كتاب مفتوح الى وزير الصحة......هل ينهار القطاع الإستشفائي أمام سعر الدولار؟
بعد التحية، احيط حضرتكم علما بما كانت هذه المصادفة حقيقية حيث ان وزيراً على رأس وزارة قاتمة السواد (الصحة) وقد ادهشتني هذه المصادفة مما حثني على كتابة هذه السطور الى حضرتكم. ربما تذكر يا سيد الوزير كم كان لبنان يستقبل كثيرا من المرضى ذوي الامراض المستعصية والتي يلزمها عناية خاصة لاجراء جراحة خطيرة وبعد ذلك اقامة طويلة في المستشفى بغية التأكد من النقاهة والشفاء.
كما كان يأتي الى لبنان ايضا كثير من الاخوان العرب ومن الدول الاجنبية مما يعانون من الامراض بغية المعالجة والطبابة والاستشفاء.
كل ذلك كان يحصل في لبنان حيث يتسم بالصيت الرائع للطبابة وتشكيلة الادوية المتوفرة لديه والمستشفيات الهامة والاطباء الكفوئين، المرموقين والقادرين على اجراء ما يلزم للمريض الذي يلجأ اليهم كل حسب اختصاصه.
والان اصبحنا في حالة يرثى لها من ناحية الادوية واسعارها المتلاعبة حسب الدولار وثمنها الباهظ اذ لا يستطيع المريض تحمله في معظم الحالات ولكن ما العمل؟
ويقع المريض بين حلين لا ثالث لهما اما ترك هذه الدنيا، او دفع الثمن الغالي جدا للمعالجة واصبحت الكرة في ملعبه ليختار ما يريد، هل يلتقطها او يقع في المحظور؟.
اما عن المستشفيات فحدث ولا حرج حيث نبدأ بالقيمة الباهظة التي يجب تأمينها لدخول المريض الى المستشفى وقيمة الفاتورة التي يجب دفعها حين خروجه منه، واصبح يقال بان الدخول الى المستشفيات صار حكرا على الجهابذة اصحاب الدولارات، المليارات والملايين وليس للمساكين المقهورين.
السيد الوزير، لقد ادّيت خدمة هامة جدا حيث اعدت الدعم لادوية سرطان الاطفال وهذا عمل تشكر عليه، وقد نوهت بذلك المذيعة (ذات الرائحة الطيبة والقد الممشوق) باحدى الاذاعات الخاصة وهللت وعظّمت بهذا الانجاز، ولكن ما العمل يا حضرة الوزير بالاطفال كبار السن (من السبعين (70) سنة او يزيد) ان من ناحية الدواء او الاستشفاء؟ ان الخوف والهم يلازمانهم دائما طالما هم على قيد الحياة وربما اكون انا واحداً منهم (وهو كذلك).
يقول احد العلماء: 1 الهم هو عدو الحياة. 2 ان الحياة التي يرافقها الخوف فهي كالموت.
وعندما تصل يا السيد الوزير الى معالجة هذا الوضع وتؤمن الدواء او الاستشفاء لهذه الطبقة من اللبنانيين لا بل لجميع اللبنانيين عندها فقط اكرر فقط انا والجميع نشاطر المذيعة (ذات الرائحة الطيبة) التعظيم والتكريم والتهليل لحضرتكم بهذا الانجاز.
اخيرا اسألك يا حضرة الوزير سؤالا وارجو ان تكون اجابتك عليه بصراحة ووضوح.
انا شخصيا كاتب هذه السطور اذا حكم علي الزمن ودخلت احد المستشفيات (لا سمح الله) لاجراء عملية جراحية ام لمرض ما هل تسدد فاتورة المستشفى عني وزارة الصحة؟ ام اجبر على دفعها شخصيا ولكن ليس لدي مبلغ المال المتوجب دفعه...
لذلك: 1-ان اجبت بنعم اشكرك واقول بارك الله باصلك وفصلك.
2- واذا كان الجواب سلبيا وهذا ما اخشاه فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
السيد الوزير: اذا لم يحصل شيء مما ادرجته في كامل كتابي الموجه اليكم فيكون بيت الشعر المذكور: ولقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي مطابقا تماما على الوضع الذي نعيشه في هذه الايام الرديئة التي نمر بها ولا يسعني الا ان اقول: وأسفاه وأسفاه وأسفاه.
سمير بارودي- الديار
من ناحية أخرى، لم يبق سوى المستشفيات الحكومية آخر ملاذ المرضى العاجزين عن الاستشفاء في المستشفيات الخاصة، وفي ظل انحسار التقديمات الصحية من المؤسسات الضامنة، لم يبق غير هذه المستشفيات كي تتوقف عن العمل، وعندئذ يكون القطاع الاستشفائي قد انهار ، لينضم الى المؤسسات العديدة كقطاع الاتصالات والتعليم والزراعة والدواء والمتقاعدين العسكريين، التي تنهار واحدة تلو الآخر..
أمس حذرت نقابة العاملين في المستشفيات الحكومية من توقفها عن العمل إن لم يتم تصحيح رواتبهم التي فقدت قيمتها خمسين بالمئة من قيمتها جراء صرفها على سعر صيرفة ٩٠ ألف ليرة، مما ادى الى اشكالية معيشية لدى كافة العاملين في القطاع الاستشفائي الرسمي، عدا عن حرمانهم من التقديمات الاجتماعية والصحية، ويعجزون عن مداواة انفسهم في حين يقدمون التضحيات في سبيل مرضاهم الذين يقصدون المستشفيات الحكومية.
ماذا يحصل في الشمال في حال توقف العاملون في المستشفيات الحكومية؟؟ ..
دائما يأتي الشمال في المرتبة الاولى من حيث التأثر بتداعيات اي اضراب او عجز او ازمة تصيب اي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد.
فالواقع الاستشفائي في الشمال، خاصة في طرابلس وعكار والمنية والضنية مصاب بازمات نتيجة المتغيرات المالية في سعر صرف الدولار، الى ازمة المصارف ، وارتفاع تكاليف الاستشفاء التي حددت بالدولار..
مستشفيات خاصة عديدة قلصت من اجنحتها الاستشفائية والطبية، واقفلتها إما لتوفير مصاريف المحروقات، او لانخفاض اعداد مرضى الضمان والتعاونية ومؤسسات ضامنة اخرى لا تزال تسدد النفقات على سعر صرف الدولار ١٥٠٠ ليرة، ولعدم قدرة هؤلاء المرضى تسديد الفارق الكبير وبالعملة الاميركية.
تقليص الخدمات في المستشفيات الخاصة والتي تتقاضى بالدولار وبارقام خيالية، دفع بالمرضى الى التوجه نحو المستشفيات الحكومية في طرابلس وعكار ومناطق الشمال الاخرى، وباتت هذه المستشفيات تشهد اقبالا غير مسبوق نظرا للفارق في التكاليف نسبيا بينها وبين المستشفيات الخاصة..
وبرأي مراجع صحية، انه في ظل هذا الواقع كان يفترض ان توسع وزارة الصحة من مساحة دعمها للمستشفيات الحكومية، وتوفير كل مستلزمات الدعم المادي والمعنوي واللوجستي كي تبقى عاملة في خدمة المرضى من ذوي الدخل المحدود، ومن غير المضمونين ..
الا ان المفاجأة اتت بصرف الرواتب على منصة صيرفة ٩٠ ألف ليرة، دون أن يشملهم الاتفاق الذي طال موظفي الادارة العامة، والقطاع العام عامة ..
هذه المفاجأة اصابت العاملين بالمستشفيات الحكومية بصدمة، الامر الذي دفع بالهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في المستشفيات الحكومية الى الاستنفار والتهديد بالتوقف عن العمل، ما لم يجري المسارعة الى تصحيح سعر صرف منصة على غرار القطاعات العامة الاخرى..
توقف العمل في المستشفيات الحكومية، خاصة في الشمال، ستكون له تداعيات خطيرة تتعلق بالمرضى وبالخدمات الاستشفيات لشرائح واسعة من المواطنين، ويعني ذلك ان البلاد باتت في نفق مظلم على كل الاصعدة، وبالتالي لا يعني ذلك سوى استقالة وزارة الصحة ومعها حكومة تصريف الاعمال من كل مهامها في رعاية صحة وسلامة المواطنين كافة...
فهل تسارع المراجع المختصة الى تصحيح سعر صيرفة وانقاذ هذا القطاع الصحي الهام والاستراتيجي من الانهيار؟ ..
ام ستقف هذه المراجع مكتوفة الايدي تتفرج على الانهيار؟؟...
دموع الاسمر- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|