دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
لم تعد "أكلة الفقير".. سعر سندويش الفلافل يتجاوز الـ 300 ألف ليرة!
الدولار الذي بلغت نيرانه الارتدادية الامن الغذائي، سيدفع بمئات عشرات العائلات إما نحو "التكيف والرضوخ اللاإرادي" مع تضخم بات أمر واقع، واما بالتقشف او اللجوء الى تقليص كميات من العناصر الغذائية الضرورية في وجبات الطعام او حذف بعضها.
المراهنة على انفراجات محتملة بات مراداً عسيراً، والاهتمام بالشؤون الحياتية اليومية للمواطنين بات أولوية الأولويات. وعندما يُسأل الناس عن الأوضاع السياسية لسان حالهم "رايحين للأسوأ"، وكأن المواطن فقد امله في هذه الطبقة المتعنّتة بالسلطة، وبات ينتظر حصول الأشد من الازمات. فكل ما حوله مرتفع الثمن، حتى ربطة الخبز لم تسلم من جبروت الدولرة، وزوبعته المزعومة انها لمصلحة الناس أتت على الأخضر واليابس.
الفلافل الاكلة التراثية المحبّبة للكبار والصغار، تضاءل وهجها وتناولها بات مقتصراً على ميسوري الحال، ممن قدرتهم الشرائية ما زالت جيدة او متوسطة. بالإشارة الى ان المبيع تراجع جراء دولرة الأسعار بشكل لافت. وكثيرة هي المطاعم التي لم تصمد في كل من مار الياس والضاحية والحمرا، بسبب ارتفاع الكلفة التشغيلية من ايجار وكهرباء الى جانب الغاز وغيرها من أساسيات الاستمرار التي يقوم عليها عمل المطعم، والبعض استبدله "بالكشك" الصغير ليوفر كل ما تقدم لتأمين الاستمرارية.
وتعتبر الفلافل من الاطباق الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وتحضر من الحمص، وبعض الدول تستبدله بالفول او مزيج منهما، وتعرف بهذا الاسم في بلاد الشام. وفي مصر تسمى بالطعمية، وتتنوع خلطاتها وتوابلها وتقدم كطبق جانبي، والبعض يتناولها كوجبة رئيسية.
وبعد دولرة الأسعار وخاصة السلع الغذائية، والتفلّت في سعر صرف السوق الموازية خاصة بعد اضراب المصارف، اضحى ارتفاع الأسعار امرا واقعاً حتماً، لا بل يتحيّن التجار أي ظرف ليبيعوا بأسعار مضاعفة مرتين وأكثر، حتى الامر لم يستثنِ "لحمة الفقير" كما يسمونها أي الفلافل، والطلب عليها خفّ نتيجة تضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين وانهيار الليرة.
فبعد ان كانت تشتري رامونا دزينتين من الفلافل لعائلتها المؤلفة من 6 افراد، تقول لـ "الديار"، "انها المفضلة لأولادي، ولكن في الوقت الحالي وفي ظل ارتفاع أسعار كل من: الشاورما واللحمة وحتى البطاطا لم اعد أستطيع ان امررها لهم ولو لمرة في الشهر. فقد أصبح سعر الـ 24 قرصا، اي ما يعادل الدزينتين 1,200,000 ألف ليرة، ليمسي بذلك طعامنا اليومي عبئا علينا كونه باهظ الثمن، ودولرة الأسعار زاد الطين بِلة". وتضيف: "كل شيء يرتفع سعره عدا الانسان في هذا البلد، فاللبناني المعروف بكرمه ولا يبخل على عائلته او نفسه بات مقتصدا".
ومن جانبه، قال السيد غازي وهو يراقب لائحة أسعار سندويشات الفلافل الكبيرة والصغيرة والدزينة، وما إذا كان يريد الزبون معها الخضر المشكلة الى جانب اكسترا طرطور، بدهشة كبيرة وحزن قال: " نعيش مأساة حقيقية في هذا البلد، وفي الأيام المقبلة سنعاني من ازمة البقاء على قيد الحياة والكرامة، بعد ان اقترب سعر سندويش الفلافل من الـ 300 ألف أي ما يعادل 2,73 دولارا".
التراجع شأن باقي القطاعات
ويقول عمر لاذقاني صاحب "كشك" صغير لبيع الفلافل في منطقة البربير "ان الازمة ارهقت الناس، فبعد ان كانوا يقفون بالطوابير لشراء سندويتش الفلافل، هذا المشهد تبدل ومن يأتي لشرائها أمسوا قلّة. والبعض يطلبها دون ان يأخذ معها لبنا او عصيرا او "بيبسي"، ويؤكد، ان هذه الاكلة لن تتخلى عن هويتها التراثية، الا ان استهلاكها قل".
ويعلل عمر لـ "الديار" سبب تراجع طلب هذه الاكلة الى التحديات الاقتصادية الراهنة، وأبرزها ارتفاع أسعار السلع التي تحتاج اليها صناعة الفلافل، مثل الطحينة والزيت والخضر والكبيس والحمص والتوابل وغيرها من العناصر التي تدخل في "التتبيلة"، وينوّه بجودة الأدوات التي يستعملها في خلطته السحرية ليحافظ على عدد ولو قليل من الزبائن، لأنها ان لم تكن كذلك ستكون اشبه بالرمل او التراب. ويلفت الى استخدام الباذنجان المقلي مع الفلافل بطريقته الخاصة، ما يعطيها طعما فريدا ولذيذا، الا ان ثمنها يصبح أعلى"، واشار الى ان فئة من الناس لا تتوانى عن شرائها، وتكاد تكون الوجبة الوحيدة الرئيسية في غذائهم اليومي".
تُحضر قبل بيوم
يعمل عمر ليلا في تجهيز وصفته الخاصة ليأتي بها الى "كشكه" الصغير في صباح اليوم التالي، حيث يعمد الى "تقريص الفلافل" على شكل دائري وقليها بالزيت، يضاف اليها البندورة والخضر المشكلة، وخاصة كبيس "اللفت البنفسجي" الى جانب الطرطور وهو الأساس.
ويقول عمر انه رغم ان الفلافل لم تعد الارخص مقارنة بالأنواع الأخرى، حيث ان منقوشة الزعتر بات سعرها بـ 100 ألف والجبنة بـ 170، أقول انها باقية وقد لا تتمكن كافة الشرائح من أكلها الا مرة كل شهر او شهرين، بعد ان ارتفع سعرها بسبب دولرة الأدوات التي نحتاج اليها، لافتا الى ان سعر الزيت بات بالملايين كونه يحتاج الى عبوات كبيرة، بالإشارة الى ان الخبز أيضا بات مدولرا تحت شعار انه يباع بالليرة".
بالخلاصة، ومن خلال عملية حسابية بسيطة، فان سعر سندويش الفلافل سيصل الى حوالى 300 ألف ليرة، في حين ان الدزينة التي تضم 12 قرصا حوالى 540 ألف ليرة، الى جانب الخضر والفليفلة والكبيس والطرطور، اما بالنسبة لعائلة مؤلفة من 6 افراد فهي تحتاج الى دزينتين، ما يعني ان السعر سيصبح مضاعفا، هذا من دون العصائر او المشروبات التي ترافق هذه الاكلة، وعدا الخبز وأنواع من الحشائش مثل النعناع والجرجير والبقدونس.
القيمة الغذائية للفلافل
هنا يقول اختصاصي التغذية طه مريود ان كل 100 غرام من الفلافل يعادل 6 حبات من الأقراص التقليدية المتوسطة الحجم او 3 من الحجم الاكبر. وتحتوي: على 340 سعرة حرارية، وفيها من الكربوهيدرات: 32 غراما، البروتين: 13 غراما، الدهون: 18 غراما، الالياف الغذائية: 5 غرامات".
ويتابع: الفلافل غنية بفيتامين "بي" بنسبة 94.8 و "بي" 2 ريبوفلافين، وهي القيمة اليومية التي يحتاج اليها الجسم الى جانب المنغنيز والنحاس، الفولات، المغنسيوم، الحديد، الفوسفور، الزنك، فيتامين "بي" 1(الثيامين).
ويصفها طه بمخزن الألياف الغذائية التي تساعد على الإحساس بالشبع، كما انها تحفّز حركة الأمعاء وتمنع حدوث الإمساك، وتعد مصدرا جيدا للبروتين النباتي المهم في بناء عضلات الجسم، وتسهم في تقليل الشعور بالجوع.
بالتوازي، أظهرت دراسات ان الالياف الغذائية الموجودة في الحمص قد تساعد في التحكم بمستويات السكر في الدم وذلك بإبطاء امتصاص النشويات، الى جانب انها تحسن من صحة الأمعاء وتقلل من مخاطر الإصابة بأمراض منها السرطان والقولون".
وينوّه طه، "على أهمية تناول هذه الاكلة مشوية عوضا عن القلي للتقليل من السعرات الحرارية ولتحافظ على العناصر التي تحتويها وهي كثيرة. ويتطرق الى دراسات أظهرت ان تناول الأطعمة المقلية يزيد من خطر الإصابة بالسمنة وامراض القلب والسكري والسرطان وهذا ينطبق على الفلافل كون المتعارف عليه من العامة انها كناية عن أقراص مقلية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|