انتفاضة سداسية على فرنجية.. من طلب منه أن يتحرك؟ وهل أخطأ حزب الله؟
اختلطت الأوراق الرئاسية دفعةً واحدة، مع تنصّل وزارة الخارجية الفرنسية من كل الترويج عن تبني خيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ومع تأكيد وزارة الخارجية الأميركية، وفق ما نُقل عن مساعدة الوزير لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، ضرورة ابقاء الاستحقاق الرئاسي شأنا لبنانيا بعيدا من التدخلات الخارجية.
يأتي هذا التناغم الفرنسي - الأميركي ليناقض حملة اعلامية - سياسية رعاها حزب الله في اليومين الأخيرين رمت الى رفع اسهم خيار فرنجية وصولا الى الإيحاء بحسم ترئيسه من جهة، وتشكيل حالة ضغط على المكوّن المسيحي الرافض لهذا الخيار من خلال تخييره بين التسوية وبين تكرار مأساة نهاية الثمانينات، نفيا وإبعادا وسجنا، من جهة أخرى.
وعُدّت هذه الحملة تهديدا صريحا للثلاثي المسيحي الرافض لتسوية فرنجية- نواف سلام، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبناينة والكتائب اللبنانية، وهو الأمر الذي قاله رئيس تيار المردة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في لقائهما الأخير هذا الأسبوع، ومن ثم عكسه علنا من منبر بكركي.
وكان لافتا أن التنصّل الفرنسي من خيار فرنجية جاء عقب اتصال لافت في التوقيت والمضمون بين وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ونظيرها السعودي فيصل بن فرحان، وإثر الامتعاض الذي أظهرتهُ الرياض من التسريبات التي تناولت موقفها من الملف الرئاسي والتي أوحت بأنها تغطّي ترئيس فرنجية.
وعُلم أن الرياض تقصّدت في الساعات الأخيرة توضيح موقفها بعبارات واضحة ومباشرة، ما عُدّ ردا على الحملة التي قادها حزب الله، وطرح مجموعة تساؤلات عمّا حصد الحزب من تلك الخطوة غير المحسوبة التي تكتل ضدها الثلاثي المسيحي في الداخل والثلاثي الفرنسي- الأميركي- السعودي في الخارج.
كما وضع بعض المراقبين خطوة الحزب في سياق استباقي لأي تطور قد تحمله زيارة قريبة لوزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي، وأي منحى مضاد لخيار فرنجية قد يتخذه إجتماع مرتقب لمجموعة الدول الخمس المعنية بالشأن اللبناني.
ويُنتظر في هذا السياق ما ستأتي به إطلالة رئيس تيار المردة منتصف الأسبوع المقبل عبر الجديد، والتي من المتوقع أن تسبقها مقابلة متلفزة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع نهاية هذا الأسبوع وأخرى مجدولة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل نهاية الأسبوع المقبل.
من ناحية أخرى، كتبت "ليبانون ديبايت"
مشهد الإرباك والغموض المحيط بالملف الرئاسي، مرشّح لأن يطول ويملأ الوقت الضائع الفاصل عن التسوية الشاملة المقبلة وكذلك الأمر بالنسبة للشغور في رئاسة الجمهورية، وكأن القطار اللبناني يسير عكس السير في المنطقة، كما أن مناخ التخبّط السياسي والدستوري والمالي والإقتصادي وحتى الأمني، يتناقض مع مناخات المنطقة، والتي يصفها الكاتب والمحلل السياسي علي حماده ب "مناخات المصالحات والتسويات، إنما الثنائية".
ويوضح المحلل حماده لـ"ليبانون ديبايت"، أن لبنان بعيد عن هذه الأجواء، حيث أن المصالحات العربية أي مع النظام في دمشق، تسير وفق مسارات ثنائية وتجريها كل دولة بشكلٍ منفرد ووفق قراءتها للعلاقة مع دمشق، وذلك بالتوازي طبعاً مع الإتفاق السعودي – الإيراني، وهو اتفاق ثنائي، لكنه يتعامل مع الملفات المشتركة في المنطقة، فيما الملفين الأساسيين على طاولة الرياض وطهران، هما العلاقات الثنائية وملف اليمن.
أمّا بالنسبة لملف لبنان، فلم يأت دوره بعد، بحسب حماده، الذي يكشف أنه جرى التداول بالملف اللبناني من زاوية التداول "بالأذى الآتي من لبنان على السعودية وهو أذى إيراني، أي الحملات الإعلامية والعمل الأمني والمخابراتي وتهريب المخدرات من سوريا عبر الأراضي اللبنانية وبحماية واضحة المعالم، لكن حتى الآن ليس هناك من كلام يتناول التسوية السياسية في لبنان".
ورداً على سؤال عن موعد التسوية اللبنانية، يؤكد حماده أنها ستتأخر، موضحاً أن الرئاسة في لبنان هي موضوع ذو شقّين، شق إقليمي - دولي متصل بالقوى الإقليمية مثل السعودية وإيران والدولية مثل باريس وواشنطن، وحتى أن موسكو معنيّة أيضاً.
ولكن الشقّ الآخر، يضيف حماده، فهو يتمثل بالموقف المسيحي الذي يمثل غالبيةً كبيرة من النواب المسيحيين في المجلس النيابي، والتي تعارض ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وتعتبره مرشّح "حزب الله"، وقد لا تقبل بتسوية يجري إسقاطها على الواقع اللبناني من باريس.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، لا يرى حماده أية إشارات حول حسمٍ قريب، كاشفاً عن "تحريك لفرنجية، بمعنى أنه طُلب من فرنجية أن يتحرك في الملف الرئاسي، ولكن في ما يتعلق بالموضوع الإقتصادي والمالي، فإن الأمر معلّق، لأن الموضوع لا يتعلق فقط برئاسة الجمهورية، بل يجب الإعلان أيضاً عن هوية رئيس الحكومة، والتفاهم على طبيعتها وبرنامجها قبل تشكيلها، بالإضافة إلى العديد من الملفات المتعلقة بالسلطة، ولذلك فإن الإنتظار سيطول أشهراً وليس لأسابيع معدودة.
وعن قدرة لبنان واللبنانيين على الصمود، يجزم حماده أن لبنان يستطيع الصمود ولكن "الصمود سيكون في القعر، وهو ليس صموداً بالمعنى الصحيح، بل تطبيع للشعب اللبناني"، ويؤكد أنه "طالما لم يتحرك الشعب اللبناني للإحتجاج على هذا الواقع المزري، فلبنان يستطيع أن يبقى بحالة الدولة الفاشلة أو التي تلامس الفشل، ووفق المعالجات الترقيعية التي تمارسها حكومة تصريف الأعمال وفي ظل الفراغ الرئاسي، فإن الوضع سيبقى كما هو، معلقاً ومؤجلاً لأمدٍ بعيد".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|