إقتصاد

إيرادات الغاز اللبناني غير مضمونة.. ولسنوات طويلة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

علن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، وليد فياض، يوم الجمعة الماضي، أن أعمال الحفر في الرقعة البحرية رقم 9 في مياه البحر المتوسط بجنوب البلاد ستبدأ أواخر الصيف المقبل، بحثاً عن الغاز والنفط. وعلى الرغم من أن ما جرى الإعلان عنه قد يبدو وكأنه سيدّر إيرادات عالية للخزينة اللبنانية في وقتٍ قريب، يشير تقرير لشبكة "ميديالاين" الأميركية، استمزجت فيه آراء بعض الخبراء، بأن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تؤدي أيُ أرباحٍ إلى تحسين الاقتصاد اللبناني المتعثر.

عملية ستستغرق سنوات
في حين أن التنقيب عن الغاز الطبيعي يمكن أن يوفر بصيص أمل لبلدنا المنكوب اقتصادياً، يقول مارون كيروز، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "المنتدى الاقتصادي العالمي"، للشبكة الأميركية، فإن عملية إيصال الغاز إلى السوق يمكن أن تستغرق أكثر من خمسة سنوات من لحظة بدء الاستكشاف. وهذا طبعاً مشروطٌ بمدى السرعة التي تتحرك بها الدولة اللبنانية. ففي ظل الظروف الحالية والفراغ الراهن، ستكون المدة الزمنية لهذه العملية أطول بكثير من المتوقع.

وشدّد كيروز أنه لا ينبغي توقع أن تكون عائدات الغاز "منقذةً البلاد" أو بديلاً للإصلاحات السياسية التي طال انتظارها، مستشهداً بالدول الأخرى التي استحصلت على عائداتٍ كبيرة من مصادر النفط والغاز، لكنها فشلت في تطوير اقتصاداتها. لافتاً في الوقت عينه إلى تقدير بعض الخبراء الإيرادات اللبنانية بحدود مليار إلى ملياريّ دولار سنوياً من إنتاج الغاز، بينما تجاوز دين البلاد 3 مليارات دولار في عام 2021 وحده.

وأكد كيروز في التقرير أن الأمر سيستغرق عدة سنوات للوصول إلى ذروة الإنتاج بقيمة مليار إلى ملياريّ دولار سنوياً. وعلى هذا النحو، يعتقد أن الاستخدام الواعد للغاز في السنوات القليلة الأولى سيكون للسوق الداخلية، وتحديداً في توليد الكهرباء الذي تمسّ الحاجة إليه.

معضلة التصدير
في السياق، قال مروان عبد الله، المدير التنفيذي لجمعية "استدامة البترول والطاقة في لبنان (OPES)"، للشبكة الأميركية، إنّ طريق لبنان إلى أن يصبح دولة مصدرة للنفط والغاز لا يزال طويلاً. شارحاً أنه فيما يتعلق بالصادرات، فإن لبنان في وضعٍ معقد بالنظر إلى جارتيه. فمن ناحية، هناك إسرائيل في الجنوب، لا تربط لبنان بها علاقاتٍ على الإطلاق، وبالتالي لا يمكن توقع تعاونٍ اقتصادي معها. ومن ناحيةٍ أخرى، هناك سوريا في الشمال والشرق، يحكمها نظامٌ يخضع للعقوبات، خصوصاً في قطاعيّ البنية التحتية والطاقة.

وأضاف مستدركاً "هذا يترك لنا القليل من الخيارات لاستراتيجيات التصدير، وبذلك يمكننا أن نأخذ هذه العملية على عاتقنا، وسيكون هذا الأمر مكلفاً، أو بالتنسيق مع قبرص، التي هي بالفعل في شراكة استراتيجية مع إسرائيل والأعضاء الآخرين في منتدى غاز شرق المتوسط".

وهناك موضوعٌ أخر في غاية الأهمية لا بد من الالتفات إليه، إذ يقول مارون كيروز أنه يجب علينا أيضاً أن نأخذ بالاعتبار آفاق سوق النفط والغاز العالمي في غضون خمس سنوات، وهو الوقت المقدّر الذي سيستغرقه الغاز اللبناني للوصول إلى السوق. وبرأيه، السؤال المطروح حالياً يدور حول ما إذا كانت هناك رغبةً في استيراد الغاز من مواقع باهظة الثمن وغير مستقرة، في ضوء تحول الطاقة في أوروبا. مذّكراً بتقريرٍ صدّر في وقتٍ سابق هذا الأسبوع في مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، قدّر أن أزمة الطاقة الحالية قد تكون سرّعت الانتقال إلى الطاقة الخضراء في أوروبا بحدود 5 إلى 10 سنوات.

عجز الدولة والفساد
من جهته، يعتقد أحمد القاروط، الباحث في الاقتصاد السياسي، أن لبنان سيستفيد على المدى القصير من بدء التنقيب عن الغاز، لأنه سيولد نشاطاً اقتصادياً ويخلق فرص عمل وفرص تعاقد من الباطن للسكان المحليين، ناهيكَ بإعادة بعض الثقة لاقتصاد البلاد. لكنه مع ذلك عاد ليقول "بالنظر إلى مدى عمق مشاكل لبنان، فإن الإيرادات الإضافية لن تؤدي بالضرورة إلى نتائجٍ سياسية أفضل، أو تأمين مستوياتٍ معيشية لائقة للمواطنين اللبنانيين الذين يكافحون".

من الناحية النظرية، يلفت مارون كيروز في التقرير إلى ضرورة أن تكون هناك ضمانات في الأطر اللبنانية للحماية من سوء الإدارة والفساد. متحدثاً عن عدم قدرة الدولة على إدارة هذه الموارد. ويظهر ذلك جلياً بسوء الإدارة الفادح لأموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي كانت في الغالب مستثمرة في سندات الحكومة اللبنانية، فضلاً عن فشل وزارة النقل في تفعيل تبرع فرنسا بالحافلات لتوفير قدّرٍ ما من تغطية النقل العام.

وأردف قائلاً: "في كثيرٍ من الأحيان في لبنان، لا تكمن المشكلة المتعلقة بالفساد في الأطر القانونية، بل في الممارسة الفعلية. يحتاج المرء إلى النظر وحسب في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت للاستدلال على ذلك".

المخاطر
وفيما يتعلق بالمخاطر التي تواجه استثمار الشركات الأجنبية في التنقيب عن الغاز اللبناني، ينوه مروان عبد الله بأن قطاع النفط والغاز دائماً ما تحاوطه المخاطر، ولدى شركات الطاقة الكبرى طرقها للعمل في بيئاتٍ محفوفة بالمخاطر.

بالنسبة إلى لبنان، لا يرى عبدالله أنه سيكون حالة لم يسبق لهذه الشركات أن تعاملت معها، ومع ذلك حذّر من أن الاضطرابات السياسية الداخلية وعدم الاستقرار يمكن أن يكونا النكسة الكبرى، لأنهما قد يؤخرا العمل ويتسببا في خسائرٍ اقتصادية ومالية للبنان.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا