إيجابيّات وسلبيّات التّسعير بالدّولار في السوبرماركت
في خضمّ فوضى التسعير للسلع والبضائع بالليرة أو بالدولار، وما يرافقها من زيادات غير مبررة بالاسعار في معظم الاوقات بحجّة تقلبات سعر الصرف، وذلك من خلال التسعير على سعر صرف اعلى من السوق بـ5 آلاف ليرة او اكثر، يأتي قرار وزارة الاقتصاد تسعير السلع في السوبرماركت بالدولار بدءاً من اوائل الشهر المقبل رغم اعتراض نقابة اصحاب السوبرماركت على هذا القرار. في إيجابيات هذا القرار على مصلحة المستهلك، ان اسعار السلع ستسعّر بالدولار ولن تكون عرضة للزيادات العشوائية بالليرة من قبل التجار، وان احتسابها بالليرة سيكون على سعر الصرف الرائج في السوق رغم اشكالية تحديد سعر الصرف المعتمد في كلّ نقطة بيع. ولكن هل سيتم تسعير السلع بالدولار من دون اي اضافات او تدوير بالاسعار؟ هل سنشهد أسعاراً بـ1,67 دولار ام ان «التدوير» سيكون «سيّد الرفّ» لتصبح 2 دولار؟
وفقاً للمعترضين، فان سلبيات التسعير بالدولار أكبر من ايجابياته، أوّلاً لان سعر الصرف لدى تسديد الفاتورة النهائية بالليرة سيختلف بوتيرة متواصلة مما سيدفع اصحاب المحلات الى اعتماد سعر يناسبهم لتحصين انفسهم من التقلبات، وثانياً لان هناك صعوبة في تسعير السلع المنتجة محلياً اكثر من السلع المستوردة، وفقاً للمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي محمد الحاج الذي شرح لـ»نداء الوطن» ان السلع المستوردة تخضع لتكلفة محلية هي كلفة التشغيل التي تشمل المواصلات واجور العمال وايجار المحلات وغيرها، وبالتالي ستتغيّر أسعار تلك السلع وفقاً لتغيّر كلفة التشغيل. وسأل: كيف سيتم تسعير كلفة التشغيل بالدولار لاضافتها على السعر الصافي للسلع المستوردة؟ ومن هي الجهة التي ستقرر هامش الربح على تلك السلع؟
أما بالنسبة للسلع المنتجة محلياً، قال الحاج إن الصناعيين أيضاً يستوردون المواد الخام لزوم الانتاج المحلي، وبالتالي يحتسب جزء من كلفة انتاجهم بالدولار والجزء الآخر بالليرة. مع الاشارة الى ان أكلاف الانتاج ليست جميعها بالدولار خصوصاً ان الرواتب والاجور لم تدولر بعد وما زالت نسبة كبيرة منها بالليرة بالاضافة الى الاكلاف التشغيلية الاخرى كالنقل والرسوم والضرائب....
وأبدى الحاج خشيته من كيفية تحديد هوامش الربح بطريقة عادلة وشفافة في ظلّ وجود تلك الصعوبات التقنية بالتسعير بالدولار والليرة، خصوصاً «في بلد يفتقد للمؤسسات الرقابية او الادارات المتخصصة بتحديد التقنيات والآليات المناسبة». وفيما اشار الى وجود عشرات الآلاف من نقاط البيع، من سوبرماركت وميني ماركت ودكاكين وغيرها، لفت الى ان هناك استحالة إدارياً، لمراقبة الاسعار. وتخوّف من ان يصار نتيجة لذلك وكما حصل في دول اخرى، الى اعتماد نموذج التحكم بالاسعار من قبل الدولة، مما سيؤدي حتماً الى نقص وفقدان للسلع في السوق، والى ظهور سوق سوداء على غرار ما حصل أيام الدعم. وعزا ذلك الى رفض التجار بيع السلع التي ستحدد الدولة اسعارها، بذريعة انه يتعرّض للخسائر المالية، «وهذا ما حصل في كافة الدول التي تعمد السلطات فيها الى التحكم بالاسعار».
بالإضافة الى ذلك، اعتبر الحاج ان بدء التسعير بالدولار سيفتح الباب امام موظفي القطاع الخاص للمطالبة بتحويل رواتبهم كاملة الى الدولار، وستليه مطالبة موظفي القطاع العام الى ربط اجورهم ايضاً بارتفاع نسبة التضخم، مما سيؤدي في نهاية المطاف الى زيادة الطلب على الدولار والى مزيد من التضخم والانهيار في ظلّ غياب أي حلول شاملة لمعالجة الازمة على صعيد الماكرواقتصاد.
ورأى الحاج في الختام ان أسباب اللجوء الى قرار التسعير بالدولار، ناتجة عن القرارات الاقتصادية والمالية السيئة التي تم اتخاذها من قبل السلطات بالاضافة الى تعاميم البنك المركزي التي تم اصدارها منذ بداية الازمة لغاية اليوم، والتي لم تؤدِ سوى الى زيادة النظام القائم فساداً وتشوّهاً.
من جهته، أكد نقيب أصحاب الصناعات الغذائية منير البساط ان التسعير بالدولار لدى أصحاب الصناعات رائج منذ ما قبل بدء الازمة، ولكن مع انهيار الليرة وبدء التقلبات بسعر الصرف، طلبت السوبرماركات من اصحاب المصانع تسعير الفواتير بالليرة على سعر الصرف الرائج لدى اصدارها، «مما خلق اشكالية بالنسبة لنا لاننا نسعرّ الفواتير لدى اصدارها على سعر صرف معيّن ونتقاضى قيمتها بعد أسبوعين او 20 يوماً، يكون خلالها سعر الصرف قد انهار اكثر، مما يعرّضنا لخسائر مالية». لافتاً الى ان التسعير بالنسبة لتجار الجملة يتم أساساً بالدولار وتحتسب الضريبة على القيمة المضافة على سعر صرف الـ15 ألف ليرة.
ولفت الى ان المفاوضات ما زالت جارية مع اصحاب السوبرماركت لبدء اصدار الفواتير بالدولار عند بدء التسعير للمستهلك بالدولار.
أما كلفة السلع المنتجة محلياً، فهي اساساً مسعّرة بالدولار وفقاً للبساط، وهي تشمل الكلفة الانتاجية بالدولار والتشغيلية بالليرة وفقاً لنظام محاسبي معتمد وقائم لديها.
وأشار الى ان التسعير بالدولار في نقاط البيع سيقضي على التضخم الاصطناعي بالاسعار والذي خلقه التجار والسوبرماركت لتفادي الخسائر الناتجة عن تقلبات سعر الصرف، موضحاً ان التجار كانوا في السابق يرفعون اسعار السلع عند بيعها للسوبرماركت بهامش 5 آلاف ليرة لتفادي الخسائر الناتجة عن تقلبات سعر الصرف، لتعود السوبرماركت وترفعها بـ 5 او 10 آلاف ليرة للسبب نفسه اضافة الى هامش الربح الاساسي، فتصل الى المستهلك بأسعار أكثر من الفعلية.
رنى سعرتي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|