"ألفَرد برأس اللبنانيين"... رصاص السياسة العشوائي يقتلهم!
عدّاد جديد يدخل الى يوميات اللبنانيين بطريقة تراجيدية، مبكية ومحزنة جداً، فبعد عدّاد "كورونا"، "الدولار"، البنزين وغيرها من العدادات التي شكلّت هماً يومياً عانى وما زال يعاني منه المواطن، ها هو عدّاد الموت يطل برأسه من باب الانتحار، ليشكل علامة استفهام جديدة تنضم الى تساؤلات المواطنين الكثيرة والمختلفة.
ففي الايام التي مضت، ومنذ بداية شهر أذار الحاليّ سجل لبنان 5 حالات انتحار متتالية لشباب، آباء، اخوة وأزواج تشاركوا فقدان الأمل من عودة الفرح الى شرايين حياتهم فقرروا ان يرحلوا بعيدا، تاركين عذابات الاكتئاب وأوجاعه العديدة التي لا تحتمل ولا تطاق.
وهنا، وبعيداً عن كل الصور النمطية التي تُرسم حول المُنتحر وشخصيته أكان من باب العادات والتقاليد او ابواب الدين والايمان، لا بد من ان نسأل الرحمة لكل من قرر ان يضع حدّا لحياته مبتعدين عن اي اتهام او ملامة او تبسيط لا مكان له في عالم فقدان الطموح والاهداف والأمل.
وما يبدو لافتاً، هو ان أرقام الانتحار في لبنان ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة وتحديداً منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي ما زالت تسيطر على المجتمع اللبناني، فوفقاً لبعض الاحصائيات غير الرسمية، في العام 2022 أقدم على الانتحار 138 مواطناً لبنانياً فيما قام 145 شخصاَ في العام 2021 بإنهاء حياتهم عبر اقدامهم على الانتحار.
وفي هذا الاطار يلفت متابعون الى ان الأرقام المشار اليها أعلاه قد لا تعبر عن الواقع كما هو اذ يمكن ان تكون الحقيقة أسوأ منها بكثر، وهذا ما يؤكد حدة الازمة التي يعاني منها المواطنون اللبنانيون من مختلف الطوائف والمذاهب.
ويؤكد المتابعون ان لبنان لم يسبق له ان عرف هذا الارتفاع في عدد أرقام الانتحار، فحتى في فترات الحروب والأزمات المسلحة بقيّ الأمل واضحا في عيون اللبنانيين وبقيّ مستقبلهم مضموناً وغير متروك للدوران في مستنقع مظلم لا ضوء ولا حياة فيه.
وامام هذا الواقع الأليم والصعب، يؤكد مرجع مطلع لـ "لبنان 24" ان حالات الانتحار هي نتيجة طبيعية لما يمرّ فيه لبنان، فالمواطن الذي يجد نفسه مكبلا وغير قادر على تأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة، من غير المستبعد ان يلجأ الى الانتحار لاسيما اذ لم يتمكن من إيجاد من يتكىء عليه، فيساعده معنوياً ومادياً.
وهذا الكلام لا يبررّ ابدا الاقدام على فعل الانتحار ولا يخفف من صعوبته، انما يصف الواقع كما هو، لذلك لا بد من الاشارة الى الأسباب الفعلية والرصاص السياسي الطائش والعشوائي الذي يصيب اللبنانيين فيجرح بعضهم ويقتل بعضهم الآخر".
ويضيف المرجع " الاشكالية الأساسية في لبنان هي سياسية بامتياز وليست اقتصادية، فالواقع الاقتصادي المتردي يمكن ان تبدأ مسيرة تحسّنه مباشرة بعد اتفاق اهل السياسية على حلّ يعيد القليل من الاستقرار الى الحياة العامة.
والاستقرار المنشود لا يمكن ان يبدأ الا بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، فتعود الحركة الدستورية الى طبيعتها ومن بعدها تبدأ الامور الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية وغيرها بالانتظام.
لكن وعلى الرغم من هذا الواقع، وعلى الرغم من ادراك مختلف الاطراف السياسية ان بيانات التعزية لا يمكن ان توقف حالات الانتحار، والسبيل الى التخلص منها لا يكون الا عبر ايجاد الحلول السياسية المطلوبة والملحة، يستمر البعض في جدلهم العقيم محاولين الاستمرار في البحث عن مواصفات الرئيس المقبل متناسين ان الشعب أصبح بأمس الحاجة الى رصاصة رحمة تحمل الحلول ، لا الى المتاريس والعناد والتقوقع ومفاهيم الطلاق المختلفة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|