خير الدين يفعلها: حريّته مقابل رأس رياض سلامة
جميع المعلومات الواردة من العاصمة باريس، تشير إلى أنّ صاحب بنك الموارد مروان خير الدين حسم خياره منذ أيّام، لجهة الذهاب إلى أقصى حد في التعاون مع التحقيق الفرنسي، وتقديم جميع المعلومات التي تطلبها القاضية أود بوروسي.
وعلى هذا الأساس، عمل خير الدين بمعاونة محامين فرنسيين مخضرمين على عقد "اتفاق" مع التحقيق الفرنسي، يقضي بتسهيل عمل المحققين وفتح الدفاتر أمامهم، مقابل اعتباره "متعاونًا مع التحقيق" وإخراجه من دائرة "الرقابة القضائيّة". وبعض المصادر القانونيّة المقرّبة من خير الدين، تؤكّد أنّه يطمح إلى إنجاز هذا الأمر خلال الأسبوع الراهن، والعودة إلى بيروت قبل نهاية الأسبوع.
في خلاصة الأمر، لم يعد خير الدين يعتبر سلامة شريكًا يسعى لحمايته، بعدما تورّط خلال الأشهر الماضية في عرقلة التحقيق اللبناني، بما ساهم في احتجازه على هذا النحو في باريس. بل وعلى العكس تمامًا، بات خير الدين مستعدًا للتضحية بهذه الشراكة، وبرأس سلامة نفسه، مقابل حريّته.
بالتأكيد، هذا الاتفاق لن يعني عدم إدانة خير الدين في الأحكام النهائيّة، وبقرارات ستصل إلى حد السجن و/أو الغرامات القاسية. لكنّ جلّ ما يمكن أن يفعله خير الدين على المدى القصير هو فك احتجاز جواز سفره وتمكينه من العودة إلى لبنان، طالما أنّه لا يعرقل التحقيق كما فعل سابقًا في بيروت، بانتظار صدور الأحكام في المستقبل.
ومن هذه الزاوية، يمكن القول أنّ بوروسي لم تنجح فقط في إسقاط تواطؤ خير الدين وسلامة لعرقلة التحقيق، بل ونجحت في كسر تواطؤ العديد من المصرفيين الآخرين، الذي تملّصوا في مراحل سابقة من تقديم داتا حسابات رجا سلامة للمحقّق رجا طنّوس.
وتمامًا كما فعل خير الدين اليوم، من المتوقّع أن نرى خلال الأيام المقبلة رزمة من الصفقات التي سيكشف بموجبها كبار المصرفيين تفاصيل إضافيّة عن اختلاسات الأخوين سلامة وعمليّات تبييض الأموال، مقابل التخفيف من قسوة الإجراءات التي سيتم اتخاذها بحقّهم خلال فترة التحقيق. وهذا تحديدًا ما كان بالإمكان رصده من خلال اتصالات هؤلاء المصرفيين مع بعض مكاتب المحاماة الفرنسيّة التي تملك خبرة في عقد هذا النوع من الصفقات (راجع المدن).
في خلاصة الأمر، قد يكون متوقّعًا أن يسعى خير الدين لتصوير عودته في صورة الخروج الظافر من محنة التحقيق الفرنسي، وربما كبراءة منتظرة بعد الضرر الذي لحق بصورته خلال الاحتجاز. إلا أن ارتدادات المعلومات التي ظهرت للتحقيق ستظهر سريعًا في 16 أيّار المقبل، موعد استجواب رياض سلامة المنتظر في باريس. ففي هذا الموعد، سيكون على سلامة إمّا مواجهة كل هذه الحقائق خلال الاستجواب، أو انتظار النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول، بناءً لطلب السلطات القضائيّة الفرنسيّة، في حال لم يحضر.
من المفترض أن تسهم كل تطوّرات الأيّام الماضية في تذليل عقبة عدم تعاون المصرفيين مع التحقيق الأوروبي. إلا أنّ العقبة الثانية، التي تحول دون ضمان حق لبنان في الأموال المحتجزة في أوروبا، تكمن في تواطؤ وزير الماليّة وعدم توقيعه على قرار رئيسة هيئة القضايا، القاضي بالإدعاء على سلامة بإسم الدولة اللبنانيّة.
مع الإشارة إلى أنّ هيئة القضايا كانت قد تجاوزت عقبة عدم تأمين وزارة الماليّة التمويل اللازم للادعاء، من خلال تأمين محامين متطوّعين لهذه المهمّة. إلا أنّ عدم توقيع وزير الماليّة على قرار الادعاء، سيسمح لفريق الدفاع عن سلامة باستغلال هذه الثغرة القانونيّة، لمنع الدولة اللبنانيّة من المطالبة بالأموال المحتجزة في أوروبا.
ومن المهم الإشارة إلى أنّ حساسيّة هذه التطوّرات بالتحديد تكمن في أنّ القاضية الفرنسيّة أود بوريسي حددت جلسة بتاريخ 23 أيّار المقبل، للبت بمصير الحجوزات التي وضعتها السلطات القضائيّة الفرنسيّة على أموال واستثمارات رياض سلامة في أوروبا.
ومن المعلوم أن هذه الجلسة تأجّلت، بعدما كانت محدّدة في 4 نيسان الماضي، بسبب العراقيل التي قام بها وزير الماليّة، وتذرّع فريق الدفاع عن سلامة بهذه العراقيل لمنع هيئة القضايا من وضع حجوزات تضمن حق الدولة اللبنانيّة بهذه الأموال.
وعلى أي حال، من المتوقّع أن يكون يوسف الخليل بالتحديد أحد "ضيوف" الجولة المقبلة للوفد القضائي الأوروبي، التي ستبدأ في 25 نيسان المقبل. وسيكون استجواب الخليل أحد المحطّات المفصليّة في التحقيق، بالنظر إلى الموقع الذي شغله في مصرف لبنان كمدير للعمليّات الماليّة، ما يجعله "كنزاً للمعلومات" في حال قرّر التعاون مع التحقيق. أمّا إذا قرّر التغطية على حاكم مصرف لبنان خلال الاستجواب، فسيزيد من تورّطه في الملف كمتواطئ مع حاكم مصرف لبنان. مع الإشارة إلى أنّ إسم مديريّة العمليّات الماليّة، التي يرأسها الخليل، ورد في عدّة مراحل من التحقيق، بوصفها إحدى الجهات التي كانت "تدقّق" طلبات التحويل الصادرة عن شركة فوري.
في جميع الحالات، من المفترض أن تظهر جولة التحقيقات المقبلة في بيروت مدى استعداد وزير الماليّة للتضحية من أجل حاكم مصرف لبنان. كما من المفترض أن تظهر الأيام القليلة المقبلة مدى نجاح مروان خير الدين في مسعاه، للعودة إلى بيروت مقابل التعاون مع التحقيق. لكن أهم ما في الموضوع، هو أنّ الأسابيع المقبلة ستكون مليئة بالتطوّرات المثيرة، التي ستحسم وجهة التحقيقات في ملف حاكم مصرف لبنان.
علي نور الدين - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|