عون آخر ماروني
كتب عماد موسى في نداء الوطن:
لست الوحيد بين اللبنانيين، من وضع دمه على كفه في حرب لبنان الطويلة، وكنتُ بعدُ فتى. هناك آلاف الفتيان، من كل المشارب والمناطق والإنتماءات، مثلي، لا بل تخطوني بأميال في المغامرة والإقدام في خلال الحرب. جبران باسيل واحد من جيل المحاربين الأشداء، إنما تواضعه الجمّ، يمنعه من الكشف عن الملاحم البطولية التي خاضها على ثغور الحرية في ثمانينات القرن الماضي. سيأتي وقت ويقتنع بضرورة إماطة اللثام عن مرحلة هامة في تاريخه النضالي الطويل. إن تعبير «وضَعَ روحَه على كفّه»، أو دمه، ليس سوى كلام مجازي يُراد منه الدلالة على شجاعة إستثنائية. في فترة من حياتي خرقتُ المجاز ووضعتُ دمي على كفي في الواقع المحسوس. فعقب حرب المائة يوم عملت معاون أول، (مثل علي حسن خليل) لأحد معلمي الزجاج. سنتئذٍ،(1978) لم يترك الجيش السوري الشقيق لوح زجاج صامداً على بلاكين الأشرفية وشبابيكها. أدمى الزجاج كفيّ. مصلحة دموية كانت. في المقابل تعلّمتُ واحداً من دروس الحياة المفيدة. ففي إحدى الشقق التي احتاج أصحابها خبرتي في «القصّ» و»لصق» المعجونة والتركيب، لاحظت أن رجل البيت الطلياني «حاطط الوزرة» ومأخوذ بالجلي. لمحني أراقبه مستغرباً. قرأ سؤالاً في عيني. وأجاب بفرنسية مطعّمة بمفردات طليانية. منذ زواجي بلوتشيانا اتفقنا على المداورة في كل شيء. بعد يومين شاهدت لوتشيانا، مسترخية في غرفة الجلوس ومستمتعة بتدخين السيكار. فهمت أن دور ماركو ذاك اليوم أمام لوح الكوي. دارت الأيام ومرّت الأيام، وما بين شوق وخصام...صرت مثل ماركو. المداورة ترياق الحيرة وبلسم السلبطة المتوارثة، وعلاج الأزمات السياسية. المداورة تسقط السؤال اليومي: شو بدنا نطبخ اليوم؟ مش كل يوم مجدرة. الإثنين مجدرة الثلثاء مدردرة الأربعاء شوربة عدس الخميس ريزوتو العدس الجمعة عدس بحامض السبت تبولة عدس الأحد حرّاق أصبعو...وهكذا دواليك. في الفن، كل الممثلات المصنّفات باب أوّل، يتنافسن على قلب جبل شيخ الجبل. الحل: كل موسم يتزوج واحدة. مع المداورة لا مكان للزعل. في الإدارة، ووظائف الفئة الأولى، وفي تشكيل الوزارة المداورة تحفظ حقوق الجميع. وإن تعذّر انتخاب رئيس جمهورية في المدى القريب، من المستحسن تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية بالمداورة، مرة تعطّل الممانعة ومرة تعطل القوى السيادية، لتطاول الشتائم الجميع بالتساوي. وإذا كان الرئيس بري حاسماً في عدم الدعوة إلى «جلسة فولكلورية»، فلتكن الدعوات المقبلة مرة إلى جلسة تحضير أرواح ومرة إلى جلسة تنويم مغناطيسي. ولأن لا حياة لديمومة النظام إلاَ بالمداورة. مش غلط يكون الجنرال عون آخر ماروني في بعبدا، ثم يتناوب الأرثوذكس على الرئاسة الأولى. فيُتفق، بالحوارعلى رئيس سيادي في الـ 2023 وعلى ممانع في الـ 2029. في الـ2035 سيادي. في الـ 2041 ممانع. يا مار متر ما إلنا غيرك.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|