الإجراءات المتعلقة بالتحقيق في ملف الشقيقين سلامة ستجري أمام القضاء اللبناني ولا تسليم لدولة اجنبية
يُنتظر بعد تسلم دائرة قاضي التحقيق الاول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا ملف ادعاء المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش طبقاً لطلب خطي للنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تضمنه أصولاً، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدة الحاكم ماريان حويك، أن يطلع المحقق الاول الاسبوع المقبل بعد عودته من الخارج، على مضمونه، وذلك إذا قرر إبقاء التحقيق في دائرته وعدم إحالته الى قاضٍ من قضاء التحقيق في إطار صلاحياته. ما يمهد لتعيين جلسة يستدعي إليها المدعى عليهم الثلاثة لاستجوابهم في تاريخ يحدّده. ويُستبعد، وفق التجربة، مع بدايات التحقيقات الاستنطاقية، انطلاق جلسة الاستجواب مع سلامة والآخرين بمجرد تعيين موعد استدعائهم، لإباحة القانون في إطار ممارسة حق الدفاع تقديم مذكرات بدفوع شكلية قابلة للاستئناف والتمييز، ليحدد بعد الفصل بها موعداً جديداً للاستجواب في حال عدم قبول هذه المذكرات. ومن شأن آلية هذه الدفوع أن تأخذ وقتاً مقبولاً.
ويفترض أن لا تستمر المرحلة الفاصلة عن الاستجواب أكثر من أسابيع قليلة فلبنان تحت مجهر الرقابة القضائية الأوروبية سواء بالنسبة الى الملفات المفتوحة في حق سلامة وآخرين في الخارج حيث لم تصل بعد الى مرحلة الاتهام، وفق النظام القضائي الأنغلوسكسوني، بحق الحاكم وشقيقه، وتقتصر على حجز أملاك عينية ومالية له ولشقيقه وتوجيه الاتهام الى سيدة أوكرانية حتى الساعة، أو من خلال الوفد القضائي الاوروبي الذي قدم الى لبنان في كانون الثاني الماضي وأخضع مسؤولين في مصرف لبنان ومصارف لتحقيق بواسطة القضاء اللبناني في الملفات ذاتها المفتوحة في الخارج وفي لبنان عطفاً على موضوع ادعاء القاضي حاموش على الشقيقين سلامة ومساعدة الحاكم بعد تحقيقات أولية أجراها القاضي جان طنوس بتكليف من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. وهو الملف نفسه الذي اطلع على مضمونه وتفاصيله طويلاً قضاة هذا الوفد في دائرة القاضي حاموش على مدى أيام بعدما أذن القاضي عويدات لهم بذلك، وعمدوا الى تدوين ملاحظات منقولة من مضمونه من دون السماح لهم بتصوير نسخ من المستندات الموجودة في طياته. وحصل ذلك في إطار التعاون القضائي بين لبنان والخارج تحت سقف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقّع عليها لبنان.
هذه الاتفاقية ستحكم المرحلة المقبلة في صيرورة ملف الشقيقين سلامة وحويك المدعى عليهم بجرم الإثراء غير المشروع واختلاس أموال عامة وتبييض أموال وتزوير. فهذه الاتفاقية الأممية تعطي الأولوية في التحقيق للقضاء اللبناني، طبقاً للمادة الرابعة، وقد رشح عدم استجواب الحاكم في الجولة الأولى للوفد القضائي الأجنبي تبعاً لأحكام هذا الاتفاق، رغم أنه كان في عداد الموضوعين على لائحة المطلوب الاستماع الى إفاداتهم في تلك الجولة. وتورد تلك المادة الرابعة "تؤدي الدول الأطراف التزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية على نحو يتسق مع مبدأي تساوي الدول في السيادة وسلامة أراضيها، ومع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". وتضيف "ليس في هذه الاتفاقية ما يبيح للدولة الطرف أن تقوم في إقليم دولة أخرى بممارسة الولاية القضائية وأداء الوظائف التي يناط أداؤها حصراً بسلطات تلك الدولة الأخرى بمقتضى قانونها الداخلي"، أي إنها أولت صلاحية الملاحقة والتحقيق والمحاكمة في هذا الملف للقضاء اللبناني، بعدما فسرت مقصدها من تعبير "موظف عام"، الذي ينطبق على سلامة "أي شخص يشغل منصباً تشريعياً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضائياً لدى أي طرف"، فالإجراءات التي يمكن أن تُتخذ في حق سلامة ستكون من القضاء اللبناني وأمام محاكمه على الاراضي اللبنانية في ما يخص سياق شركة فوري، التي هي موضوع جميع التحقيقات في شأنها في أكثر من خمس دول أوروبية. غير أن هذه الاتفاقية تحرص على سمة التعاون بين القضاءين اللبناني والاوروبي لجهة تبادل الأجوبة على استنابات كل من البلدين، وتحت سقفها في نطاق الحرص على السيادة الوطنية وفق المفهوم القانوني، بخلاف ما جرى من تفسير سياسي لمفهوم السيادة إعلامياً عشية الجولة الأولى من تحقيقات الوفد الأوروبي. وقد أدى النقاش في حينه بين القاضي عويدات وأعضاء الوفد في شأن مسألة السيادة، الى عدم تلبية طلب الأخير بالقيام بتحقيق مباشر مع المطلوب الاستماع الى إفاداتهم من اللبنانيين، لكن بواسطة قاضٍ لبناني بعد التداول في الأسئلة المطلوب طرحها عليهم، وذلك حرصاً على السيادة القانونية
لقد خوّلت هذه الاتفاقية كل دولة طرف أن تعتمد ما قد يلزم من تدابير لإخضاع الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية لولايتها القضائية عندما يكون الجاني المزعوم موجوداً في إقليمها ولا تقوم بتسليمه، علماً بأن القانون اللبناني لا يسلم مواطنيه الى دولة أجنبية مطلوب إليها للتحقيق، بل يطلب القضاء اللبناني تزويدها بملفه ليحاكم بحسب الشريعة اللبنانية.
وفي حالة الفعل الجرمي المتصل بالفساد فتبعاً لهذه الاتفاقية أيضاً، "تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقاً لقانونها الداخلي ومع إيلاء الاعتبار الواجب لحقوق الدفاع لضمان أن تراعي الشروط المفروضة بخصوص قرارات الإفراج الى حين المحاكمة او الاستئناف ضرورة حضور المدعى عليه في الإجراءات الجنائية اللاحقة".
كل ذلك يعني أن الإجراءات المتعلقة بالتحقيق في ملف الشقيقين سلامة ومساعدة الحاكم ستجري أمام القضاء اللبناني وطبقاً للقانون اللبناني القائم على نظام الادعاء على الشبهة تماماً كما حصل في ورقة الطلب التي أنجزها المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي حاموش ليدخل ملف الادعاء في طور التحقيق الاستنطاقي المكلف، بعد إجراء الاستجوابات، بإصدار مذكرات التوقيف اللازمة بحق المدعى عليهم، إذا اقتضى ذلك، أو عدم ذلك، تمهيداً لاحقاً لإصدار المحقق الاول قراره الظني بحقهم أو تقريره منع المحاكمة عنهم، فيما يستمر تعاون التحقيق قائماً مع القضاء الأوروبي وتحت مجهر رقابته.
وتبدي أوساط متابعة أن أي إجراء سيتخذ على صعيد ملف الحاكم، الذي ستنتهي ولايته في الحاكمية في الاول من تموز المقبل، سيأخذ في الاعتبار مصلحة الدولة العليا نظراً الى تبعات الإجراءات المحتملة على الوضع العام في البلاد وعلى المصرف المركزي إذا صدرت مذكرة توقيف بحق الحاكم. وهذه المصلحة، أي مصلحة الدولة العليا، هي ذاتها التي استند إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كتابه الى وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي لطلب عدم تنفيذ أي إجراء يصدر عن المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، ما أدى الى كفّ يدها في ملف المصارف بكل ما يتعلق بالضابطة العدلية وتوقف التحقيق، فيما أعلنت جمعية المصارف في المقابل فتح أبواب المصارف المشروط لأسبوع. وبدا أن الرئيس ميقاتي لن يتراجع عن قراره بناءً على طلب مجلس القضاء الأعلى، وفق البيان الصادر عن الأخير. وقد أفادت مصادر المجلس، رداً على ما ذكر إعلامياً عن عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسته، أن المجلس تشاور في موضوع البيان وبتقطع بين قصر العدل ومتابعته عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد مغادرته لانقطاع الكهرباء. وصدر البيان من دون محضر جلسة لأن الاجتماع كان للتشاور، وإلا لكان رئيسه القاضي عبود أصدر البيان باسمه فحسب.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|