أحداث ومواقف تزيد الوضع اللبناني تعقيداً
منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام 1990 لم تشهد الساحة اللبنانية تبادل اتهامات وتذكير بالاقتتال كما حصل هذا العام بمناسبة 13 ابريل، وهو اليوم الذي حصلت فيه حادثة عين الرمانة الشهيرة عام 1975، واندلعت على إثرها المواجهات العسكرية بين الفرقاء اللبنانيين، وكان للعامل الفلسطيني دور أساسي في ذلك الوقت، والأجواء العربية والدولية شجعت على حصول الحرب، بدل أن تعمل على توقيفها. وقد استمرت المواجهات 15 عاما، واستهلكت معالجة آثارها الكارثية أكثر من 15 عاما.
المواجهات الكلامية الساخنة بين مناصري الفرقاء المختلفين وصلت الى حد استعمال عبارات طائفية بغيضة، واثارة غرائز دفينة، بينما الوضع الشعبي محقون من جراء الانهيار المالي والاقتصادي، والبلاد تعاني من الفراغ في المؤسسات الدستورية الأساسية، لاسيما في موقع رئاسة الجمهورية الشاغر منذ ما يقارب ستة أشهر، والحكومة مستقيلة وبالكاد تصرف الحد الأدنى من الأعمال الملحة، ومجلس النواب فشل في انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الفشل أرداه جثة تشريعية هامدة، وكاد أن يلفظ انفاسه لولا التفاهم الذي حصل على القطعة بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لعقد جلسة عامة الثلاثاء في 18 الجاري للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية بعد أن فشلت الحكومة في اجراء الانتخابات التي دعا اليها وزير الداخلية بسام المولوي ولم يصرف لها اعتمادات مالية.
ومن أخطر المؤشرات السلبية كان اطلاق صواريخ من الجنوب على شمال «فلسطين» على اثر العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وقد تأكد أن عملية القصف الصاروخي منسقة، وتوضحت أهدافها فيما بعد من خلال خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة يوم القدس، والذي أعلن فيه أن أي اعتداء إسرائيلي يحصل وفي أي مكان سيؤدي الى حرب شاملة في المنطقة، وكذلك من خلال الاحتفال الذي أقامه الحزب في حارة صيدا، وجرى فيه استعراض عسكري وتخريج دفعات من المقاتلين بلباس كشافة المهدي، وتخلله خطاب للنائب حسين الحاج حسن، أعلن فيه أن جيش العدو الإسرائيلي انهزم، وفقد المبادرة، ولم يتمكن من الرد على الصواريخ.
معلومات مصادر متابعة للتطورات التي تحصل في المنطقة، تؤكد أن التهدئة الحاصلة على المستوى الإقليمي قد لا تشمل لبنان، وموضوع «المقاومة» لا يخضع لأي مقيدات، وهو ما اثار مخاوف لدى غالبية اللبنانيين وعند قوى سياسية عديدة، ودفع المطارنة الموارنة بشكل خاص الى رفع سقف الاعتراض على إعادة استخدام لبنان كصندوق بريد لتبادل الرسائل الساخنة بين الدول الكبرى المتصارعة في المنطقة.
وتتضح صورة الوضع المعقد ايضا، من فشل كل المساعي التوفيقية التي جرت لترتيب انتخاب رئيس للجمهورية، وتشير المعلومات الى وجود تعارض جوهري بين القوى الخارجية المتابعة للملف اللبناني على اسم المرشح، لاسيما بين الدول الخمس التي اجتمعت سابقا في باريس، وقد تجتمع مجددا في الرياض قبل انعقاد القمة العربية.
ويترافق ذلك مع تراجع منسوب التسامح عند الكتل البرلمانية الأساسية، بحيث يتمسك كل منها بموقفه المتشدد، بينما تعتب مرجعيات مسيحية على الرئيس نبيه بري لأنه لم يدع مجلس النواب لانتخاب رئيس منذ أكثر من 3 أشهر.
هذه العوامل مجتمعة تؤكد وجود مؤشرات خطرة، قد تدفع أكثر باتجاه الفوضى، او التفلت الأمني، وما أبرزه التراشق الإعلامي بمناسبة 13 ابريل ينذر بخطر محدق إذا طال أمد الفراغ أكثر. والمطالبة بتغيير النظام الحالي او طلب اعتماد الفيدرالية، زادا من خطورة المشهد وتعقيداته.
يخطئ محور الممانعة إذا اعتقد أنه سيحسن شروط حضوره السياسي والأمني في لبنان في هذه اللحظة السياسية القاتمة. ويخطئ أكثر الفريق الآخر إذا اعتبر أن الوقت مناسب للتشدد لفرض رؤيته، حتى ولو كانت هذه الرؤية تتمتع بأحقية سيادية ووطنية واضحة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|