... وابتدأت مراحل الآلام وطريق الجلجلة ودرب الصليب والموت والقيامة
من بستان الزيتون، الى الجلد، الى اكليل الشوك، الى حمل الصليب، الى الموت والقيامة، مسار من الآلام والاوجاع، مجبول بالخيانات والدموع والتوبة والمآسي والبكاء والفرح والخوف والمجد، مجد القيامة.
من بستان الزيتون سيق يسوع الى دار حنان، الذي ارسله الى قيافا رئيس الكهنة آنذاك، والذي ارسله بيلاطوس الى هيرودوس، الذي اعاده الى بيلاطوس الى الحكم بالموت، وحمل الصليب الى الجلجلة، الى القيامة.
«فاخذوه اولاً الى حنان وحمو قيافا رئيس الكهنة في تلك السنة» (يوحنا 17/14).
«وهذا الذي اشار الى اليهود فقال: ان يموت رجل واحد فدى الشعب فخير لكم» (يوحنا 17/14).
«فارسله حنان موثوقاً الى قيافا رئيس الكهنة» (يوحنا 17/24).
«واخذوا يسوع من عند قيافا الى قصر الحاكم بيلاطس» (يوحنا 17/28) ، بعد ان اجتمع الكتبة والشيوخ في دار قيافا، لكن يسوع ظل صامتاً حتى عيل صبر قيافا، فقال ليسوع «اما تجيب بشيء ، بالله الحي قل لنا هل انت المسيح ابن الله». فاجاب يسوع: «انت قلت». فشق عظيم الاحبار ثيابه وهو يقول: «انه يجدّف انحن بعد بحاجة الى شهود، وقد سمعتم الآن التجديف. فما ترون، قالوا انه يستحق الموت، فبصقوا في وجهه ولطموه ولكمه بعضهم قائلاً: «تنبأ، قل لنا ايها المسيح، قل لنا من ضربك»؟ واوثقوه وساقوه الى بيلاطس.
من بستان الزيتون
انه ليل البستان، بستان الزيتون يغمر شجر الزيتون، والسكوت يملأ صمت الليل الذي تتردد فيه نهدات يسوع، وهو يعرق دماً ويصلي في بستان الزيتون، والرسل يغطون في نوم عميق، غير مدركين عظمة المأساة التي ستحدث في ذلك الليل، والتي ستمتد حتى الصلب والموت والقيامة.
نحو بستان الزيتون يتقدم جمهور حاملا العصي والفؤوس، يقودهم يهوذا الى حيث يسوع، وهم لن يعرفوه في ظلمة الليل، انه هو الا بقبلة يهوذا له. القبلة القاتلة كخنجر الخيانة في القلب، وفي اليد يحمل يهوذا كيساً فيه ثلاثون من الفضة ثمن خيانته ليسوع.
يستيقظ بطرس وبعفويته وحبه ليسوع ضرب بسيفه اذن خادم رئيس الكهنة، التي ردها يسوع قائلاً لبطرس: «بطرس اردد سيفك الى غمده، فمن اخذ بالسيف بالسيف يؤخذ». اما بقية التلاميذ، فولوا هاربين تاركين يسوع تسوقه الجموع، بعد ان باعه لهم يهوذا بقبلة، ويسوع يقول له بعتب كبير: «ابقبلة تبيع ابن الانسان يا يهوذا».
أم لاهثة تبحث عن وحيدها
وسيق يسوع الى بيت رئيس الكهنة قيافا، وابتدأت مشهودية الآلام والعذاب بين قيافا وحنانيا وهيرودوس وبيلاطس وشعب اليهود والحكم الروماني. وتتصارع قوى المصالح والكهنة والحكام والسياسية والغوغاية، والام الملهوفة الموجوعة الراكضة لاهثة تبحث عن وحيدها...
لذلك، نحن في ليلة المرافقة، نرافق السيدة مريم العذراء الباحثة عن ابنها من مكان الى آخر، لذلك نحن نرافقها عندما نزور كنائس سبع في تلك الليلة، مشاركين مريم العذراء الآمها واوجاعها على ابنها المخطوف، ونشارك جميع الناس الذين خطف اولادهم، والى الآن لا يعرفون مصيرهم.
في تلك الليلة ايضا، تمت خيانة بطرس عندما انكر انه لا يعرف يسوع، وخرج هارباً نادماً على خيانته ونكرانه، هو الذي اعلن انه يحب يسوع حتى الموت. آه يا قبل الخيانة؟
وتتوالى الخيانات في ذلك الحدث المفجع، من خيانة يهوذا الى هرب الرسل، الى خيانة بطرس، الى خيانة بيلاطس بغسل يديه واعلانه انه هو المسؤول عن دم هذا الانسان.
خيانة اخرى كخيانة بروتوس لقيصر.
هذا هو العمى السياسي
الذي نعيشه اليوم
هكذا، نحن نعيش عمرنا من خيانة الى خيانة، ومن نكران وكذب ونفاق، حتى نتوب ونندم ونبكي على خطيئتنا، لنعيش زمن قيامتنا من موت ومقبرة الانسان، الى فرح قيامة الانسان الجديد بالحب والصدق والتضحية والبذل والعطاء، فنقرع اجراس قيامتنا في حياتنا الجديدة في المسيح القائم من الموت الى الحياة.
هذا هو العمى السياسي الذي نعيشه اليوم، بخيانة للوطن ولشعبه ولمصالحه، ونجعل من لبنان بلداً منهاراً فاسداً متخلفاً شحاداً جائعاً، ومريضاً بلا دواء ولا مستشفى ،وعاريا بلا رداء او كساء، ولاجئاً في وطن الحرية والحب والخير والجمال.
الاب يوسف مونس- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|