبير منها بحجّة شطب الخسائر لأنه ضروري للحلّ. ما يقبله في هذا المجال برّي هو شطب الفوائد على هذه الأموال فقط وإعادة رأس المال المودع الى أصحابه ونقطة على السطر... أصحاب هذه الرساميل ينتمون الى الطوائف اللبنانية كلها. على لبنان الدولة بكلّ مؤسساتها ورغم الانقسام الذي أصابها والتردّي، أن ترتّب أمورها من الآن حتى بدء استثمار الثروة الغازية والنفطية البحرية فيه الذي ستبدأ أولى مراحله في أيار المقبل أو ربما في الخريف. وهي كبيرة جداً وقد قدّرها مسؤول كبير في شركة "إيني" Eni الإيطالية المشاركة في العمل لاستخراج هذه الثروة في لقاء له مع بري قبل سنوات بـ75 مليار دولار أميركي في حينه. وقال إنها في مياه بحر لبنان الجنوبي".
"النهار"- سركيس نعوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|