عربي ودولي

الاشتباكات تستمر في السودان... هل باتت العملية الديمقراطية بعيدة المنال؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قالت "الحرة" ان التوتر بين أقوى جنرالين في السودان تحوّل إلى قتال مفتوح في شوارع الخرطوم، وذلك بعد 18 شهرا فقط على اتحادهما لعرقلة انتقال البلاد إلى المسار الديمقراطي.

الاشتباكات المسلحة تتواصل منذ ثلاثة أيام بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 100 مدني وإصابة 365 آخرين بحسب نقابة أطباء السودان.

ورغم أن القضية الأهم في الوقت الراهن هي وقف إطلاق النار لتجنيب المدنيين مزيدا من الخسائر في الأرواح والممتلكات، يبقى السؤال كيف سيؤثر هذا التطور   على مصير العملية السياسية والتحول الديموقراطي في السودان قائما؟ 

المحلل السياسي السوداني، محمد عجيب يرى أن العملية السياسية ستختلف بشكل كبير في حال انتصار طرف على آخر، لأن التوجهات السياسية لطرفي النزاع تكاد تكون متباينة تماما.

وأضاف في حديث مع موقع "الحرة" أنه في حال انتصار قوى الدعم السريع، من المتوقع أن تتحالف مع إحدى القوى السياسية والمدنية الموجودة الآن، وهي قوى الحرية والتغيير، لتوقيع الاتفاق الإطاري، على أن يشكل الدعم السريع المجلس العسكري، الذي يعطيه حق وضع الدستور واختيار الحكومة القادمة ورسم المرحلة الانتقالية القادمة.

أما إذا انتصرت القوات المسلحة، فسيقوم برنامجها على توسيع مشاركتها في العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية بمعاونة من يؤيدها من القوى المدنية، ما عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول، وفقا لعجيب.

وستسعى القوات المسلحة لتشكيل حكومة وفاق وطني بمشاركة القوى المدنية المختلفة، لكن سيكون للجيش اليد العليا، بحسب عجيب، لرسم الخطوط العريضة في الفترة الانتقالية.

لكنه أوضح أنه في حالة عدم اتفاق القوى المدنية على حكومة وطنية، سيقوم الجيش باختيار حكومة تكنوقراط لتصريف الأعمال.

وقال المحلل السياسي السوداني، فريد زين العابدين،  في حديث لموقع "الحرة" إنه ليس من السهل توقع انتصار أي من الطرفين بسهولة لأن كل فريق لديه قوة عسكرية نوعية ومراكز قوى مختلفة.

وتوقع زين العابدين صعوبة وصول أي من الطرفين إلى انتصار حاسم في أي وقت قريب يتفق معه كل من الباحثة السياسية السودانية، مها طمبل، والمحلل السياسي السوداني، حسين بركة، الذين اعتبروا أنه مهما طال أمد المواجهة، فسيقتنع الفريقين في النهاية بأن النتيجة الوحيدة ستكون دمار السودان.

ونشرت صفحة قوات الدعم السريع السودانية على موقعي "فيسبوك وتويتر"، الاثنين، فيديوهات أعلنت من خلالها الاستيلاء على مجموعة من المقار أبرزها مقر الاستخبارات العسكرية بالقيادة العامة ومطار مروي ومنزل قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وزعمت تحقيق انتصارات، إلا أن قيادة القوات المسلحة أصدرت بيانا نفت فيه هذه المعلومات، بحسب ما تداولت التقارير الإخبارية.


ونقلت وكالة "رويترز"، الاثنين، عن شهود قولهم إن الجيش السوداني أصبح له اليد العليا على ما يبدو في الصراع الدموي على السلطة ضد قوات الدعم بعد أن استهدف الجيش قواعدها بضربات جوية.

لكن بركة يرى أنه في حالة انتصار  الجيش وهذا لن يحدث إلا بتكلفة كبيرة  جدا، سوف نشهد عودة شمولية عسكرية بملامح أقرب للحركة الإسلامية.

وترى الباحثة السياسية السودانية، مها طمبل، في حديثها لموقع "الحرة" أن مشكلة قوات الجيش أنها مؤدلجة سياسيا وأصبحت تطمع في السلطة ولا تريد أن تقتنع أن دورها يقتصر على حماية الوطن.

وأوضحت أنه إذا انتصر الجيش في معركته ضد الدعم السريع وتولى مقاليد الحكم، فمن المؤكد أن الشعب السوداني لن يقبل هذا الوضع وسيثور مرة أخرى وسيخسر السودان مزيدا من السنوات.

لكنها أشارت إلى أن الأزمة ستكون أعمق بكثير في حالة انتصار الدعم السريع، موضحة أنها "مليشيا لا يمكنها أن تحكم الشعب السوداني الذي يفضل الجيش النظامي، وأي انتصار للدعم لا يعبر عن السودان ويعني أن الدولة انتهت".

ووفقا لزين العابدين، في الفترة الأخيرة أصبحت قوات الدعم السريع أقرب فكريا بشكل ما إلى القوات المدنية بسبب تصريحاتها المتكررة بضرورة تسليم السلطة إلى المدنيين والالتزام بالاتفاق الإطاري مع القوى المدنية، ومع ذلك الشعب لن يتقبل أن تحكمه هذه القوات في حال انتصارها، بحسب رأيه.

وأوضح أن فئات الشعب السوداني المختلفة لا ترى أن الدعم السريع تعبر عنها خاصة بسبب طبيعة تكوينها، إذ إن غالبية قواتها، سواء من القيادات أو الجنود، تأتي من غرب السودان.


وقوات الدعم السريع تعتبر عائلة كبيرة، يديرها حميدتي وأخوه، وينتمون جميعهم لنفس القبيلة والمكان، بحسب المحلل السياسي.

وقال إنه رغم أن قوات الدعم السريع بدأت في الفترة الأخيرة تعيين بعض المفصولين من الجيش، والذين ينتمون إلى فئات مختلفة من الشعب، إلا أنه لا تتمتع بتمثيل كبير في السودان.

ويدير السودان حاليا مجلس السيادة، منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021، من خلال قائده البرهان، الذي يعتبر الرئيس الفعلي للبلاد، من جهة، ونائبه حميدتي، من جهة أخرى.

لكن الجنرالين اختلفا على مسار العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني. ووفقا للجدول الزمني المتوافق عليه، فقد كان من المفترض الإعلان عن تشكيل حكومة مدنية جديدة، في 11 أبريل الجاري، لكن تعثر حدوث هذا الأمر بعد ن فشل الطرفان في التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي تم الإعلان عنه، في ٥ ديسمبر الماضي، وذلك بسبب الخلافات حول آليات ومواعيد دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وقالت طمبل إنه بعد انقلاب العسكريين على الحكومة المدنية في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، ظل المجتمع الدولي يضغط على المكونات المدنية من أجل أن تقبل شراكة مع العسكريين بأي شكل، وبالتالي شعر العسكريون بأنهم لهم الفوقية والأحقية في إدارة البلاد. وأدت ضغوط المجتمع الدولي إلى نتيجة عكسية.

وأوضحت أن القوى المدنية، بما فيها الحرية والتغيير، لن تقبل أن تدخل في أي شراكة مع الجيش أو الدعم، وستظل تضغط من أجل أهدافها.

وتتوقع الباحثة السياسية أن ينتهي الصراع المسلح قريبا، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي حاليا، لجأ إلى السعودية والإمارات، للتدخل كوسيطين من أجل دفع الطرفين المتحاربين للحوار، خاصة أن الفصيلين العسكريين المتنازعين تربطهما مصالح اقتصادية مختلفة مع الدولتين الخليجيتين.

لكنها أوضحت أن الحوار سيكون بين العسكريين في الوقت الحالي، لذلك طالبت القوى المدنية بضرورة البحث عن أوراق ضغط مختلفة، بجانب التأييد الشعبي، تعيدهم إلي قلب الأحداث في السودان.

من جانبه، يرى زين العابدين أن الاتفاق على شكل واضح لتسليم السلطة للمدنيين وتنظيم قواعد عمل القوات العسكرية سواء الجيش أو الدعم، يعتبر من أصعب المراحل السياسية في السودان، لذلك جعلوها آخر مرحلة.

ويرى أن القوى المدنية في السودان وتحديدا قوى الحرية والتغيير، لا تزال ترى أن الحل الوحيد للأزمة السودانية هو العودة للاتفاق الإطاري، لأنه مهما طال الزمن، لن تتراجع هذه القوى عن مطالبها بالحكم الديموقراطي.

وقال زين العابدين إن ما يحدث حاليا من اشتباكات هو انتكاسة للعملية السياسية، لكن ليست نهايتها.(الحرة) 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا