الصحافة

لا لائحة بطريركيّة لمرشّحين لرئاسة الجمهوريّة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ أيام يقوم الصرح البطريركي بحراك سياسي أملاً بإخراج الاستحقاق الرئاسيّ من "عنق الزجاجة" الذي وضعته فيه صراعات الأطراف السياسيّة، وبخاصّة المسيحيّة. ويبدو أن الكلّ ينتظر نتيجة حراك بكركي ليبني على الشيء مقتضاه، على الرغم من أنّه لم يعد في لبنان شيء يُبنى عليه في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في المال ولا في الاجتماع.

"لا تضع بكركي لائحة لمرشّحين لرئاسة الجمهوريّة"، تؤكّد مصادر كنسيّة وتصرّ على التأكيد. والسبب التجارب المريرة السابقة للوائح البطريركية. يقضي الحراك البطريركي بتجميع الأسماء المتداولة لرئاسة الجمهوريّة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل كلّ الأطراف، المسيحيّة منها وغير المسيحيّة، المارونيّة وغير المارونيّة. ويقضي أيضاً باستطلاع قبول أو رفض كلّ طرف لكلّ من هذه الأسماء. وفيما بعد سيتمّ إبراز الأسماء التي تتقاطع عندها أغلبية الأطراف لتتنافس في البرلمان.

عقبات ومحاذير
لا شكّ أنّ "الحراك البطريركي" هو عملية دقيقة ومعقّدة دونها عقبات ومحاذير.

العقبات كثيرة:
- الأولى: حالات الرفض المتبادلة للمرشّحين المطروحين من قبل الأطراف السياسيّة، بخاصة المسيحيّة منها. فمن يطرحه حزب القوّات، يرفضه التيار والكتائب. ومن يقبل به التيار، يرفضه حزبا القوّات والكتائب. ومن يطرحه حزب الكتائب يرفضه الآخران. أمّا سليمان فرنجية فلن يطرح أيّ شخصية ما دام "مرشّح الثنائي الشيعيّ". هذا عن الشخصيات المستقلّة التي تطرح نفسها للرئاسة. إذاً هناك مجموعة فيتوات مسيحيّة متبادلة. بعضها معلن (ضدّ سليمان فرنجية)، وبعضها الآخر غير معلن. وهذا ما يعقّد "الحراك البطريركي".

- الثانية: الناخب الداخليّ الأكبر في هذا الاستحقاق، أي الثنائي الشيعي. صحيح أنّ الحزب أعلن استعداده للحوار في الاستحقاق بعدما جاهر بدعم سليمان فرنجية، لكنّ الكلّ يعرف ما معنى الحوار مع حزب الله! والكلّ يعرف نتيجته! أمّا نبيه برّي فيبدو منفتحاً على الحوار لكن في أسماء تتوفّر فيها شروط الحزب (عدم طعن المقاومة بالظهر) وتؤمّن استمرار المكاسب السياسيّة له وللمنظومة بحيث لا تعمل على اجتثاثها من خلال إصلاحات أو سياسات معيّنة.

- الثالثة: النواب السُّنّة. إذ لا مرشّح لدى غالبيّتهم. أمّا "سُنّة حزب الله" فيؤيّدون سليمان فرنجية. لكنّ تأييد البعض لترشيحه يبقى مرتبطاً أو مرهوناً بحسابات إقليميّة عربيّة.

في ما خصّ محاذير الحراك البطريركي فهي أيضاً كثيرة:
- أوّلها، غرق بكركي أو إغراقها في الصراعات المسيحيّة - المسيحيّة واللبنانيّة - اللبنانيّة المتعلّقة بالاستحقاق.
- ثانيها، تنصُّل الأطراف من تأييدها لأسماء معيّنة.
- ثالثها، العرقلة الدستورية التي تلي الحراك البطريركي. فأيّ حراك في الموضوع الرئاسي، محلّياً كان أو خارجيّاً، لا بدّ أن يمرّ في المجلس النيابيّ من خلال دعوة رئيسه إلى جلسة لانتخاب الرئيس، والتزام الكتل عدم مقاطعتها والتعامل الإيجابي معها على أنّها منافسة ديمقراطية بين مرشّحين.

دوافع الحراك البطريركيّ
يُدرك البطريرك الماروني كلّ هذه العوائق والمحاذير. وعلى الرغم من ذلك يقوم بمبادرته انطلاقاً من حرصه على إنقاذ الوضع. وهو ماضٍ فيها لعدّة أسباب:
1- قناعته أنّ الاستحقاق لبنانيّ بالدرجة الأولى، وأنّ على الأطراف الداخليّة القيام بواجبها. وهذا ما يردّده في عظاته.
2- عدم اتّفاق الأطراف الخارجيّة، بعد اجتماعات باريس الخماسية أو الثنائية، على حلّ للاستحقاق الرئاسي اللبنانيّ.
3- سماع البطريرك الماروني من عدّة أطراف خارجية، أبرزها فرنسا والفاتيكان، عن ضرورة قيام اللبنانيين بواجبهم في الاستحقاق الرئاسي، كما في ملفّات الإصلاح، قبل طلب المساعدة من الخارج. وهذا ما أكّده الفاتيكان من جديد خلال استقباله نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال.

4- الجمود القاتل للاستحقاق، بخاصّة بعدما علّق نبيه برّي دعواته إلى عقد جلسات لانتخاب رئيس للجمهوريّة.
5- عجز كلّ الأطراف عن إحراز أيّ تقدّم في الاستحقاق، بمن فيهم حزب الله الذي أعلن أمينه العام في إطلالته الأخيرة أنّ الأمور تسير ببطء في موضوع الرئاسة، كي لا يقول إنّها متوقّفة بالكامل.

لقاءات المطران بو نجم المنفصلة
يبقى التأكيد أنّ الحراك البطريركي منفصل عن "الحراك السياسيّ" الذي يقوم به المطران أنطوان بو نجم. هذا ما تؤكّده مصادر كنسيّة أيضاً. لقاءات المطران بو نجم مع بعض القادة المسيحيين أتت بعد لقاءاته في أبرشيّته مع نواب متنيّين، موارنة وكاثوليك وأرثوذكس، ينتمون إلى الأحزاب والتيارات المسيحيّة.

خليفة المطران يوسف بشارة في أبرشية أنطلياس المارونيّة ربّما يسعى إلى استعادة تجربة "قرنة شهوان". ولكنّ الظروف الكنسيّة والمسيحيّة والوطنيّة اليوم مختلفة تماماً عمّا كانت عليه عام 2001. لن ندخل في الظروف الكنسيّة. ولكن على المستوى المسيحيّ، فالزعماء المسيحيون موجودون اليوم في لبنان على رأس أحزابهم وتيّاراتهم السياسيّة، ولن يقبلوا بمشاركة الدور والسلطة مع أيّ شخصية، سياسيّة كانت أم كنسيّة. فهم بالكاد يقبلون بالدور الوطنيّ الذي يلعبه بطريرك الطائفة، وأحياناً كثيرة يعرقلونه.

على المستوى الوطنيّ، قام لقاء "قرنة شهوان" ليكون جبهة سياسيّة تواجه الاحتلال السوريّ للبنان. وللتذكير، حينها كان التيار الوطنيّ الحرّ يناضل ضدّ الاحتلال السوريّ. أمّا اليوم فقد أصبح احتلال لبنان إيرانياً من خلال هيمنة حزب الله على القرار السياسيّ في البلاد، فيما التيار الوطنيّ الحرّ ما يزال متحالفاً معه (على الرغم من تصدّع هذا التحالف). وهو ساهم في بسط هيمنة الحزب على قرار البلاد خلال فترة رئاسة ميشال عون للجمهورية. كما أنّ مؤسّسه ورئيسه الحاليّ زارا بشار الأسد في دمشق. ويبعثان إليه اليوم بالرسائل الإيجابيّة عسى أن يكون للتيار دور في الاستحقاق الرئاسيّ.

"الحركة بركة". هذا ما كانت تقوله جدّتي. لذا نأمل أن يأتي حراك بكركي ببركة ما للبنان واللبنانيين في زمن الصوم لدى المسيحيين والمسلمين، وأن يسمع النواب المسيحيون المجتمعون في بكركي في "أربعاء أيوب" (5 نيسان المقبل)، ومن خلفهم كلّ نواب الأمّة وزعمائها وسياسيّيها، صرخات اللبنانيين الذين فاقت معاناتهم أضعاف أضعاف معاناة أيّوب.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا