إقتصاد

لبنان يتوغّل في "متاهة" الزيادات المضاعَفة للرواتب: كلفة شهرية هائلة لزياداتها و تخوّفٌ من تآكلها

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب نذير رضا في "الشرق الأوسط": 

لم يبدّد قرار الحكومة بزيادة رواتب موظفي القطاع العام 4 أضعاف، هواجس الموظفين الذين لم يتخذوا قراراً بعد باستئناف العمل، وسط مخاوف من ارتفاع إضافي بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ما يطيح بقيمة الزيادة، بالتزامن مع هواجس مصرفية من توجه الحكومة إلى خيار تضخيم الأجور، بدلاً من معالجة أساس أزمة النقد والغلاء القائم.

وأعطت الحكومة معظم موظفي القطاع العام من مدنيين وعسكريين، زيادات شملت الإدارات العامة، بما فيها السلك القضائي والمجلس الدستوري والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية والبلديات وكل من يتقاضى راتباً أو أجراً أو مخصصات من الأموال العمومية. وتُسمى تعويضاً مؤقتاً يسدّد اعتباراً من نهاية أيار المقبل. وتعطي الزيادة 4 أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو الملاك في القطاع العام والمتعاقدون والأجراء، أما الموظفون السابقون، فتبلغ زيادتهم 3 أضعاف راتب التقاعد. ويضاف 50 في المئة على بدل الساعة للمتعاقدين في التعليم الأساسي والتعليم المتوسط والتعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني والتعليم الزراعي الفني الرسمي. وتسعى الحكومة من هذه الزيادات إلى إعادة تشغيل عجلة القطاع العام الذي توقفت معظم إداراته منذ أوائل شباط الماضي، مع إضراب موظفي الإدارات العامة، والحد من الاعتراضات والمظاهرات التي قامت خلال الأسبوعين الأخيرين، وكان آخرها بالتزامن مع جلسة الحكومة يوم الثلاثاء. وفي حال أعادت الحكومة تفعيل مؤسساتها الإنتاجية، فإنها ستحقق نسبة جباية مرتفعة لصالح الخزينة، وتزيد إيراداتها المالية في ظل تعثّر بالغ في الجباية نتيجة إضرابات قطاعات إنتاجية مهمة، مثل دائرة تسجيل السيارات ودفع رسوم الميكانيك والدوائر العقارية، وغيرها من القطاعات التي تضخ يومياً الأموال في المالية العامة.

ولا يبدو أن خطة الحكومة ستنهي الأزمة، ففي مقابل ترحيب متحفظ للاتحاد العمالي العام بقوله إن «أي زيادة اليوم غير كافية ولا تسد حاجات المواطنين، إلا أن الفترة صعبة ودقيقة ويجب تسيير المرافق كافة إلى حين نضوج الحل السياسي»، تتجه «رابطة موظفي القطاع العام» لإصدار موقف بعد التشاور، رغم أن المؤشرات الأولية لم تكن كافية لإعادة الموظفين إلى إداراتهم، كما يقول موظفون، وسأل هؤلاء عن الزيادات على الاستشفاء ومنح التعليم، كما لم تستجب الحكومة لمطالبهم بدولرة جزء من الراتب لتجنب تدهور قيمته.

وتتصدر المخاوف على قيمة الراتب، أعلى قائمة الهواجس، بعد نحو شهر على ارتفاع قياسي بسعر صرف الدولار وصل إلى 142 ألف ليرة للدولار الواحد، قبل أن يتراجع إلى نحو 97 ألف ليرة بفعل تدخل المصرف المركزي وضخ الدولارات عبر منصة «صيرفة» العائدة له. وقالت مصادر مواكبة للملف المالي: «ماذا يمنع تكرار سيناريو 20 آذار حين وصل سعر الدولار إلى 140 ألفاً؟ عندها ستكون جميع مكتسبات الزيادات الأخيرة قد تبخرت، لأن قيمتها ستهبط 50 في المائة على أقل تقدير».

ويقول أعضاء في رابطة الموظفين إن أي زيادة بالليرة مهما بلغت قيمتها دون تثبيت سعر منصة «صيرفة» أو دون استقرار سعر الصرف في السوق السوداء «لن تغيّر أي شيء من الواقع المزري للموظفين والمتقاعدين والعسكر والمعلمين والمتعاقدين».
ومن الثغرات أيضاً، تخصيص بدل نقل 450 ألف ليرة (نحو 5 دولارات يومياً) بدل نقل للموظفين، وتخصيص سقف لعدد أيام الدوام، بغرض ضبطها، وتتراوح بين 12 يوماً لأساتذة الجامعات، و18 يوماً للموظفين في إدارات أخرى. ويقول الموظفون إن هذه الزيادات غير عادلة «لأنه إذا ارتفع سعر صرف الدولار إلى سقف الشهر الماضي (140 ألف ليرة) فإن أسعار المحروقات سترتفع، وستطيح بالزيادة على بدل النقل».

وتراهن الحكومة على جمع الزيادات والعائدات من الضرائب والرسوم الجمركية التي ستكون على سعر منصة «صيرفة» بدءاً من الشهر المقبل، أي أن رسم الجمارك سيكون 87 ألف ليرة لكل دولار، بقاعدة متحركة. وقالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الرهانات «لن تكون كافية بالنظر إلى أن البلد مشبع بالمستوردات»، مشيرة إلى أن سوق السيارات «تعاني التخمة كون التجار استوردوا بأرقام كبيرة قبل ارتفاع سعر الجمارك بموجب الموازنة العامة».

كتبت باسمة عطوي في "نداء الوطن":

لا يمكن الجزم بأن ملف رواتب العاملين في القطاع العام قد طوي بشكل نهائي وسليم، بعد أن أقرّت الحكومة في جلستها يوم الثلثاء، بالإضافة إلى الزيادة السابقة بدفع راتبين إضافيين، دفع أربعة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو القطاع العام والمتعاقدون والأجراء. والسبب هو الضبابية التي تحيط بكيفية تغطية كلفة هذه السلسلة الجديدة، والخوف من عدم القدرة على تأمين الأموال اللازمة على غرار ما حصل عند إقرار زيادة الراتبين قبل عدة أشهر. علماً أن وزارة المال تراهن على أن تكون تغطية الكلفة من عائدات الدولار الجمركي الذي تمّ رفعه الى 60 ألف ليرة، ثم الى سعر المنصة الشهر المقبل، والرسوم (الزهيدة) المنوي جبايتها من شاغلي الأملاك البحرية. في الوقت الذي يحذر العارفون بالوضع الاقتصادي، من أن هذه الضرائب الجديدة (الدولار الجمركي والأملاك البحرية)، يمكن أن تؤدي الى مردود عكسي لجهة زيادة الانكماش الاقتصادي وعمليات التهريب، فضلاً عن زيادة معدلات التضخّم، ما يعني أن رهان أهل السلطة هو كالعادة على سمك في البحر وهروب الى الأمام.

زيادة 3 و4 رواتب

بلغة الأرقام وبعد زيادة أربعة أضعاف على رواتب القطاع العام، من المفروض (بحسب ما نصّ قرار الحكومة) أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن ثمانية ملايين ليرة شهرياً، كما قرّرت دفع ثلاثة أضعاف الراتب الأساسي ومتمّماته الذي تتقاضاه الأسلاك العسكرية، على أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن سبعة ملايين ليرة شهرياً. ودفع ثلاثة أضعاف المعاش التقاعدي للمتقاعدين، في جميع الأسلاك الذين يستفيدون من معاش تقاعدي. كما تم تعديل بدل النقل إلى 450 ألف ليرة يومياً، مع اشتراط عدد أدنى من أيام الحضور إلى العمل (14 يوماً). كذلك أقرّت الحكومة رفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 9 ملايين ليرة و250 ألف ليرة لبدل النقل.

عدم إستبعاد الإنكماش

وتؤكد مصادر وزارة المالية لـ»نداء الوطن» على «مراهنة وزارة المال على الضرائب المتأتية من الدولار الجمركي، والأملاك البحرية لتغطية نفقات السلسلة والتي تقدر بنحو 6500 مليار ليرة شهرياً، في حين أن كلفة الإضافة الأخيرة 4000 مليار ليرة شهرياً»، مشددة على أن «الوزير يوسف خليل أخذ في الاعتبار إمكانية حصول انكماش اقتصادي نتيجة رفع الدولار الجمركي، لكن من المفروض أن يدخل الى الخزينة شهرياً نحو 6000 مليار ليرة من الدولار الجمركي، ومن الأملاك البحرية بحدود 20 مليون دولار سنوياً أي نحو 2000 مليار ليرة».

شماس: الكلفة 80 مليون دولار سنوياً

في الميزان الاقتصادي يرى الخبير الاقتصادي غسان شماس لـ»نداء الوطن» أن «كلفة الرواتب الجديدة لن تتجاوز 80 مليون دولار سنوياً على سعر السوق السوداء، وهذا مبلغ ليس صعباً تأمينه في ظل المدفوعات التي يجري تسديدها في أكثر من قطاع»، لافتاً الى أن «تغطية كلفة هذه السلسلة الجديدة للرواتب ستكون بجزء كبير من خلال الدولار الجمركي وبجزء آخر من عوائد الدولة الأخرى. وبغض النظر عن رأينا في هذه الزيادة، إلا أن السيولة بين أيدي المواطنين تؤمّن دورة اقتصادية أفضل، ولا أعتقد انه سيكون هناك حرج أو خوف من كيفية تمويل هذه السلسلة الثانية».

حذار طبع العملة

يضيف: «أهون الشرور وأصعبها هو اللجوء الى طبع العملة وعندها تقع الكارثة، لأنه سيحصل ضخ أكبر للسيولة في السوق ما يؤدي الى زيادة الكتلة النقدية بين أيدي المواطنين، وسنعاود الدخول في دوامة ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء»، معتبراً أنه «في حال حصول هذا السيناريو فهذا دليل إضافي على قصر نظر القيمين على الشأن المالي والاقتصادي في لبنان، وقد يحصل هذا الأمر وليس مستبعداً، لأن القرارات التي تتخذ غالباً ما تكون فجأة ومن دون تمعّن».

رواتب بالدولار «الصيرفي»يسأل شماس:»هل سيسمح لموظفي القطاع العام أن يتقاضوا رواتبهم على دولار صيرفة أقل ممّا هو عليه الآن؟، أنا شخصياً مع هذا الطرح لأن هذه الطريقة يمكن أن توقف التضخم الذي يمكن أن ينتج عن هذه الزيادة، لأن طرح الدولار بدل الليرة سيسمح للموظفين ببيع هذه الدولارات في السوق السوداء ما سيحقّق هدفين: الأول زيادة الرواتب بنسبة معينة، والثاني هو امتصاص الليرة اللبنانية وتحريكها في السوق الاستهلاكية، وهذا يعني زيادة لكتلة الدولار وخفض لكتلة الليرة اللبنانية في السوق، ما يسمح باستقرار نسبي لسعر الدولار في السوق السوداء».

رسوم الأملاك البحرية زهيدة

ويعتبر أن «اتخاذ هذا القرار ليس صعباً، بل هو قرار إداري يمكن أن يتّخذ من قبل مصرف لبنان، وليس بحاجة الى تعميم. وما حصل يوم الثلثاء هو تفكيك المشكلة. في المرحلة الأولى إقرار الزيادة، وبعدها من الممكن اتخاذ قرارات أخرى من قبل مصرف لبنان تجنباً لافتعال المشاكل»، مشدداً على أنه «لا أمل من المراهنة على مردود الأملاك البحرية، لتغطية نفقات زيادة الرواتب لا قبل الأزمة ولا خلالها. فالمبلغ المتأتّي منها متواضع مقارنة مع كلفة السلسلة الجديدة لنحو 400 ألف موظف في الدولة اللبنانية، خصوصاً أن قيمة الضرائب المفروضة عليه زهيدة جداً مقارنة مع قيمتها الحقيقية».

ويختم: «رفع الدولار الجمركي سيساهم في سدّ بعض عجوزات الدولة بالليرة اللبنانية، كون الدولة لا تزال تستوفي الكثير من الرسوم على سعر 8 آلاف و15 ألف ليرة».

جاء في "الراي" الكويتية:

لم تخالف الحكومة اللبنانية الترقّبات التي أفصح عنها مسؤولٌ اقتصادي ونشرتْها «الراي» خلال الأسبوع الحالي (الاثنين الماضي)، وأَقَرَّتْ بالفعل رفْعَ مضاعفات أساس رواتب العاملين في القطاع العام إلى 7 عوضاً عن 3 القائمة حالياً، والعسكريين الى 6 نظير استفادتهم السارية من منحةٍ خارجية طارئة بمعدل 100 دولار شهرياً، من دون أن تغفل بالتوازي إقرار زيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 9 ملايين ليرة شهرياً.

وبالمثل، لم تفلح الحكومة في تحديد مصادر وافية لتمويل هذه الزيادات على الرواتب، والمعزَّزة بمضاعفاتٍ في بدلات النقل والمساعدات الاجتماعية والصحية، فيما رشح أنها ستضاعف في المقابل السعر المعتمد للرسوم الجمركية على المستوردات الخاضعة، من مستوى 45 ألف ليرة الساري منذ أسابيع قليلة فقط الى 60 ألفاً، ثم تحريره بالكامل ليصير موازياً لسعر الدولار المعتمَد على منصة «صيرفة» التي يديرها البنك المركزي (حالياً بحدود 87 ألف ليرة) فضلاً عن إقرار زياداتٍ على إشغال الأملاك العامة البحرية.
هكذا، تصرّ الحكومة على «استنساخ» الآليات المجرَّبة والتي أوصلت الى الفشل المشهود، رغم إدراكها المسبَق لانعدام موارد الخزينة المكافئة لـ «كرم» الزيادات، مستهدِفةً، وفق رأي المسؤول عيْنه، اغراء الموظفين للعودة إلى العمل عبر «وهم» تصحيح «ما أمكن» من الخلل الكبير بين مَداخيل موظفي القطاع العام والارتفاعات الحادة للغاية في متوسطات أكلاف المعيشة، والمترجَمة في أحدث مؤشراتها بارتفاع متوسط الغلاء بنسبة قاربت 200 في المئة خلال الأشهر الستة السابقة وحدها، بينما تعدّى المؤشر التراكمي حاجز ثلاثة آلاف في المئة منذ انفجار الأزمة المالية خريف 2019.

وبمعزل عن الاستنتاج الموضوعي والعلمي بأن تكرار التجارب بالمضامين والوسائل ذاتها، لا يمكن أن يفضي بتاتاً إلى نتائج مختلفة، يستغرب المسؤول خفوتَ الحِراك السياسي والاقتصادي والنقابي وحتى «الشعبوي» في مواجهة الإمعان بسلوكيات الانحرافات المشهودة في الأداء المالي، وما يولّده من تداعياتٍ كارثية على اقتصاد البلد وقطاعاته ومجتمعه.

ففي الأبعاد غير الخفيّة على أحد من المراقبين في الداخل والخارج، تضرب السلطة مجدداً عرضَ الحائط بتعهداتها بأن تنتهي من صوغ خطة الانقاذ والتعافي المتكاملة، وتطيح بالتقارير الدولية التي تركز على أولوية تصحيح الانحرافات المالية. بل هي تدير «الأذن الطرشاء» للدروس التي يحاضر فيها أصحاب القرار في الدولة عن الأزمة الحاضرة وخلفياتها، وعلى وجه الخصوص التباري في التوصيف الأسوأ للقرارات المطابقة لقرارها الأحدث، وفي الطليعة «مكرمات» الدولة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب خريف العام 2017، بما حفلت به من اتهامات بالتضليل «المتعمّد» لحجم الأكلاف المترتبة على المالية العامة بغية ربح استحقاق انتخابات نيابية (انتخابات 2018)، فيما غرق البلد لاحقاً بأسوأ الأزمات المالية والنقدية المستمرة في هدم ركائز القطاع المالي وإفقار الناس.

وفي البُعد المالي، فإن الحكومةَ العاجزة عن ضخ إنفاقٍ «إنقاذي» - لا يمكن الاستمرار بتحاشيه والتحايل على موجباته - في قطاعات الصحة والاستشفاء والأدوية والتعليم ودعم البلديات وعن زيادة ساعات التغذية بالكهرباء وحتى «ترقيع» طرق رئيسية، لم تفصح كيف ستؤمن التمويل بالأرقام وبالمصادر ولا حددت المدى الزمني للعمل ببرنامج دعم الرواتب العامة.

في حين أن أرقام أداء الموازنة للأشهر المنقضية من السنة الحالية لا تزال قيد «المجهول» ريثما تنشرها وزارة المال، علما أن الإنفاق فيها يجري وفق القاعدة الأثني عشرية طبقاً لموازنة العام السابق، وهي لا تحتمل حُكْماً مضاعفاتٍ طارئة على البند الأساسي للمصروفات.

وينطبق الغموضُ غير البنّاء ذاته على البُعد النقدي الغارق بأزمات تشكيلات أسعار الصرف وشبه جفاف موارد العملات الصعبة المتاحة للبنك المركزي. فالقرار ينحو إلى اعتماد السعر الساري للدولار على منصة صيرفة، أي ما يساوي 87 الف ليرة لكل دولار حالياً. فهل بمقدور مصرف لبنان التزام المبالغ المترتّبة التي قد تربو على 75 مليون دولار شهرياً، وإلى أي مدى زمني ايضاً.

مع الإشارة إلى أن ثمة معلومات تتردّد عن مصارحة حاكم المركزي رياض سلامة للمعنيين، وبينهم النقابات المهنية للإدارات العامة، بأن تعهداته الحاضرة تنحصر في فترة ولايته القانونية التي تنتهي في يوليو المقبل.

وهل من خيارات بديلة؟ يستعين المسؤول بتصوراتِ الحكومة المنصوص عنها في «مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية» الممهِّدة لمندرجات خطة التعافي والتي بلغت أروقة المجلس النيابي «خلسة»، قبل أن تصبح «لقيطةً» تنتظر مَن يخرجها مِن نفق المفاوضات العقيمة مع بعثة صندوق النقد الدولي، والتي تكاد بدورها أن تشهر «الخيبة التامة» في إدارة الملف اللبناني بعيد انقضاء السنة الأولى على توقيع الاتفاق الأولي، والمعزَّز بتعهدات رسمية على أعلى المستويات لاقت «التسويف والتهرّب» لاحقاً، ولا سيما لجهة التزام مساره وشروطه الاجرائية والتشريعية خلال أشهر قليلة.

فوفق المطالعة الحكومية التبريرية لإدارة الصندوق، والتي تتناقض تماماً مع السلوكيات القائمة والمعالجات الجزئية التي تتجنّب قصداً اعتمادَ خيارات شفافة ومتكاملة، يَرِدُ في النص: «هناك ضرورة لزيادة الرواتب عن طريق تخصيص المنح الاجتماعية لاستئناف الخدمات العامة التي كانت على وشك الانهيار رغم أن ذلك الإجراء لم يقطع شوطاً طويلاً في درء التدهور الحاد في رواتب القطاع العام. وستركز جهودنا المتعلقة بالإيرادات على إعادة بناء قدرة تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك من خلال تعزيز الإدارة وتحسين الامتثال الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقييم التعرفة الجمركية على الواردات بسعر الصرف الرسمي الموحّد الجديد وسنضيف عدة رسوم أخرى. يُغَطّى العجز المستهدَف في موازنة الدولة من التمويل المتاح خارجياً، وسنبتعد عن التمويل المحلي نظراً لمَواطن الضعف الحالية وهشاشة القطاع المصرفي».

ايضاً، استكملت الحكومة علامة «النضج» والمسؤولية في تحديد الهدف الأساسي لخطة الإصلاح، والمتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي، واستحداث الوظائف ولا سيما للشباب اللبناني الوافد إلى سوق العمل، ومن ثم خفض معدلات الفقر، وتحسين مستوى المعيشة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان في قطاعات الصحة والتعليم، والطاقة على أن تكون هذه القطاعات على رأس الأولويات الحكومية. ثم استدركت من دون إظهار أي جهد أو تكبُّد عناء الخطوات الأولى بأنه «ينبغي أن يهيئ برنامج التصحيح الاقتصادي البيئة الملائمة التي تُشَجِّع القطاعَ الخاص على الاستثمار وتساهم في ازدهاره، وتساعد على تسريع وتيرة النمو. وانطلاقاً من هذا التوجه، ستعمل الحكومة على تحسين بيئة الأعمال، وتؤمن فرصاً متكافئة لتحفيز الاستثمار».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا