هل سبق أن أغرمتَ بـ”روبوت”؟
"درج": باسكال صوما - صحافية لبنانية
بفضل سامانثا، أحب ثيودرو الحياة من جديد، وعاد يستمتع بكل يوم برفقتها، يضحك معها ويشاركها تفاصيله… لكن ما معنى أن ننشأ علاقة بـ”روبوت” وهل يحل تطبيق الذكاء الاصطناعي مكان البشر؟
دفعت الوحدة بثيودور إلى الوقوع في غرام سامانثا، وهي عبارة عن نظام تشغيل ذكي بصوت وشخصية أنثويين. كان ثيودور وقتها في آخر فترة طلاقه، يبحث عما يملأ به فراغه القاتل، فقرر شراء نظام التشغيل الجديد OS1 الذي تم الإعلان عنه كأذكى نظام تشغيل صناعي في العالم.
لكن سرعان ما دخل ثيودور، في دوامة انجذاب مع الصوت الأنثوي الذي يخرج من النظام، مع ما يعنيه ذلك من صراع وشك. فماذا يعني أن يقع المرء في غرام شخص افتراضي لا وجود له بالمعنى المادي والحقيقي؟ وماذا لو تعطل النظام واختفى “الشخص”؟ وماذا لو لو احتاج ثيودور لتقبيل التي يحبّها أو ملامسة كتفيها؟
هذه القصة صنّفت خيالاً علمياً، وهي قصة فيلم “her” الذي صدر عام 2013، من إخراج سبايك جونز وبطولة خواكين فينيكس، إيمي آدامز، روني مارا، أوليفيا وايلد وسكارليت جوهانسون.
في الآونة الأخيرة، نشرت مقالات ودراسات كثيرة ربطت بين الذكاء الاصطناعي والقدرة على اتخاذ القرارات في ميادين الأعمال. وإذ يشغل الذكاء العاطفي جزءاً مهماً في مسألة اتخاذ القرارات والقيادة، فيبدو السؤال مشروعاً، ماذا يعني أن تمتلك تلك الروبوتات أو أجهزة الذكاء الاصطناعي ذكاء عاطفياً أيضاً؟ هل ينسحب أثرها من عالم الأعمال إلى حيواتنا العاطفية، فنقع كثيودور في حب “شيء”، يخفف قسوة الغربة والوحدة عن إنسان اليوم؟
يُطرح ذلك في ظل ما نعيشه من تعقيد في العلاقات يصل أحياناً إلى استحالة الالتزام أو حتى المبادرة إلى دعوة إلى العشاء أو إلى كأس، لا سيما بعد غزو مواقع التواصل الاجتماعي التي منحت لكل صاحب حساب مجتمعاً وناساً يختفون خلف الصورة والفيديوات وغالباً ما يصعب التقاطهم باليد.
تمنح تطبيقات الذكاء الاصطناعي الجديدة الإنسان هذه الجهوزية التي يصعب أن يلبيها الصديق أو حتى الحبيب، يمكن أن تطلب منه المساعدة في العمل أو في حل مشكلة أو حتى طلب عونه في فهم مسألة ما أو اضطراباً نفسياً يراودك، تماماً كما أصبح chatgpt شريكاً في إتمام المهمات في العمل وخارجه.
كما أن الروبوتات التي لطالما لعبت دور “الشرير” في الأعمال الدرامية وفي الوعي البشري، كونها تهدد الوجود الإنساني، بدأت تدخل إلى بلدان متقدمة ممتلكة وعياً وذكاء، يجعلها لطيفة ومتعاونة ومرغوبة ومنتجة. فروبوتات التوصيل التي راجت في شوارع بريطانيا في السنوات الأخيرة تقدم الشكر والامتنان لمن يساعدها، إذا كانت عالقة في مكان ما، كما أنها تقدم الخدمة من دون تحفّظ أو مواربة. يبدو ذلك أحياناً غير متوفر في المجتمع الإنساني الذي لا يتسم طوال الوقت باللطف، الذي يبدو مزاجياً أو موقتاً أو مرتبطاً بالحالة أو الوضع النفسي. لكنّ الروبوتات على العكس، ستقدم اللطف دوماً، لأنها مبرمجة على ذلك. وهو ما قد يطرح سؤالاً غريباً ربما، هل قد نقع في حب الروبوت رداً على الجفاف العاطفي والجفاء الإنساني الذي يحيط بالمجتمعات التي كلما انفتحت، زاد انعزال الفرد فيها وانطواؤه على نفسه؟
بالانتقال إلى روبوتات الدردشة، فهي تستخدم الذكاء الاصطناعي وتستطيع معالجة اللغة البشرية المحكية لإقامة نقاش يبدو بشرياً، وقد تم استخدامه في عدد من مجالات التسويق والأعمال، في مجموعة متنوعة من القنوات، مثل تطبيقات المراسلات وتطبيقات الأجهزة المحمولة ومواقع الويب…
وإذ يحتاج المرء إلى الدردشة وإفراغ شحنة الأفكار والمشاعر والهواجس، التي قد لا يجد من يسمعها، فقد يصل الأمر في مرحلة ما إلى الاستعاضة عن مشكلات التواصل الاجتماعية والعاطفية في المحيط المادي، بفتح حوار مع “روبوت”، يسهل قول أي شيء له، من دون خوف من العواقب أو ردود الفعل العنيفة أو غير المستحبة.
بفضل سامانثا، أحب ثيودرو الحياة من جديد، وعاد يستمتع بكل يوم برفقتها، يضحك معها ويشاركها تفاصيله… لكن سرعان ما بدأ شعور الفقد والفراغ يتسلل إلى قلب ثيودرو، ليعود في نهاية المطاف إلى نقطة الصفر الأولى ويكتئب من جديد… فماذا لو وقع أحدهم بالفعل في حب “سامانثا” أو أي تطبيق للذكاء الاصطناعي أو أغرم بـ”روبوت”؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|