العكاريّات ينشرن زراعة الزوبع
قرابة الخمس سنوات مرّت على دخول نبتة الزعتر البرّي (الزوبع) إلى عكّار، وقد انطلقت من بلدة الحويش في الجرد كنوعٍ من التجربة؛ بعدما انقرضت من الأراضي والبساتين التي كانت تنمو فيها على الطبيعة. ومع كثرة البحث عن هذه النبتة وقطافها، وإزالة جذعها الأساسي من الأرض حيث كان البعض يحملها معه ليزرعها في حدائق المنازل، لم تعد هذه النبتة موجودة بالمطلق في الأراضي والجبال والتلال التي لطالما تواجدت فيها.
ولأن الزعتر بأنواعه المتعدّدة لا سيّما الزوبع هو من أكثر النباتات شهرةً في عكار، وأكلة مطلوبة، سواء لوحدها أم إلى جانب أكلات أخرى، كان لا بدّ من زراعتها لضمان وجودها وبقائها. وبالفعل، بدأت الزراعة مع مشروعٍ خُصص لدعم عمل النسوة في البلدة، قبل بضع سنوات؛ لكنّ الأزمة الإقتصادية الأخيرة جعلت الزراعة تتطور لتصبح هناك أراضي عدّة في الحويش ومناطق وقرى أخرى تعمل في هذه الزراعة.
في بلدة الحويش في جرد عكّار تتشارك المرأة مع الرجل في عمل الأرض لإعانته على مصروف البيت وعلى مطالب الحياة وقد زادت أخيراً وبات حملها على الرجل لوحده أمراً صعباً للغاية. كما وجدت النسوة في هذا العمل نوعاً من تحقيق الذات والإعتماد على النفس. ولكي تلعب المرأة دورها في تمكين نفسها ومجتمعها وتأمين مصروفها الذاتي، فليس أفضل من الزوبع لهذه الغاية كونه ينمو بسرعة، ولا يحتاج إلى الري أو إلى تقنيات عالية في الزرع والقطاف، في منطقة تعتمد على الزراعة بشكل أساسي كمصدر دخلٍ للأهالي.
والزوبع يؤكل أخضر ومجفّفاً ولوحده أو مع أطعمة أخرى، وهو شريك أساسي في صحن الفتوش اليومي، طبق أهل القرى الرئيسي في شهر رمضان المبارك. كذلك يوضع الزوبع مع الزيتون المكبوس، وهناك من يستخدمه للحفاظ على جودة الزيت. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الزعتر بأنواعه يستخدم لأمور وغايات طبية، وهو مناسب للسعال أيضاً، ويباع الزعتر لنفس الأغراض التي يؤكل لأجلها.
يتحدّث أبو رياح الأكومي لـ»نداء الوطن» وهو من أوائل من أدخلوا زراعة الزوبع إلى المنطقة ويقول: «لقد أدخلنا زراعة الزوبع إلى الحويش للحاجة إليها عندما وجدنا أنّ هذه النبتة في طريقها إلى الإنقراض. كذلك أردنا أن يساعد المشروع في تأمين العمل لعدد من النساء، وهذا ما حصل».
ويضيف: «لقد تطورت زراعة الزوبع وصار هناك العديد من الأراضي المزروعة كما أنّ القرى الأخرى بدأت الزراعة ايضاً، وهناك مساعدة من الرجل للمرأة للقيام بهذه الأعمال».
وللنساء العاملات في زراعة زعتر الزوبع مطالب عدّة لتحسين أوضاعهنّ. فمن ناحية المعدّات، لديهنّ حاجة لماكينات التقشير وآلات تنظيف الأراضي ومقصّات لتقطيف الزعتر ومعدّات للتوضيب، ومن ناحية التصريف وبيع المحصول تطالب النسوة بلديات المنطقة والجمعيات والمنظّمات بالمساعدة في بيع المحصول وتصريفه، خصوصاً أنّ التصريف الآن يتمّ فقط بشكل محلّي ضمن البلدة أو في القرى والبلدات المجاورة، وضمن حدود المنطقة، وذلك بالإعتماد على المعارف والأصدقاء من ناحية وعلى وسائل التواصل الإجتماعي في عملية التسويق من ناحية أخرى.
وتشدّد النسوة على أنّهن قمن بعملٍ يعيلهنّ ويعيل عائلاتهّن، وهنّ لا يحتجن إلى أي نوع من المساعدة، لأنهنّ قادرات على تأمين أنفسهنّ، ولكن لهنّ مطالب بالمساعدة في تصريف الإنتاج من الزعتر العادي والمجروش حتى يتمكّنَ من الإستمرار. ومن الدولة ووزارة الزراعة مطلب بضرورة المساعدة في تأمين البذور والأسمدة التي أصبحت باهظة الثمن وتكاد تقضي لوحدها على أي مربحٍ تحلم به النساء العاملات في هذا النوع من الزراعة.
مايز عبيد - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|