غموض وتكهنات... هل يكسر فرنجية "صمته" بعد عودته من باريس؟
مرّت أسابيع طويلة نسبيًا على إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن بعده الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، دعم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية في الانتخابات الرئاسية، من دون أن يصدر عن الأخير أيّ رد فعل، على شكل إعلان رسمي بالترشح، أو ما سُمّيت بالرؤية الرئاسية، رغم كلّ ما حكي عن استعداده لمثل هذه الخطوة منذ اللحظة الأولى لتبنّي "الثنائي الشيعي" لترشيحه غير المُعلَن.
ومع أنّ الرجل حدّد أكثر من موعدٍ لمثل هذا الإعلان، سواء من خلال مؤتمر صحافي أو إطلالة إعلامية، محلية أو خارجية، قبل أن يعود عنها جميعها، ثمّة من يمنح "تريّثه" هذا أعذارًا تخفيفيّة، على غرار المواقف الداخلية "المتمرّدة" على ترشّحه، خصوصًا على المستوى المسيحي، وعدم نضوج المعطيات الإقليمية الضامنة لعبوره الآمن نحو قصر بعبدا، فضلاً عن الفيتو السعودي شبه الواضح على اسمه.
لكنّ "خرقًا" سُجّل نهاية الأسبوع الماضي، مع الزيارة التي يصحّ وصفها بـ"المفاجئة"، والتي أجراها فرنجية إلى العاصمة الفرنسية باريس، بدعوة من المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، ولو بقيت نتائجها في دائرة "التكهّنات" لا أكثر، بغياب أيّ بيانات أو تصريحات رسمية حول ما أفضت إليه، علمًا أنّ توقيتها بدا "معبّرًا" بعد التقارير عن "اختلاف" فرنسي سعودي تحديدًا، حول أفكار "المقايضة الرئاسية".
وبمعزل عن التسريبات والتسريبات المضادة، التي تكثّفت في اليومين الماضيين، والتي اختلط فيها الحابل بالنابل، وقد لا تعبّر عن حقيقة الأمور ومسار المفاوضات، ثمّة أسئلة بالجملة تُطرَح عن انعكاسات الزيارة "الباريسية" على رئيس تيار "المردة"، فهل يعلن ترشيحه أخيرًا في الأيام القليلة المقبلة، ويضع حدًا لكلّ التكهّنات المُثارة بهذا الشأن؟ وماذا عن احتمال إعلان "الانسحاب"، أو ربما الانتظار حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا؟.
يقول العارفون إنّ "تريّث" فرنجية في إعلان ترشحه، رغم كلّ ما يثيره من التباسات في الداخل، وصلت لحدّ الحديث عن استياء "حزب الله" منه، باعتبار أنّه أظهر وكأنّ إعلان بري ونصر الله دعمه جاء من دون التنسيق معه، ما يضرّه أكثر ممّا يفيده، ويصوّره فعليًا على أنّه مرشح "حزب الله" بعكس ما يرغب، هو مدروس، حيث وجد رئيس تيار "المردة" أنّ "الصمت" أفضل بانتظار نضوج الظروف، تفاديًا لتحقيق رغبة الخصوم بـ"حرق اسمه".
صحيح أنّ "الهجمة الداخلية" على ترشيح رئيس تيار "المردة"، والتي وصلت لحدّ تلويح بعض القوى التي تصنّف نفسها "سيادية"، بمقاطعة أيّ جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية إذا كان فوز فرنجية "مضمونًا" بنتيجتها، رغم أنّها وصفت هذا التكتيك حين اعتمده "حزب الله" في السابق بـ"البدعة" غير القانونية ولا الدستورية، تُعتبَر من الأسباب التي دفعت فرنجية إلى "الاستمهال"، لكنّها مجرّد "تفصيل" وفق ما يقول المتابعون لحراك فرنجية منذ البداية.
للتدليل على ذلك، يشير هؤلاء إلى تصريحات سابقة لفرنجية قال فيها إنّ "الميثاقية" تتأمّن بالنصاب، وأنّه يقبل بانتخابه رئيسًا للجمهورية بـ65 صوتًا، وفق الدستور، إذا ما حضر ثلثا أعضاء المجلس جلسة انتخابه، ليبدو أنّ "تريّث" فرنجية مستند بشكل أساسي إلى معطيات مغايرة، مرتبطة بالدرجة الأولى بالحراك الإقليمي المستجد، خصوصًا أنّ الرجل يريد الحصول على موافقة سعودية ضمنية على اسمه، حتى يمضي بترشيحه فعليًا.
يقول العارفون إنّ رئيس تيار "المردة" كان ينوي بالفعل إعلان ترشيحه قبل أسابيع، لكنّ الظروف الإقليمية هي التي دفعته إلى "فرملة" حراكه لبعض الوقت، علمًا أنّه لا يزال "يراهن" على أن تميله لصالحه، ولو تأخّر ذلك، علمًا أنّ الاستحقاق الأول الذي أجّل إعلانه المُنتظر كان مرتبطًا بالاتفاق السعودي الإيراني الذي أبرم في الصين، والذي يُقال إنّ انعكاساته على لبنان ستكون جلية، لكن بعد الانتهاء من ملفات اليمن وسوريا وغيرها.
وفي وقتٍ عاد الحديث في الأيام الأخيرة عن نيّة رئيس تيار "المردة" إعلان ترشيحه في غضون أيام قليلة، باعتبار أنّه لا يستطيع الاستمرار بحالة الانتظار، جاءت زيارة باريس لتفتح باب التكهنات على مصراعيه، رغم الصمت "الرسمي" الذي أحاط بها، معطوفًا على "فوضى" التسريبات غير المقنعة بأغلبيتها، بين من خلص إلى أنّ باريس أبلغت فرنجية بصعوبة استمراره بالمعركة، ومن تحدّث عن "ضمانات" تلقتها منه، لإقناع شركائها بدعمه.
ولعلّ ما يعزّز من هذه التكهنّات يكمن في ما أثير قبل الزيارة، منذ اللقاء الخماسي الشهير الذي جمع ممثلين عن كل من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، من دون أن يصدر عنه بيان مشترك، إلى اللقاء الفرنسي السعودي الأخير، والذي انتهى وفقًا للمعلومات المتقاطعة عند "لا اتفاق"، والذي فُهِم منه أنّ الرياض ترفض السير باقتراح باريس "مقايضة" تتيح انتخاب فرنجية رئيسًا، وشخصية قريبة منها في رئاسة الحكومة، بمعزل عن الأسماء.
ويقول المعترضون على ترشيح فرنجية إنّ "العقبات" التي تحول دون وصوله إلى بعبدا لا تزال على حالها، علمًا أنّ "الحملة" التي يشنّها "التيار الوطني الحر" عليه قد تكون كافية للإطاحة بحظوظه، طالما أنّ الفريق الآخر يتمسّك بفكرة "التعطيل"، ويشدّدون على أنّ الرياض ليست في وارد تقديم أيّ "تنازل" عبر دعمه، وهو ما أكّده السفير وليد البخاري الذي كثّف من لقاءاته مع مختلف الأفرقاء في الأيام القليلة الماضية.
في المقابل، يدعو المؤيدون لترشيح رئيس "المردة" لعدم استباق الأمور، فتجربة انتخاب ميشال عون رئيسًا قبل ستّ سنوات ونيّف كافية للدلالة على أنّ "لا مستحيل في السياسة"، خصوصًا أنّ حظوظ فرنجية اليوم هي أكبر من حظوظ عون حينها، علمًا أنّ الأخير حين أعلن ترشيحه لم يكن مدعومًا سوى من "حزب الله"، لكنّه انتخِب رئيسًا في نهاية المطاف بموجب "تسوية رئاسية" كان لها رأي آخر، في سيناريو قد يتكرّر اليوم.
عمومًا، يكاد العارفون يجزمون أنّ "ما بعد زيارة باريس ليس كما قبلها"، وأنّ نتائجها ستظهر خلال أيام قليلة، فإما أن يعلن فرنجية ترشيحه، ما قد يُفهَم منه تلقّي أصداء إيجابية، وإما يبقى في المنطقة الرمادية إياها، منتظرًا ومراهنًا على تغيّرات قد لا تأتي في وقت قريبًا، وإما "ينكفئ" بشكل رسمي، ولو أنّ المقرّبين منه يجزمون أنّه لن يعلن انسحابه، طالما أنّه لم يعلن ترشيحه أصلاً، وفي ذلك مفارقة مثيرة للاهتمام!.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|