دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
على رغم كل هذا السواد في وطني ... أنا متفائل
في كل مرّة تتعقدّ فيها الأمور يُقال "اشتدّي أزمة تنفرجي". فلا الوضع الاقتصادي - المالي باقٍ على تحّلله. ولا الأحوال الاجتماعية المتأزمة والمتفاقمة آيلة إلى الانفجار، مع أن كثيرين يرّوجون له. ولا الفراغ الرئاسي القاتل دائم. لا بدّ من أن يكون وراء العسر يسر. ولا بدّ من أن ينتهي مسلسل معاناة اللبنانيين. ولا بدّ من أن ينبلج الضوء بعد ليلة أو ليالي مظلمة. فلا ديمومة لليل. ولا مكتوب للبنان أن يبقى قابعًا في الزوايا المظلمة.
مَن يقرأ هذه السطور سيعتقد حتمًا أن كاتبها يهلوس. أو أنه لا يعرف أن سعر صرف الدولار اقترب من عتبة المئة ألف ليرة، التي كانت تساوي قبل ثلاث سنوات سبعين دولارًا. أو أنه غير مدرك لما يجري أمام الصيدليات وعلى أبواب المستشفيات، أو أنه لم يقصد "سوبرماركت" منذ زمن بعيد. أو أنه لم يسمع بخبر انتحار بيار صقر. أو أنه "غائب عن السمع" أو يعيش في كوكب آخر. أو أنه لا يفقه طبيعة النظام اللبناني القائم على الطائفية. أو أنه لم يعش أيام الحرب القذرة. أو أنه لا يعرف ما في النفوس من أحقاد دفينة. أو أنه لا يعرف أن سياسيي لبنان مستعدّون للتضحية بكل شيء من أجل الحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم. أو أنه لا يفهم طبيعة العلاقة التي تربط هذا الحزب بذاك التيار، وكيف أن البندقية تُنقل من هذا الكتف إلى ذاك استنادا إلى مقولة تبريرية، وهي أن لا عداوات أو صداقات دائمة في السياسة، إذ أن احتمال أن يصبح العدّو صديقًا يبقى واردًا عند أي مفترق طرق، أو عند تغيير ما في السياسات الدولية او الإقليمية. أو أنه لا يدرك أن وراء أكمة الفراغ الرئاسي ما وراءها من مخطّطات وأهداف مبيتّة، ومنها ما هو ظاهر، ومنها ما هو مخفي.
وعلى رغم كل هذه العتمة المخيفة والمقلقة لا بدّ من أن يكون ثمة من يحمل شمعة، ولا يكتفي بلعن الظلام، وإن كانت هذه الشمعة معرّضة لشتى أنواع الرياح، التي تهبّ من الجهات الأربع. ولو لم يكن ثمة أمل يلوح من مكان ما لما كنا نرى من لا يزال يحاول، وأحيانًا كثيرة بـ "اللحم الحي"، يباطح ويكافح من أجل حصر الأضرار وتقليلها، أو على الأقل الحؤول دون تفاقمها أكثر فأكثر.
صحيح أن الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية أعتى من الارادات الطيبة. وصحيح أن الأثقال الملقاة على أكتاف الناس ثقيلة جدًّا. وصحيح أن بوادر الأمل شحيحة. وصحيح أن لا شيء مما يُرى ومما لا يُرى لا يوحي بكثير من التفاؤل والخير. وعلى رغم كل ذلك ما زلت من أنصار الذين يقولون تفاءلوا بالخير تجدوه. فكثرة النقّ، وإن كان محقًّا، لن يُرجع سعر صرف الدولار إلى الـ 1500 ليرة، وهو بالطبع لن يجعل الصيدليات تلبي حاجة المواطن إلى دواء بأسعار مخفّضة، ولن يعيد سعر ربطة الخبز إلى ألف ليرة، ولن ينقذ هذه الليرة من الغرق، ولن يعيد إلينا الدهر ما كان في لبنان، ولن يوقف الأسباب التي تقشعرّ لها الأبدان، والتي أجبرت بيار على الانتحار.
وعلى رغم كل هذا السواد لا أزال أقف في صفّ أصحاب الارادات الصلبة والطيبة، الذين يؤمنون بأن لبنان سيعود أفضل مما كان، وأن الكلام الرائج هذه الأيام عن قرب نهاية لبنان الكبير لن يُكتب له النجاح.
قد يكون ما يجري على أرض الواقع مخالفًا لهذه النظرة التفاؤلية. وقد يكون التباعد العمودي والأفقي بين اللبنانيين يوحي بقرب ما يُرَّوج له. ولكن، وعلى رغم هذه الواقعية البشعة بصورها المقزّزة لا يزال الأمل موجودًا ليصبح العيش أوسع رحابة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|