محليات

اللواء إبراهيم يرفض "التقاعد والاحتجاب": أريد أن أبني على تجربتي!

Please Try Again

ads




المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم انتقل اخيرا الى مقعد التقاعد من كرسي المنصب الرفيع الذي شغله على مدى 12 عاما، وقد ملأ دنيا الأمن والسياسة بحرفيّة يُشهد لها. لكن هذا لا يعني اطلاقا ان الرجل قد آل الى تقاعد دائم يحول دون تعاطيه الشأن العام، ولا يعني استتباعا انه أوصد الابواب أمام تطلعات تسكنه لأداء أدوار سياسية وغير سياسية في قابل الايام كما لا يخفي دوماً أمام قاصديه وزواره.


في نهاية شباط الماضي، انتهت كما صار معلوما عاصفة السجال السياسي والإعلامي التي استمرت اكثر من اربعة اشهر وتركزت حول إمكان إيجاد "تسويات ومسوّغات قانونية اجتهادية" تشرعن التمديد لـ"رجل المهمات المستحيلة" و"الانجازات النوعية".

هذا الرجل، صاحب الهمّة العالية والتجربة الريادية، بادر في اليوم التالي لمبارحته نهائيا مكتبه الى فتح ابواب بيته في محلة الرملة البيضاء ليستقبل وفداً من آل بزي يمثل العائلة المشطورة بين بنت جبيل وديترويت ومغتربات اخرى، وَفَدَ اليه على رجاء ان يؤدي دورا عاجلا بناء على رصيده الغني في هذا المجال في البحث عن مخارج لاطلاق ابن عائلتهم رجل الاعمال المقيم في بلجيكا والحامل جنسيتها، الذي اعتُقل (أو خُطف بحسب رواية العائلة) خلال وجوده في رومانيا لتوقيع عقود تجارية، بطلب من الاستخبارات الاميركية، بذريعة ان اسمه مدرج على "اللائحة السوداء" بتهمة التواصل مع "حزب الله".

ولقد كان ذلك برهانا عمليا منه على أن خروجه من منصبه بالتقاعد القانوني لا يعني البتّة خروجه من دائرة لعب ادوار القيام بالمهمات المستحيلة التي أدّاها ببراعة يُشهد لها منذ ان تسلّم منصبه قبل 12 عاما.

بعدها بأيام كان اللواء إبراهيم يستقبل ايضا وفداً من مكتب الامم المتحدة في بيروت جاءه زائرا ومستغربا في الوقت عينه "ان تستغني الحكومة اللبنانية عن مسؤول لديه هذا الكمّ الكبير من العلاقات المتشعبة وعنده مفاتيح التواصل مع العديد من القوى والمكونات السياسية في بيروت وخارجها"، متمنيا عليه ان يستأنف ما بدأه من دون ان ينال منه اليأس والقنوط لانه "حاجة كبرى".


ويوم الاربعاء ما قبل الماضي قابل اللواء إبراهيم الرئيس السوري بشار الاسد على مدى اكثر من ساعتين، وقد تمنى عليه ايضا المضي قدماً في حمل الملفات الحساسة التي اعتاد تنكّبها، وكثير منها على صلة بمسارات الاوضاع في الساحة السورية وتشابكاتها.

وبين هذه المهمة وتلك، وجد الرجل وقتاً ليبوح لنا بشعور المرارة الذي غالبه على مدى الاشهر الثلاثة الفائتة وهو يواكب مسارات "التمييع" ونهج "التسويف والمماطلة" التي واكبت عملية البحث عن مسارب قانونية للتمديد له لبعض الوقت والتي أبقته في دائرة الضوء.

لا يتعب إبراهيم من ترداد ما سبق له ان ذكره من أنه أبلغ باكراً من يعنيهم الامر من مرجعيات سياسية عزمه على ترك منصبه عندما تحين لحظة تقاعده. لكنه تحت ضغط الإلحاح والرغبة ترك لهؤلاء أمر الايفاء بتعهداتهم بإيجاد "إخراج" قانوني يمدِّد له ويحفظ له ايضا كرامته، خصوصا بعدما تنوعت الاجتهادات المفضية الى ذلك.

ايضا يبدي اللواء إبراهيم إصراراً على انه كان بالامكان التمديد له، ولكن ثمة من حال دون ذلك لسبب من الاسباب أو لغايات في نفس يعقوب ما.

ومع ذلك، فإنّ إبراهيم لا يكتم انه ساءه ما حصل وانه ساءته ايضا الخاتمة الدرامية، وإن كانت تلك النهاية بالنسبة اليه قد اظهرته بمظهر "الضحية" عند شريحة واسعة من المتعاطفين، علما ان الناس تتعاطف إما مع البطل وإما مع الضحية.


ثمة برأيه صفحة قد طويت مع حسناتها وسيئاتها، لكنه لا يخفي ان تجربته التي امضاها على مدى اربعين عاما في السلك العسكري وفي منصبه الاخير مشفوعة بالمهمات التي أُوكِلت اليه او تنكّبها من تلقاء نفسه قد باتت بالنسبة اليه عناصر لا تسمح له بالتنحّي والاحتجاب وإن هو قرّر ذلك. فهي تجربة مثيرة وغنية تدفعه الى المضي في مشوار التعاطي بالشأن العام.

لقد كان هذا القرار نهائيا عنده بقطع النظر عن أين سينتهي به المطاف، وما هي امكانات النجاح والاخفاق، فتلك مسألة الحكمُ فيها متروك للايام وصروفها. وهو في هذا الاطار لا يسقط من حسابه امكان الترشح للانتخابات النيابية في دورة ما، تماما كما لا يخفي استعداده لتولّي وزارة معيّنة ذات يوم. ولئن جاهر اخيرا بلسان صريح انه ساعٍ لان يكوّن لنفسه استقلالية في مسيرته السياسية مستقبلا، فان ذلك بالنسبة اليه لا يعني انه يريد ان يضع نفسه في موقع الضد او النقيض من "الثنائي" المتحكم بالقرار الشيعي، فهو "ابن الخط وابن البيئة" التي يعي تماما تفاصيلها وما يعتريها من مشكلات ومعادلات دقيقة وحساسة ومحاذير. لكنه كما يؤكد لا يرغب في ان يكون عبئا أو وزنا زائدا او رقما مضافا، فكلا الاطارين لا ينقصهما الكوادر المؤهلة والقيادات المجرّبة. لذا فان طموحه ان يكون من خلال العلاقات الواسعة التي نسجها والاماكن العديدة التي نجح في ارتيادها وولوجها "قيمة مضافة" للخط بكل تلاوينه وتدرّجاته، واستطرادا ان يكون "علامة فارقة".

وبمعنى آخر هو على ثقة بأنه يملك رصيدا من التجارب يريد استثمارها وتوظيفها للمصلحة الوطنية "في بلد هو ولّاد ازمات". وهذا برأيه "طموح لا يرقى الشك الى مشروعيته"، فضلاً عن انه يتوقع من السابقين في ميدان العمل العام ومن اللاحقين بهم ان يظهروا مرونة وتقبّلاً "لأن في ذلك مصلحة وفائدة لكل القوى العالمة بأن ثمة موجة مطالبة عارمة في كل الساحات برؤية نمط جديد من الاداء ولون مختلف من الادارة للشؤون العامة".


باختصار، يستشعر اللواء المتقاعد حديثا ان له مكانا في المسرح السياسي يمكنه ان يؤديه بناء على مرتكزات تجربة عملانية حيوية وغنية.

Please Try Again
ads




Please Try Again