توقعوا الزلازل من اصطفاف الكواكب!.. خبير يكشف العلاقة
لا شك بأن موجة الزلازل الأخيرة خصوصا المدمر منها، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، الشهر الماضي، مخلّفاً أكثر من 50 ألف ضحية، قد أعادت إلى الأذهان السؤال الرئيسي حول نشأة الهزات الأرضية وأسبابها.
إلا أنه ومع انتشار الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل هائل، خصوصا المزيفة منها، بات الناس بحيرة كبيرة.
العلاقة موجودة وموثّقة.. بشرط!
وعن هذا الأمر، نفى خبير الزلازل اللبناني طوني النامر، وجود أية علاقة بين حدوث الزلازل على الأرض واصطفاف الكواكب.
كما شدد على عدم إمكانية التنبّؤ بحدوث الزلازل إطلاقاً.
واشترط لنشأة العلاقة بين الاصطفاف والزلزال أن تكون النسبة المئوية للزلازل المرتبطة بالاصطفاف أكبر من النسبة المئوية للأيام التي يوجد فيها اصطفاف.
3/4 العبرة هنا هي أنه ليكون هناك علاقة بين اصطفاف الكواكب وحدوث الزلازل، يجب أن تكون النسبة المئوية للزلازل المرتبطة بالاصطفاف أكبر من النسبة المئوية للأيام التي يوجد فيها اصطفاف، لأن نسبة 75.37% من الزلازل خلال الاصطفاف مرتبطة بشكل بديهي بارتفاع نسبة الأيام من الاصطفاف أي 75.66% — Tony S. Nemer, PhD (@tony_nemer) March 12, 2023
وعلل ذلك بأن نسبة 75.37% من الزلازل خلال الاصطفاف مرتبطة بشكل بديهي بارتفاع نسبة الأيام من الاصطفاف أي 75.66%، وفق تعبيره.
كما أوضح أن معلوماته موثّقة من المعهد الوطني لبحوث علوم الأرض ومواجهة الكوارث في اليابان، والذي أقدم على توثيق 475 زلزالاً حول العالم بقوة 7 درجات وما فوق بين العامين 1980 و2018.
وأكد أن دراسة المعهد تلك كانت مختصة بعلاقة الزلازل مع اصطفاف الكواكب.
كيف تحدث؟
يشار إلى أن علم الزلازل يعرف بأنه انتشار الموجات المرنة عبر الأرض، حيث يتم تحليل الموجات الزلزالية لتحديد خصائصها مثل الموقع والحجم والأصل.
كما يستخدم علماء الزلازل أيضاً علم الزلازل لدراسة النشاط البركاني وحركات المحيطات.
وساعد هذا العلم على فهم كيفية عمل باطن الأرض وكيف يتغير مع مرور الوقت بشكل أفضل.
كما تم استخدامه للتنبؤ بالزلازل المستقبلية وتقييم مخاطر الزلازل في المناطق المعرضة للنشاط الزلزالي.
في حين تحدث الزلازل عادة عندما تنزلق كتلتان من الأرض فجأة فوق بعضها البعض، فيتسبب هذا الإطلاق المفاجئ للطاقة المخزنة في حدوث موجات زلزالية تنتقل عبر قشرة الأرض وتتسبب في الاهتزاز الذي نشهده أثناء الزلزال.
وتسمى النقطة الموجودة على سطح الأرض حيث ينزلق الصدع بؤرة الزلزال وهي النقطة الموجودة فوق هذا التركيز مباشرة على السطح تسمى "مركز الزلزال".
إلى ذلك، يمكن أن تتراوح الزلازل في شدتها حيث قد تكون بالكاد محسوسة أو كارثية، اعتماداً على عدد من العوامل مثل عمق التركيز، والقرب من المراكز السكانية، ونوع المواد الأرضية.
من ناحية أخرى، كتب الياس عطا في "الأخبار":
بعد سنين طويلة من السكينة، تحرّكت الأرض على فالق شرقي الأناضول بالقرب من كهرمان مرعش في السادس من شهر شباط/ فبراير عام 2023، عند حوالى الساعة الرابعة والثلث بتوقيت تركيا، أو الثالثة والثلث صباحاً بتوقيت لبنان. كانت هذه لحظة حصول زلزال كبير، انطلقت من بؤرته الواقعة عند الحدود التركية/ السورية ارتجاجات وتموّجات لصخور الأرض، تُعرف بالموجات الزلزالية، تسجّلت في مراصد الهزّات العالمية عند مرورها بأيّ منها. وبنتيجة تحليل الموجات الزلزالية المسجلة، تمكنت كلّ مراصد العالم من تحديد قدرة الزلزال وموقعه ولحظة حصوله. ومع المزيد من التحليل، تمكنت المراصد أيضاً من معرفة الشكل الذي تحرّكت به الأرض عند حدوث الزلزال، والمدة التي استغرقتها هذه الحركة، وتفاصيل أخرى من دقائق سطح الأرض وباطنه. هو زلزال قوي بقدرة 7.8 (سبع درجات وثمانية أعشار من الدرجة) على مقياس القدرة الزلزالية (أو ما كان يعرف بمقياس ريختر)، استغرق حوالى دقيقة ونصف دقيقة، حرّك خلالها سطح الأرض على ضفتَيْ صدع شرقي الأناضول مسافةً وصلت إلى 7 أمتار بحدّها الأقصى، على طول حوالى 300 كم من منطقة أديامان في الشرق، إلى شاطئ أنطاكيا في الغرب.
رسم بياني يُظهر الأعداد اليومية (أسود)، وتاريخ وقدرة الهزّات الأرضية المسجلة بقدرة تفوق 2.5 (أزرق)، ما بين 16 كانون الثاني و6 آذار 2023، بحسب المرصد الأورومتوسطي في منطقة فالق شرق الأناضول. الخط الأصفر في الرسم السفلي يظهر النسبة التراكمية المعادلة للطاقة الزلزالية المنبعثة من الهزّات الأرضية المسجلة في المنطقة. النجم الكبير الأحمر في الرسم الأول: تاريخ وقدرة الحدث الزلزالي الأساس صباح 6 شباط. النجم الصغير الأحمر في الرسم الثاني: تاريخ وقدرة الحدث الزلزالي الثاني عند ظهر 6 شباط. العدد الإجمالي للهزّات الأرضية المبيّنة هو 3859 هزّة منذ 6 شباط، و15 هزّة قبل هذا التاريخ (إعداد عطا الياس ورواد الحاج دياب) | أنقر على الرسم البياني لتكبيره
كما بعد أيّ حدث زلزالي مشابه على فالق ما، كان من الطبيعي حدوث هزّات أرضية ارتدادية، هي نتيجة انكسارات وتحرّك جيوب صغيرة نسبياً في منطقة الفالق. لغاية اليوم، بعد مرور 30 يوماً على حدوث الزلزال تم رصد أكثر من 11 ألفاً من الهزّات الأرضية الارتدادية في منطقة الفالق، هي بغالبيتها الساحقة (95% منها) هزّات خفيفة بقدرة أقلّ من 4 درجات (انظر الرسم البياني المرفق) وما زالت تحدث إلى يومنا هذا.
الواضح أن أعداد الهزّات الأرضية الارتدادية وقدرتها القصوى تتضاءلان مع الوقت. في الأيام الأولى بعد حدوث الزلزال الكبير، كان عدد الهزّات الارتدادية التي بقدرة تفوق 2.5 (درجتان وخمسة أعشار من الدرجة) بالمئات يومياً، وأصبحت اليوم بالعشرات. لقد مضى أكثر من 14 يوماً على تاريخ آخر هزّة أرضية بقدرة تفوق 6 درجات (قدرة 6.4، حدثت يوم 20 شباط/ فبراير)، في حين أن 5 هزّات أرضية كبرى بقدرة تفوق 6 درجات حصلت في الأسبوع الأول بعد 6 شباط/ فبراير. هذا التناقص في عدد الهزّات الأرضية الارتدادية، وقدرتها بعد الزلازل الكبيرة، أمر معروف عالمياً. تأخذ الطبيعة مجراها لتُخرِج ما تبقى من طاقةٍ كامنة على القسم الذي تحرّك من الفالق. نستطيع، عبر تحليل بيانات الهزّات الأرضية الارتدادية أن نقدّر المدة الزمنية المطلوبة لتصدير هذه الطاقة بحوالى سنة، تعودُ من بعدها نسبةُ حدوث الهزات الأرضية اليومية وقدرتها، إلى ما كانت عليه قبل تاريخ الزلزال. من المُلفت علمياً أن يكون زلزال كهرمان مرعش قد أدى إلى حدوث زلزال آخر كبير عند ظهيرة اليوم نفسه، محرّكاً فالقاً آخراً على مقربة من فالق شرقي الأناضول، جنوب مدينة البستان التركية، وبقدرة 7.5 (سبع درجات وخمسة أعشار من الدرجة) ما زاد في عدد الهزّات الأرضية الارتدادية في المنطقة، ووسّع نطاق الرقعة المتأثرة بالارتجاجات، وزاد من فداحة الأضرار.
أخرَجَ زلزال كهرمان مرعش، وما تبعَهُ من هزّاتٍ ارتدادية، طاقةً كبيرة كانت القشرةُ الأرضية قد اختزَنتها خلال العقود والقرون المنصرمة. طاقةٌ هائلة يمكن احتسابها علمياً (انظر/ي الرسم البياني المرفق)، تعادل الطاقة المنتجة في حوالى 20 ألف معمل حراري مماثل لمعمل الذوق الحراري في لبنان، أو 1600 معمل كهربائي مشابه لمفاعل «كوري»، أكبر المفاعلات النووية في العالم.
يُظهر الرسم البياني المرفق، المحتوى من الطاقة لكلٍّ من الهزّات الأرضية الارتدادية المسجلة. ويشير الخط البياني لتراكُم الطاقة الزلزالية المنبعثة من منطقة الهزّات الارتدادية إلى مدى أهمية الهزّات الكبيرة في إصدار الطاقة، مقارنة مع الهزّات الصغيرة. تشكل الهزّة الأرضية الكبيرة الأولى، التي حدثت عند ساعات الصباح من 6 شباط/ فبراير حوالى 70% من إجمالي الطاقة المنبعثة. أما الهزّة الأرضية الثانية التي تبعتها عند الظهيرة، فتشكل حوالى 25% من إجمالي الطاقة. ويكون لمجمل الهزّات الأرضية الارتدادية المتبقية (أي حوالى 3857 هزة ارتدادية) المبيّنة في الرسم ما مجموعه أقلّ من 5% من الطاقة الزلزالية المنبعثة حتى يومنا هذا.
يمكن أن نستنتج من المعلومات المتجمّعة من مراصد الزلازل العالمية (انظر/ي الرسم البياني المرفق) الأمور التالية:
1- غياب أيّ نشاط زلزالي استثنائي واضح في الأيام العشرين قبل تاريخ 6 شباط/ فبراير في منطقة فالق شرقي الأناضول. وللمفارقة غاب النشاط الزلزالي تماماً في الـ24 ساعة التي سبقت الحدث الزلزالي الكبير. يدلّ ذلك على صعوبة الاعتماد على فكرة ضرورة ازدياد النشاط الزلزالي في منطقة ما قبل حدوث هزّات أرضية كبيرة فيها.
2- تَظهَرُ أيضاً، بوضوح، محدودية أو عدم إمكانية الزلازل الصغيرة على «تنفيس» الضغط، أو الطاقة الزلزالية الكامنة المتجمّعة عند الفوالق والصدوع بما يكفي لتجنب حدوث الهزّات الأرضية الكبيرة.
بالخلاصة، بعيداً عن أي تأويل أو تهويل أو تفسيرات شعبويّة، يبقى العلم بما اختبرته الحضارة البشرية واعتمدته من طرق علمية منطقية، هو الثابت الوحيد لفهم الأمور ومقاربتها. ومن أسس العلوم، الارتكاز إلى المعلومات الموثقة في التحليلات واختبار الأفكار للوصول إلى القواعد. والله وليّ التوفيق.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|