"ستنتهي الحرب".. لا عتب على كارول سماحة!
كتب زكي درويش، شقيق الشاعر الراحل محمود درويش، في صفحته الفايسبوكية "من خطايا المؤسسة" (يقصد مؤسسة محمود درويش)/ صحوة متأخّرة"، وأرفق العبارة ببيان عقد أو رسالة صادرة عن المؤسسة، مؤرخة في 21/ 2/ 2023، ومرسلة إلى الملحن تيسير حداد، عنوانها أو موضوعها، "منح إذن"...
تقول الرسالة: "إشارة إلى طلبك الإذن لإطلاق ألبوم السيدة كارول سماحة "الألبوم الذهبي"، فإن مؤسسة محمود درويش تمنحكم الإذن لإطلاق هذا الألبوم بصفتك ملحن المشروع وشريكاً في انتاجه، والممثل للشركاء في هذا الإنتاج، وبعلم ومعرفة السيدة كارول سماحة وكل الأطراف الشريكة في توزيع هذه الألبوم، ويتحملون جميعهم منفردين أو مجتمعين تنفيذ الشروط التالية:
1 - يحتوي الألبوم على القصائد التالية تأليف الراحل محمود درويش، "ستنتهي الحرب(*)، إلهي، بيروت فكر بغيرك، اعتذار، أيها المارون، سأصير يوماً، طيور النيل، سأحلم، قطار الساعة الواحدة، لا أنام لأحلم، ونحن نحب الحياة"...
2 - يشار عند الأداء بأن الألبوم صدر بإذن من مؤسسة محمود درويش رام الله فلسطين.
3 - يدفع المنتجون مبلغاً وقدره خمسة آلاف دولار لمؤسسة محمود درويش كدفعة أولى تخصم مما نسبته سبعة في المئة من صافي الأرباح الذي يحقهها هذا الألبوم.
4 - تعتمد حسابات المنتجين كأصل المحاسبة.
5 - في حال نشوء أي خلاف يلجأ الطرفان للتحكيم، وفي حال استمراره فإن محاكم دولة فلسطين أو محاكم جمهورية مصر العربية هي صاحبة الولاية لنفصل في هذا الخلاف".
... لا ندري إن كان فريق كارول سماحة التزم بالبند الثاني من العقد، ولعل ذلك ليس مهماً... البارز والمضحك في العقد أو منح الإذن أن المؤسسة وافقت على أغنية "ستنتهي الحرب" المشار إليها بالأحمر وهي غير موجودة في كتب درويش أو دواوينه قصائده.
وإزاء هذا، علّق تركي عامر في فايسبوك: "يبدو أن المؤسسة لا تعرف ما هو درويشي وما ليس درويشياً. أما سماحة السيدة كارول سماحة فـ"دروشتنا" تماماً بدردشة غير محمودة".
وردّ فتحي البس، رئيس مؤسسة محمود درويش، على تركي عامر بالقول: "هذا لو صح الكلام المنشور.. ولو وقّعت المؤسسة على الإذن... إن تضمين القصائد كان في طلب الإذن منهم... ولما لم ينتظروا تدقيقنا ونشروا الفيديو... فوراً ابلغناهم برفض التوقيع الا بإزالة ما يتعلق بفيديو ستنتهي الحرب وألغينا الاستمرار في المفاوضات إلا بعد التصويب... نحترم النقد ونثمّنه".
يبدو كلام فتحي البس مبهماً، ويسعى إلى رمي المسؤولية عن عاتقه، والراجح أنه وقع في خطأ غير مقصود وقدّم موافقة متسرّعة للفنانة أو وكيلها.
ودوَّن الكاتب الفلسطيني حسن خضر: "أليس هو القائل (يقصد محمود درويش): يحبونني ميتاً ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا. أربعة من المحبين: المقاول، وحامل الأختام، وحامل الراية، ورابعهم حارس الذاكرة". ولم يعلق فتحي البس على هذا الكلام، وقد سبق لحسن خضر أن كتب الكثير من التعليقات حول الأخطاء التي ارتكبتها المؤسسة في المعلومات حول سيرة درويش، سواء في صفحات الانترنت أو في كتبه التي صدرت عن بعض الدور. وأشار إلى "افتقار القائمين على أمور النشر في مؤسسة محمود درويش، ومجلسها التنفيذي، للمعايير المهنية، أدى إلى أخطاء وردت في سرد سيرته الشخصية والأدبية. لائحة الأخطاء طويلة، وسنعود إلى المزيد منها لاحقاً، لكن نودّ اليوم وضع علامة استفهام بشأن مدى التزام المؤسسة بحقوق الملكية الفكرية".
في المحصلة، يتبين من خلال البيان أو العقد (لم تنفه المؤسسة، ولم تؤكده)، الذي نشره زكي درويش، معطوفاً على الكلام المبهم لفتحي البس، أن المؤسسة دخلت معمعة غير متوقعة، وتتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، وجرّبت بشكل أو بآخر أن ترمي المسؤولية على كارول سماحة التي كانت في فوهة المدفع، وبوصفها نجمة وصاحبة الصوت، وتلقّت معظم الانتقادات في وسائل الإعلام حول وقوعها في فخ الخطأ الشائع الذي لم تقترفه وحدها، بل إن وقوعها فيه كان طريقة لدحضه. وهذا ليس دفاعاً عن كارول سماحة، فثمة مِن جانبها مَن يتحمل مسؤولية اللجوء الاستسهالي والكسول إلى الإنترنت، بدلاً من كتاب، واختيار نص هو خلطة من عبارة مستلة من قصيدة "وعاد ... في كفن"، مع عبارات من صنع مجهول تحت مسمى "ستنتهي الحرب".
في المقابل، بدا كلام مؤسسة درويش، في البداية، وكأن إدارتها لم تعلم بألبوم سماحة، ليتبين لاحقاً من خلال البيان المنشور في صفحة زكي درويش، وهو شقيق الشاعر كما قلنا، إن المؤسسة كانت متفقة مع وكلاء الفنانة، أو على الأقل سارت في الاتفاق من دون معرفة فعلية بقصائد درويش أو حتى بذل الجهد للتدقيق في القصائد التي يُطلب الإذن بغنائها. وهنا يُطرح سؤال: ألا يفترض أن يكون العقد الموقع بين الجهتين مُفصلاً؟ لماذا لا يبدو أن هناك معياراً واضحاً للإتفاق؟ ألا يجب أن يكون الاتفاق على النصوص، وليس على العناوين؟ هل هناك صراع آخر في الكواليس يتخطى الأغنية ويتعلق بالملكية الفكرية؟
ربما يكون أبلغ تعبير عما حصل، في ما كتبه زكي درويش، أي "صحوة متأخرة". فالقصيدة المزورة أو المنحولة في الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، سبق أن اختارتها كارول سماحة كتعليق في "انستغرام" واستعملتها الفنانة أصالة أيضاً، وجرى نقاش حول أصلها وفصلها في فايسبوك. وشكك الناقد والباحث عادل الأسطة بنَسَبها إلى محمود درويش، وجاراه كثر في هذا المجال، بأنها لا تتطابق مع شعره البتة وغير موجودة في كتبه المنشورة. لكن مؤسسة درويش وحراس ذاكرته وإبداعه، لم يحركوا ساكناً للحد من الجدل أو الخطأ الشائع...
عادة، حين تُطلق مؤسسة بإسم شاعر أو كاتب مثقف أو شخصية سياسة، يفترض بها أن تصون تراثه وتسعى إلى تفعيل موروثه الثقافي وتساعد في الإضاءة على جوانب من إبداعه،... وربما طبع مخطوطاته (إن كانت هناك مخطوطات) أو أعماله المجهولة، وليس مجرد إبرام عقود... وأضعف الإيمان أن يكون لدى القيمين على المؤسسة إلمام ومعرفة حقيقيان بهذا الإرث!
الجدير ذكره أن كارول سماحة أصدرت عبر محاميها، جان قيقانو، بياناً، قالت فيه: "موكلتي تواصلت مع مؤسسة محمود درويش للتأكيد على الكلمات والقصائد التي وقع الاختيار عليها لأدائها والاستحصال على الإذن، ومنها كلمات ستنتهي الحرب". وتابع: "أرسلت مؤسسة محمود درويش كتاباً إلى السيد تيسير حداد؛ بصفته ملحن المشروع وشريكاً في إنتاجه، أقرّت فيه بأن محتوى الألبوم يعتمد على قصائد من تأليف الراحل محمود درويش، وبعد يومين من منح الإذن نشرت الموكلة الكليب الخاص بأغنية ستنتهي الحرب". وأكمل قيقانو: "وأذنت المؤسسة لموكلتي بإطلاق الألبوم كاملاً، وبعد خمسة أيام أصدرت بياناً يقول إن الكلمات المنسوبة لمحمود درويش ليست من أشعاره وطلبت وقف النشر وحذف كل ما يتعلق بنسب كلمات أغنية "ستنتهي الحرب" لمحمود درويش، وموكلتي لم تكن تصدر العمل إلا بموافقة المؤسسة". واختتم محامي الفنانة: "في مطلق الأحوال، فإن الموكلة استحصلت على الحقوق العائدة للمؤلف باستثناء كلمات "ستنتهي الحرب"، من ورثة الشاعر محمود درويش، وبحسب الأصول القانونية، بعدما تمنّعت مؤسسة محمود درويش عن إبراز أي مستند قانوني يؤكد أنها المالك الحصري الوحيد لحقوق الملكية الفكرية للشاعر محمود درويش كما زعمت سابقاً".
ومن خلال البيانات يظهر أن القضية لا تتعلق بالأغنية المنحولة فحسب، بل ثمة ما هو مبهم في قضية الملكية الفكرية، ومَن صاحب القرار فيها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|